- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 23/Jun 20:57

للقراءة: "الأجيال الضائعة" أم "الوعي العميق"

في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة وتتعدد فيه أشكال الارتباط الافتراضي، يبرز مصطلح الإدمان كقاسم مشترك بين شرائح واسعة من المجتمع، خاصة بين أبناء الجيل Z. بعيدًا عن التصنيفات التقليدية للإدمان، يأتي كتاب الدكتور غابور ماتيه ليقدم رؤية جديدة ومغايرة لهذه الظاهرة، معتبرًا إياها صدى لألم داخلي غير معالج. لطالما ارتبط مفهوم الإدمان بالمواد الممنوعة أو السلوكيات الضارة الواضحة، لكن مع التطور التكنولوجي، اتخذ الإدمان أشكالًا أكثر خفاءً وتغلغلًا في حياة الشباب. من إدمان الألعاب الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي إلى إدمان المحتوى السطحي والمقارنات المستمرة، يبدو أن أبناء الجيل Z يعيشون في دوامة من السلوكيات القهرية التي غالبًا ما تُفسر على أنها مجرد عادات سيئة. الدكتور غابور ماتيه، المختص في هذا المجال، يقدم في كتابه تحليلًا معمقًا وغير مسبوق لظاهرة الإدمان. يرفض ماتيه النظرة التجريمية للإدمان، بل يطرحها كحالة إنسانية معقدة، متجذرة في الصدمات النفسية المبكرة في الطفولة. يرى الدكتور ماتيه أن كل سلوك إدماني هو في جوهره محاولة يائسة لملء فراغ داخلي عميق، أو للتعامل مع ألم عاطفي لم يتم شفائه. تزداد أهمية هذا الطرح بشكل خاص للجيل Z، الذي يواجه تحديات فريدة لم يعرفها من سبقوه. هذا الجيل، الذي نشأ في ظل ثورة رقمية هائلة، يجد نفسه غارقًا في أنواع جديدة من الإدمان، ليس فقط إدمان المنصات الرقمية، بل يتعداه إلى الإدمان العاطفي والجسدي الناتج عن العزلة والمقارنات المستمرة. يقدم الكتاب لقرائه، وبخاصة أبناء الجيل Z، فرصة ذهبية لفهم أعمق لذواتهم ودوافعهم الخفية. بأسلوب أدبي شيق وممتع، يبسط الدكتور ماتيه مفاهيم علمية معقدة، مما يجعله مرجعًا قيمًا ليس فقط للمتخصصين، بل لكل من يسعى لاستكشاف أعماق السلوك البشري وفهم الدوافع الكامنة وراء أفعالنا. يُعد هذا الكتاب، بما يقدمه من رؤى ثاقبة ومنهج إنساني فريد، قراءة ضرورية لجميع أبناء هذا الجيل وكل من يهتم بفهم التحديات النفسية التي تواجه الشباب في عصرنا الحالي