- ALBILADPRESS.COM - A la Une - امس 05:45

سفر بطيء بجمال لا يوصف

لطالما ارتبط السفر بالقطار بصورة شاعرية تعكس الهدوء والتأمل، ومع وجود خطوط قطارات تخترق الجبال والوديان، وتعبر الصحارى والغابات، تصبح الرحلة أكثر من مجرد وسيلة نقل، بل تجربة بصرية وروحية غنية. تختلف هذه الخطوط حول العالم من حيث التضاريس والطابع المعماري والطبيعي الذي تمر به، لكن جميعها تتفق على شيء واحد: أنها تمنح الركاب لحظات من الانبهار لا تُنسى، ونافذة مفتوحة على مشاهد يصعب الوصول إليها بوسائل أخرى. قطارات جبال الألب ونوافذ تفتح على السحر الأوروبي من بين أشهر خطوط القطارات في أوروبا وأكثرها إبهارًا، يأتي "جلاتشر إكسبريس" في سويسرا، والذي يربط بين مدينتي زيرمات وسانت موريتز عبر جبال الألب. يُعرف بأنه "أبطأ قطار سريع في العالم"، ويمنح الركاب فرصة مشاهدة مناظر بانورامية تشمل قممًا ثلجية، ووديانًا عميقة، وجسورًا حجرية مذهلة تمتد فوق الأنهار. العربات الزجاجية تضاعف من سحر التجربة، وتجعل من كل لحظة مشهدًا سينمائيًا حيًا. كذلك، يبرز خط "بيرنينا إكسبريس" بين سويسرا وإيطاليا، والذي يصعد تدريجيًا إلى ارتفاع يزيد عن 2200 متر دون الحاجة إلى نفق، مارًا بغابات خضراء، وبحيرات متجمدة، وقرى صغيرة بطابع أوروبي تقليدي. كما يُعد "ويست هايلاند لاين" في اسكتلندا واحدًا من أجمل الخطوط في الجزر البريطانية، حيث يمر القطار بجانب البحيرات الهادئة والتلال المغطاة بالضباب، ويعبر جسر "جلينفينان" الشهير الذي اشتهر في أفلام "هاري بوتر"، ما يجعله محط جذب لهواة السينما والطبيعة معًا. رحلات عبر قارات وثقافات متنوعة في آسيا، يحتل "قطار الشاي" أو "القطار الأزرق" في سريلانكا مكانة خاصة بين أجمل الخطوط، خاصة في المسافة بين كاندي وإيلا. يعبر القطار تلالًا خضراء مغطاة بمزارع الشاي، ويخترق قرى ريفية وشلالات تنحدر من الجبال. الركوب في عرباته المفتوحة، حيث يمكنك التعلق بالأبواب أو الجلوس بجانب النوافذ العريضة، يضيف طابعًا خاصًا من الحرية والاندماج في المشهد الطبيعي. أما في أمريكا الجنوبية، فهناك "قطار السحاب" في الأرجنتين، الذي يمر على ارتفاعات شاهقة تصل إلى أكثر من 4000 متر فوق مستوى سطح البحر، عابرًا الصحارى والجسور المعدنية العالية في منطقة الأنديز. التجربة هناك ليست فقط بصرية، بل تشمل تحديًا جسديًا بسبب نقص الأوكسجين، مما يجعلها مغامرة فريدة في نوعها. وفي إفريقيا، يقدم "البلو ترين" في جنوب أفريقيا مزيجًا نادرًا من الفخامة والطبيعة البرية، إذ يمر بين بريتوريا وكيب تاون، مارًا بسفوح الجبال وحقول الكروم، ويفتح نافذته على جمال القارة المتنوع. أما في أستراليا، فيأخذك "ذا غان" من الشمال إلى الجنوب عبر قلب الصحراء الأسترالية، في رحلة تستغرق عدة أيام وتكشف لك الوجه الآخر من البلاد، حيث السكون واللون الأحمر المميز للأرض. خطوط تستحق أن تكون الوجهة بحد ذاتها ما يجعل هذه الخطوط استثنائية هو أنها ليست فقط وسيلة لبلوغ مكان ما، بل هي الوجهة نفسها. الركوب فيها هو فعل سفر كامل، يحمل معه دهشة الاكتشاف وإيقاع الرحلة الهادئ، ويعيد للذهن معنى الرحلة قبل أن تسرقنا السرعة من تفاصيل الطريق. هي تجارب تتشابك فيها الطبيعة مع الهندسة، والتاريخ مع الحداثة، وتبقى محفورة في الذاكرة كواحدة من أجمل الطرق التي يمكن أن يرى بها الإنسان العالم. في نهاية المطاف، يبقى السفر بالقطار، على هذه الخطوط الأسطورية، دعوة مفتوحة للنظر من النافذة وتلقي الجمال كما هو: صادق، بري، وهادئ. تم نشر هذا المقال على موقع سائح