- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 09/Aug 19:27

3500 توقيع لمشاهير العالم تحت سقف واحد

يُعد جمع التواقيع واحدة من الهوايات النادرة التي تجمع بين الشغف بالتاريخ والرغبة في الاحتفاظ بجزء من اللحظات الخالدة، فهي ليست مجرد خطوط على ورق، بل شهادات حية على لقاءات وأحداث صنعت أثرًا في الذاكرة الإنسانية، هذه الهواية، التي ربما ينظر إليها البعض على أنها بسيطة أو هامشية، تحمل في طياتها قيمة ثقافية وتوثيقية كبيرة، إذ تمثل جسرًا بين الأجيال، يربط الماضي بالحاضر ويتيح للأجيال القادمة الاطلاع على بصمات شخصيات أثرت في مسار التاريخ والفن والرياضة. في البحرين، تجسدت هذه الفكرة في مبادرة فردية فريدة أطلقها الشاب البحريني حمد الكوهجي، الذي حول ولعه بجمع التواقيع إلى مشروع ثقافي وفني متكامل عندما أسس متحفه الخاص “Masterpiece Museum”، هذا المتحف الذي يحتفل هذا العام بمرور 5أعوام على إنشائه، أصبح عنوانًا مميزًا لكل محب للفن والتاريخ، ومقصدًا لعشاق المقتنيات النادرة من مختلف أنحاء المملكة وخارجها. بداية الحلم تعود جذور شغف الكوهجي إلى أكثر من 20عامًا، حينما بدأ مسيرته كهواة كُثر، يجمع التواقيع الأصلية لشخصيات بارزة على مستوى العالم، ومع مرور الوقت، لم يكن هدفه مجرد جمع أوراق موقّعة، بل كان يبحث عن قصص هذه التواقيع، واللحظات التي كُتبت فيها، والذكريات التي ارتبطت بها، فكل توقيع في نظره ليس مجرد اسم مكتوب، بل هو قطعة من التاريخ تحمل روح صاحبها، سواء كان فنانًا عالميًا أو نجمًا رياضيًا أو شخصية سياسية مرموقة.  3500 توقيع  على مدار عقدين، تمكن الكوهجي من تكوين مجموعة مذهلة تضم أكثر من 3500 توقيع أصلي لمشاهير وشخصيات مؤثرة من مختلف مجالات الحياة، من بين هذه التواقيع، نجد أسماء لنجوم السينما والموسيقى العالمية، وأبطال رياضيين، وشخصيات فكرية وأدبية، وحتى قادة سياسيين تركوا بصماتهم على الساحة الدولية، كل توقيع من هذه المجموعة يروي حكاية خاصة، بعضها ارتبط بلقاء مباشر، وبعضها جاء عبر تواصل دولي وجهود مضنية للوصول إلى الشخصية المعنية. فن مصاحب للتوثيق ولم يكتف الكوهجي بجمع التواقيع فحسب، بل ابتكر طريقة فنية خاصة لتقديمها للزوار، فهو يصنع مجسمات يدوية عالية الدقة، تحاكي الشخصيات أو الرموز المرتبطة بالتوقيع، مستخدمًا خامات متنوعة كالطين والخشب والريزن، ليضيف بذلك بعدًا بصريًا وجماليًا فريدًا لكل قطعة، هذه المجسمات لا تجعل العرض أكثر جاذبية فحسب، بل تمنح الزائر تجربة حسية ووجدانية، وكأنه يعيش اللحظة التي وُقّع فيها المستند أو الصورة. متحف كمنصة ثقافية اليوم، أصبح “Masterpiece Museum” أكثر من مجرد قاعة عرض؛ إنه منصة تفاعلية تجمع بين التوثيق الفني والتعليم الثقافي، فالمتحف يقدم جولات تعريفية وورش عمل للأطفال والشباب تهدف إلى غرس حب التاريخ وتقدير قيمة المقتنيات النادرة، كما أنه يسلط الضوء على أهمية الحفاظ على الإرث المعاصر، ويعكس صورة البحرين كدولة تحتضن المبادرات الفردية المبتكرة التي تعزز الهوية الثقافية. من البحرين للعالم من خلال هذا المشروع، يبعث الكوهجي رسالة واضحة مفادها أن الشغف يمكن أن يتحول إلى إنجاز وطني، وأن الهوايات التي قد تبدو للبعض بسيطة يمكن أن تصبح إرثًا حضاريًا إذا ما اقترنت بالإصرار والرؤية الواضحة، وهكذا، بات المتحف شاهدًا حيًا على رحلة شخصية بدأت بهواية صغيرة في البحرين، وانتهت بصرح ثقافي يضم آلاف التواقيع والمقتنيات التي تربط المملكة بالعالم. بهذا الجهد الدؤوب، رسّخ الكوهجي مكانة متحفه كأحد المعالم الثقافية في البحرين، ومقصدًا للمهتمين بالفن والتاريخ على مستوى المنطقة، ليبقى شاهدًا على أن التوقيع قد يكون أحيانًا أكثر من مجرد خط على ورق، بل نافذة تطل على قصة إنسانية خالدة.