- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 09/Aug 21:32

الرضاعة الطبيعية رسالة إنسانية تزدهر قيمها بدعم المجتمع للأم المرضعة

أكدت مريم المهدي، استشارية رضاعة طبيعية معتمدة وأخصائية أمومة، أهمية الرضاعة الطبيعية لما لها من فوائد جمّة للأم، حيث تُحفّز انقباض الرحم بعد الولادة مباشرة وخلال فترة النفاس، مما يساعد على عودته إلى الحجم الطبيعي في فترة قياسية. كما تُساعد على فقدان الوزن والوقاية من السمنة، وتقي من بعض الأمراض مثل السكري من النوع الثاني وهشاشة العظام وسرطان الرحم والمبيض والثدي، ناهيك عن كونها وسيلة فعالة لمنع الحمل لمدة قد تزيد على ستة أشهر. كما تُساهم بشكل ملحوظ في خفض معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بشكل ملحوظ.  وأضافت أنه بالنسبة للطفل، تُعتبر الرضاعة الطبيعية التطعيم الأول، لما يحتويه حليب الأم من أجسام مضادة تُعزّز المناعة وتقي من الأمراض المعدية، وأمراض الجهاز الهضمي والتنفسي، والتهابات الأذن، وتسوس الأسنان. كما تلعب دورا مهما في نمو الدماغ والجهاز العصبي، مما يُعزّز النمو السليم ويحسّن الذكاء والقدرات المعرفية، حيث يحتوي حليب الأم على جميع العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الرضيع، خصوصًا خلال الأشهر الستة الأولى من عمره. كما تلعب دورا مهما في نمو الطفل العاطفي والنفسي، حيث يكون واثقًا من نفسه بشكل كبير. وأشارت إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الأمهات في الرضاعة الطبيعية في البحرين غالبًا هي برمجة الأم المرضعة على أنها لن تكون قادرة على إرضاع الطفل، وأنه يجب عليها الاستعانة بالحليب الصناعي لتلبية احتياجات الرضيع الغذائية، خصوصًا الأم التي أنجبت توأما ثنائيا أو ثلاثيا. وكذلك التحديات الصحية للأم والطفل، كمرض الأم بعد الولادة أو تواجد الطفل الرضيع في العناية المركزة للأطفال. كما تلعب مشاكل الثدي دورًا كبيرًا في عرقلة سير آلية الرضاعة، مثل التشققات والالتهابات وتحجر الثدي. ولا يمكن تجاهل الحالة النفسية للأم بعد الولادة، خصوصًا إذا كانت مصابة باضطراب ما بعد الصدمة أو ما بعد الانفصال أو الفقد أو بالاكتئاب الشديد الذي يؤدي إلى الذهان. ولفتت إلى أن دعم المجتمع والعائلة للرضاعة الطبيعية أصبح أفضل بكثير مما كان عليه في السابق، وذلك لأن نشر الوعي أصبح أكثر فعالية وبصورة أجمل وقابل للإقناع. وكشفت عن مبادرات رسمية لدعم الأمهات في مرحلة الرضاعة، كمبادرة المستشفيات الصديقة للأم والطفل، وتقديم ورش عمل الرضاعة الطبيعية لتدريب مقدمي الرعاية الصحية، كما تم إنشاء اللجنة الوطنية للرضاعة الطبيعية وتشريعاتها منذ العام 1992. وتتمتع الأمهات العاملات بأحقية الحصول على ستين يوم إجازة وضع مدفوعة الراتب، وساعتي رعاية لمدة سنتين بعد الولادة. وقالت: “تحتفل مملكة البحرين بأسبوع الرضاعة الطبيعية العالمي من الأول إلى السابع من شهر أغسطس، حيث يكون نشر الوعي والتوعية بأهمية الرضاعة الطبيعية في ذروته عن طريق الإذاعة المسموعة والمرئية ووسائل التواصل الاجتماعي والصحف”. وأضافت أنها، على الصعيد الشخصي، تقوم بدورها التوعوي والتثقيفي عن طريق تقديم الاستشارات والتدريبات وورش العمل للآنسات المقبلات على الزواج، والسيدات الحوامل، وكذلك الأمهات الوالدات. ولا تنسى الدور المركزي للزوج، والذي بدوره قد أصبح أبًا، في زيادة وعيه بالوالدية وتأثيرها على الرضاعة الطبيعية. دعت إلى ضرورة تصحيح المفاهيم والمعتقدات الخاطئة التي تُبنى على تجارب شخصية ويتم تداولها عبر الأجيال، وذلك من خلال زيادة التوعية وإجراء البحوث الميدانية. وتابعت: “أبرز هذه المفاهيم والمعتقدات الخاطئة اعتقاد الأم بأنها لا تملك الحليب الكافي لاحتياجات رضيعها وأنه غير مشبع، وأن عليها أن تستعين بالحليب الصناعي. وكذلك تأكيد الفكرة الخاطئة من قبل الأهل أن على الأم أن تسقي الطفل الماء أو ماء الأعشاب، وأن الأم لا تستطيع إرضاع طفلها إذا كانت تتناول الأدوية، وأن الرضاعة قد تفسد شكل الثدي، وأن الطفل يجب أن يرضع كل ثلاث ساعات، مع أنه يُفترض أن يرضع عند الطلب”. وحذّرت من بعض من يُقدمن أنفسهن كأخصائيات رضاعة طبيعية، ويقمن بنصح الأمهات بإزالة ربط الشفاه العليا أو ربط اللسان جراحيًا دون تقييم دقيق لآلية الرضاعة، مؤكدة أن “ليس كل ربط يستوجب الإزالة”. وبيّنت أن الأم تحتاج إلى استشارة عامة عند التخطيط للحمل، وأثناء الحمل، وكذلك بعد الولادة، للحصول على التوجيهات المناسبة لإرضاع الطفل بشكل صحيح. كما تُعد الاستشارة ضرورية عندما تواجه الأم والطفل صعوبات في آلية الرضاعة الطبيعية، مثل مشكلات الثدي كتحجره، والتشققات، والالتهابات، أو صعوبات التقام الثدي لدى الرضيع. ويُفضل أن تطلب الأم المساعدة عند ملاحظة بوادر مثل احمرار أو ألم في الثدي، أو بكاء الطفل المستمر، أو عدم قدرته على التقام الثدي بشكل سليم. ونوّهت إلى أن الحليب الصناعي قد يكون ضروريًا عندما لا تكون الأم قادرة على الإرضاع، ويُعدّ خيارًا يُلجأ إليه عند الحاجة القصوى فقط، مثل إصابة الأم بالأمراض التي تستوجب العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، أو تناول بعض الأدوية، أو شح الحليب. وكذلك في حال إصابة الأم بالذهان، مما قد يؤدي إلى إمكانية إيذاء الطفل جسديًا من قبلها، أو إذا كان الطفل يعاني من مرض الجالكتوسيميا، حيث لا يستطيع هضم سكر الحليب. وأوضحت أن البعض يتعامل مع الحليب الصناعي وكأنه من الضرورات؛ لكنه يُعدّ خيارًا يُلجأ إليه عند الحاجة القصوى فقط. وأكدت أنه له أضرار كثيرة، حيث إنه مكلف ماديًا للأسرة، وتحضيره يحتاج إلى نظافة شديدة، وهو لا يحتوي على أجسام مضادة، وبالتالي لا يحمي الطفل من الأمراض، بل يجعله عرضة لها. فيكون الطفل مُهيّأً للإصابة بأمراض الهضم والأذن ونزلات البرد المتكررة والحساسية، ويزيد خطر الإصابة بالسمنة والسكري، وأيضًا يُضعف الارتباط العاطفي بين الأم ورضيعها. واختتمت حديثها بالقول: “الرضاعة الطبيعية رسالة إنسانية بحتة، تنمو وتزدهر قيمها بدعم المجتمع للأم المرضعة على جميع الأصعدة، وهذا ما يجسده شعار الأسبوع العالمي هذا العام: “الاستثمار في الرضاعة الطبيعية استثمارٌ في المستقبل”. وتؤكد أن وعي اليوم هو استثمار الغد”.