يكتسب الطب الوراثي اليوم أهمية متزايدة بوصفه إحدى الركائز الأساسية في فهم وتشخيص...
Vous n'êtes pas connecté
يكتسب الطب الوراثي اليوم أهمية متزايدة بوصفه إحدى الركائز الأساسية في فهم وتشخيص الأمراض النادرة والمزمنة، ويُعد حائط الصد الأول أمام انتشار الأمراض الوراثية، خصوصًا تلك التي تنتقل جينيًا وتؤثر على حياة الأفراد منذ اللحظة الأولى لولادتهم. وانطلاقًا من إيماننا بأهمية هذا التخصص، زارت “صحتنا” المركز الوطني للصحة الوراثية بسلطنة عُمان، للاطلاع عن قرب على تجربة السلطنة في هذا المجال. وخلال الزيارة، التقت “صحتنا” بالدكتورة نادية موسى الهاشمي، استشاري أول أمراض وراثية كيميائية ورئيسة الرابطة العُمانية للأمراض الوراثية، وهي طبيبة دفعتها إنسانيتها إلى خوض غمار هذا التخصص، رغبةً في توفير إجابات حاسمة للمرضى وأسرهم، بعد أن واجهت العديد من الحالات الغامضة التي استعصت على التشخيص، فاكتشفت وجود فجوة كبيرة في فهم الأمراض ذات الطابع الوراثي. ذلك الاكتشاف غيّر نظرتها إلى الحياة، وحوّل عملها إلى رسالة سامية. كانت من أوائل المؤسسين لهذا المجال في مستشفى السلطاني، المستشفى الحكومي الأول في السلطنة، وأسهمت في تأسيس البرنامج العُماني للفحص المبكر لحديثي الولادة، الذي تصفه بأنه من أهم إنجازات الصحة العامة في البلاد. وأكدت الدكتورة نادية أن الطب الوراثي في السلطنة يشهد تطورًا تدريجيًا واعدًا، إذ تم إدخال الفحوصات الجينية جزئيًا إلى النظام الصحي، إلى جانب إطلاق مبادرات وطنية للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية، وتنفيذ برامج مهمة في مجال الوقاية الوراثية. كما أشارت إلى ملاحظة تكرار عدد من الأمراض الوراثية النادرة في المجتمع العُماني، نتيجة انتشار زواج الأقارب، موضحة أن بعض المفاهيم الخاطئة ما زالت قائمة، فضلًا عن وجود قدر من الحرج لدى البعض في طلب المشورة الوراثية. وفي هذا الإطار، كان لـ*”صحتنا”* هذا اللقاء الخاص مع الدكتورة نادية الهاشمي، للحديث عن مسيرتها الحافلة، ورؤيتها لمستقبل الطب الوراثي في عُمان. أكدت الدكتورة نور البوسعيدية أن بدايتها في الطب الوراثي كانت ثمرة شغف مبكر بفهم الأسباب العميقة للأمراض، خاصة تلك التي تصيب الأطفال. فدرست الطب في جامعة السلطان قابوس، ثم التحقت ببرنامج الزمالة في طب الأطفال ضمن المجلس العماني للاختصاصات الطبية (OMSB). لاحقًا، وبتشجيع من رئيس قسم الأطفال آنذاك، الدكتور محمد الحوسني، قررت التخصص في الأمراض الوراثية نظرًا للحاجة الكبيرة لهذا المجال في السلطنة، فالتحقت ببرنامج الزمالة في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض، أحد أبرز المراكز المتخصصة في الوراثة على مستوى المنطقة. وبيّنت أن الدافع الذي جذبها لهذا التخصص النادر والدقيق كان مزيجًا من الشغف الشخصي والحاجة الماسة. ففي أثناء عملها في طب الأطفال، واجهت العديد من الحالات الغامضة التي لم يكن لها تفسير واضح، وشعرت أن هناك فجوة كبيرة في تشخيص الأمراض ذات الطابع الوراثي، إضافة إلى شغفها بالعلوم الجزيئية. وكان هناك دافع إنساني لتوفير إجابات لهؤلاء المرضى وأسرهم. كما أن عدم توفر هذا التخصص في مستشفى السلطاني حينها كان حافزًا قويًا جعلها تشعر بالمسؤولية للمساهمة في تأسيسه. وقالت: “الطب الوراثي غيّر نظرتي للحياة، فقد أصبح رسالتي وليس مجرد تخصص.” وأشارت إلى أن أبرز المحطات الأساسية التي تعتز بها هي تأسيس وتطوير خدمات الأمراض الوراثية في مستشفى السلطاني، سواء على المستوى العيادي أو المختبري أو التوعوي، وإدخال وسائل التشخيص الجيني الحديثة، بما في ذلك الفحوصات الجزيئية الدقيقة للحالات المعقدة، وإطلاق برامج وقائية مثل برنامج الفحص الوراثي أثناء الحمل (Prenatal Diagnosis) وبرنامج الفحص الجيني ما قبل الغرس (PGT)، التي فتحت آفاقًا جديدة وأملًا كبيرًا للأسر. وتابعت: كذلك المشاركة في تأسيس البرنامج العُماني للفحص المبكر لحديثي الولادة، الذي نعتبره من أهم إنجازات الصحة العامة في السلطنة. وشاركت في برنامج الجينوم العُماني، وهو مشروع وطني طموح لفهم البنية الجينية للمجتمع العماني وتطوير أدوات تشخيص وعلاج مخصصة. كما أنها من المؤسسين للرابطة العُمانية للطب الوراثي، التي تأسست بهدف دعم وتطوير هذا التخصص وخدمة المرضى المصابين بالأمراض الوراثية في السلطنة. وعلى المستوى البحثي، تفتخر بقيادة والمشاركة في عدة دراسات وطنية شملت مئات المرضى المصابين بأمراض وراثية نادرة مثل أمراض التخزين (MPS، NCL وغيرها)، واضطرابات الأيض، وجالاكتوسيميا، ومتلازمة ريت، مع التركيز على العلاقة بين الطفرات الجينية والمظاهر السريرية. وألمحت إلى أن الطب الوراثي في السلطنة يشهد تطورًا تدريجيًا واعدًا. فخلال السنوات الماضية، تم بناء قدرات وطنية في هذا المجال، سواء من حيث الكوادر البشرية أو البنية المخبرية. كما توجد عيادات تخصصية، وتم إدخال الفحوصات الجينية جزئيًا في النظام الصحي. وتابعت: لكن لا تزال هناك تحديات، خصوصًا في الوعي المجتمعي، حيث ما زالت هناك بعض المفاهيم الخاطئة ونوع من الحرج في طلب المشورة الوراثية. نعمل جاهدين على رفع مستوى الوعي والتثقيف المجتمعي، بالتعاون مع المؤسسات التعليمية والإعلامية. وكشفت أن مستشفى السلطاني بدأ فعليًا بإجراء فحوصات التسلسل الجيني الكامل (Whole Exome Sequencing) لبعض الحالات، لكننا ما زلنا في مرحلة البداية. توجد بنية تحتية جيدة نسبيًا، لكنها بحاجة إلى توسعة ودعم مستمر. وأشارت إلى أن أهم التحديات تشمل محدودية الكوادر المتخصصة في التحاليل الجينية، وتأخر النتائج في بعض الحالات، والحاجة إلى تقنيات تحليل وتفسير البيانات الجينية، إضافة إلى إدماج الفحوصات الوراثية بشكل فعّال ضمن الرعاية الصحية الروتينية. ولفتت إلى وجود مبادرات وطنية للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية في عُمان وعدة برامج وطنية مهمة في مجال الوقاية الوراثية، ومنها برنامج الفحص المبكر لحديثي الولادة للكشف عن الأمراض الاستقلابية والهرمونية، وبرنامج فحص ما قبل الزواج لأمراض الدم الوراثية مثل الثلاسيميا والأنيميا المنجلية، وهو إلزامي ومهم جدًا في الحد من انتقال هذه الأمراض، وبرامج الفحص الوراثي أثناء الحمل (Prenatal Diagnosis) للحالات المعرضة لخطر وراثي، وبرنامج الفحص الجيني ما قبل الغرس (PGT) بالتعاون مع مراكز الإخصاب، وهو خيار وقائي مهم للأسر التي لديها طفرات وراثية معروفة. ونوّهت إلى أنه لتعزيز هذه المبادرات، يحتاجون إلى توسيع نطاق الفحوصات، ودعم المختبرات الوطنية، وتدريب الكوادر، وتكثيف حملات التوعية المجتمعية حول أهمية الكشف المبكر والإرشاد الوراثي. وأشارت إلى أن معظم الأمراض النادرة سببها طفرات جينية، وبالتالي فإن الطب الوراثي هو الأداة الأساسية لتشخيصها. وأن التشخيص الجيني لا يمنح فقط الاسم الصحيح للحالة، بل يُمكّن من بدء علاج مبكر أو موجه، وتجنب تدخلات غير ضرورية، وتقديم مشورة وراثية دقيقة للأسرة، والتخطيط للمستقبل بناءً على فهم واضح. وفي حالات كثيرة، غيّر التشخيص الجيني مسار حياة مريض وأسرة كاملة. وأضافت أنهم لاحظوا تكرارًا لعدد من الأمراض الوراثية النادرة في السلطنة نتيجة لانتشار زواج الأقارب، ومن أبرزها الأمراض الاستقلابية مثل الجالاكتوسيميا وMSUD، وأمراض التخزين مثل MPS، ونيمان-بيك، وNCL، والمتلازمات العصبية الوراثية، وبعض الطفرات الجينية التي تنتشر في مناطق معينة نتيجة ما يُعرف بالطفرات المؤسسة (founder mutations). وأوضحت أن هناك تعاونًا بين وزارة الصحة وجمعيات دعم المرضى النادرين؛ لكنه ما يزال في بداياته ويحتاج إلى تنظيم وتطوير. وهناك مبادرات فردية طيبة من بعض الجمعيات، لكنهم بحاجة إلى شراكة ممنهجة تشمل الدعم النفسي والاجتماعي، وتوفير العلاجات المكلفة، وورش عمل وتدريب للأسر، ومشاركة فعّالة في التوعية المجتمعية. وفي رسالة وجهتها لأسر المرضى الوراثيين في عُمان، قالت: “أنتم لستم وحدكم. هناك من يعمل من أجلكم ويسعى لتقديم الدعم العلمي والإنساني. لا تترددوا في طلب المشورة أو التوجيه، فكل سؤال مشروع، وكل حالة تستحق الاهتمام.” وأكدت أن المرض الوراثي ليس نهاية، بل هو بداية لفهم أعمق وتخطيط أفضل وأمل جديد. نحن هنا لنرافقكم علميًا وإنسانيًا، خطوة بخطوة. وفي ختام حديثها، أكدت أن المستقبل في مجال الطب الوراثي في عُمان واعد جدًا، فهناك دعم واضح من وزارة الصحة لتطوير هذا التخصص وتوسيع خدماته، ودمجه ضمن منظومة الطب الوقائي والدقيق. وقالت: “نحن الآن على أعتاب مرحلة جديدة، هدفها ليس فقط علاج المرض، بل منع حدوثه، والتخطيط لمستقبل صحي أكثر وعيًا واستعدادًا”.
يكتسب الطب الوراثي اليوم أهمية متزايدة بوصفه إحدى الركائز الأساسية في فهم وتشخيص...
في دراسة جديدة رائدة، وجد باحثون في جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة أن عدداً...
حذرت تقارير طبية من خطورة سرطان الغشاء المخاطي للفم، معتبرة إياه أحد أكثر الأورام...
فحوصات وقائية للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والسرطان مرونة في إدارة المواعيد...
ما الذي يجعل بعض الأشخاص يستخدمون اليد اليسرى، ولماذا يكون عدد الأشخاص الذين...
ما الذي يجعل بعض الأشخاص يستخدمون اليد اليسرى، ولماذا يكون عدد الأشخاص الذين...
أكد الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة، أن مبادرة الرئيس عبد...
كشفت دراسةٌ جديدة أن هناك خطأ شائعاً بسيطاً يتعلق بتناول الطعام يمكن أن يعوق...
خطأ شائع بسيط يتعلق بتناول الطعام يمكن أن يعيق إنقاص الوزن. هذا ما كشفته دراسة...
خطأ شائع بسيط يتعلق بتناول الطعام يمكن أن يعيق إنقاص الوزن. هذا ما كشفته دراسة...