منذ أن بدأ التاريخ يُسجَّل، ومياه النيل تجري حاملةً معها حكاية أزلية من المحبة...
Vous n'êtes pas connecté
منذ أن بدأ التاريخ يُسجَّل، ومياه النيل تجري حاملةً معها حكاية أزلية من المحبة والمصير المشترك بين مصر والسودان. ليست العلاقة بين البلدين مجرد صداقة عابرة أو مصالح آنية، بل هي وشائج متجذرة في التربة، ممتدة عبر العصور، ومتشعبة في كل مجالات الحياة: من السياسة إلى الثقافة، ومن الاقتصاد إلى الرياضة، ومن الفن إلى الدماء التي امتزجت دفاعًا عن الكرامة. لقد عرف المصريون القدماء طريقهم إلى الجنوب، إلى بلاد النوبة والسودان، في رحلات استكشافية تؤكد وحدة الجغرافيا قبل أن تعبرها الجيوش أو تكتب عنها الكتب. وتواصلت هذه الروابط في العصر الحديث حين ساهمت مصر في بناء منظومة التعليم والإدارة في السودان إبان فترتي الحكم التركي-المصري ثم الإنجليزي-المصري، فأنشئت المدارس، وتم نقل التجربة الإدارية المصرية، وجاء المعلمون والموظفون المصريون ليشاركوا في نهضة السودان. أما الثقافة والفن، فقد كانا جسرًا راسخًا من المحبة والتلاقي. فكم من أمسية موسيقية جمعت بين القاهرة والخرطوم؟ وكم من نغمة رددها الشعبان بمحبة واحدة؟ لا يُنسى يوم زارت كوكب الشرق أم كلثوم السودان عام 1968، لتحيي حفلين تاريخيين على المسرح القومي بأم درمان. وكان أجمل ما في تلك الزيارة اختيارها لقصيدة الشاعر السوداني الكبير الهادي آدم “أغدًا ألقاك”، ليضع لحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وتبقى خالدة في وجدان الأمة. ولم يكن الفن السوداني أقل تأثيرًا، فقد قدّم لنا عملاق مثل عبدالكريم الكابلي، الذي أطرب قلوب المصريين والسودانيين معًا برائعته “مصر يا أخت بلادي يا شقيقة”، التي ما تزال تعبيرًا صادقًا عما نحمله في قلوبنا من حب وتقدير لهذا الوطن العزيز. سياسيًا، كانت المواقف أبلغ من الكلمات، والدعم أوضح من أي بيان. وقف السودان سندًا لمصر في كل معاركها، خاصة ضد العدو الصهيوني. ويكفي أن نذكر ما قاله السفير أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، حين أكّد أن مصر والسودان كانا وما يزالان كيانًا استراتيجيًا واحدًا. فقد احتضنت السودان الكلية الحربية المصرية في أصعب لحظات المواجهة مع إسرائيل، وكانت قواعده منطلقًا لطائرات القاذفات الثقيلة المصرية التي نفذت ضربات حاسمة في عمق سيناء يوم السادس من أكتوبر 1973. ولا ننسى أن السودان فتح أراضيه للطيران المصري ولتدريب القوات المسلحة في السنوات التي سبقت العبور العظيم، في وقت لم يكن فيه الحليف كثيرًا ولا الدعم متاحًا. وفي لحظة الانكسار العربي بعد نكسة 1967، كانت الخرطوم هي من أعادت للكرامة صوتها، باستضافتها قمة اللاءات الثلاث: لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض مع العدو، إلا بعد استعادة الحق. كانت الخرطوم – ولا تزال – عنوانًا للثبات في المبدأ، ومظلة للإجماع العربي. ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن كل بيت سوداني من الجيل الماضي، فيه من شارك، أو دعم، أو دعا بالنصر لمصر في معاركها المصيرية. لأن معركة مصر كانت معركتنا، ومجدها كان مجدنا. واليوم... ومع اشتداد الأزمة في السودان، لم تتأخر مصر في الوقوف مع أشقائها. فتحت أبوابها للاجئين، وساندت الشعب السوداني دبلوماسيًا وإنسانيًا، وسعت بكل جهدها نحو إيقاف نزيف الدم وتخفيف معاناة أهلنا في الداخل والخارج. وهي مواقف لا تُنسى، وسيظل لها وقعها العميق في الوجدان السوداني. لكن، وأقول هذا بكل محبة، لي عتاب ربما يكون شخصيًا، وربما أكون مخطئًا، لكنه صادر من قلب يتألم. كثير من السودانيين المقيمين في دول الخليج – وأنا واحد منهم – يتفاجأون بصعوبة الحصول على تأشيرة دخول إلى مصر، رغم أننا لا نطلب سوى أيّام قليلة: للعلاج، أو للراحة، أو ببساطة لالتقاط الأنفاس من واقع مرير في بلدنا جراء الحرب. إننا لا نقيم في مصر ولا نزاحم أحدًا، بل نزورها كما يزور الأخ أخاه. ولأن لمصر كامل الحق في قراراتها السيادية، فنحن نحترم ذلك كل الاحترام. لكننا نرجو من الأشقاء في مصر، وخصوصًا المعنيين بهذا الملف، أن ينظروا بعين العطف والاعتبار إلى هذه الفئة من السودانيين، خصوصًا من يقيمون بالخارج، ويسهمون في مجتمعاتهم، ويطلبون مجرد فرصة للزيارة المؤقتة. مصر يا أخت بلادي، يا شقيقة، ستظلين دائمًا في القلب، وستظل العلاقات بيننا، رغم ما يعترضها أحيانًا من شوائب، قوية وراسخة كجذور النيل، لا تهزّها العواصف، ولا تغيّرها الظروف. لأن ما بيننا أكبر من الأوراق، وأعمق من السياسة، وأصدق من كل خطاب. عزوز علي
منذ أن بدأ التاريخ يُسجَّل، ومياه النيل تجري حاملةً معها حكاية أزلية من المحبة...
بعدما تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن أن بلاده ستعمل على حل قضية «سد النهضة»...
ليس زياد الرحباني مجرّد فنان أو ملحن أو كاتب مسرحي. إنه نغمة معترضة على سلّم...
ألقى إعلان حكومة تحالف السودان الجديد "تأسيس" يوم السبت في مدينة "نيالا"...
رد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمة له اليوم الاثنين، على الاتهامات...
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى، أن مصر تثمّن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد...
كما كان متوقعاً ومنتظراً، مضت قوات الدعم السريع والفصائل المتحالفة معها في طريق...
أكد الإمام الأكبر أحمد الطيب على ضرورة متابعة شؤون البعثات الأزهرية في البلدان...
أكد الإمام الأكبر أحمد الطيب على ضرورة متابعة شؤون البعثات الأزهرية في البلدان...
زكريا نمر. باحث من السودان في كل مقهى، وفي كل مجموعة واتساب ثقافية، لا بد أن تصادف...