- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 25/Aug 20:13

الشركات البحرينية تتوسع في الأسواق الخليجية

تشهد مملكة البحرين حراكا استراتيجيا متسارعا لتعزيز توسع الشركات البحرينية، خصوصا الصغيرة والمتوسطة، في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك عبر سلسلة من الشراكات الحكومية، والإصلاحات الاقتصادية، وتطوير البنية التحتية الاستثمارية واللوجستية. في هذا السياق، أكد عضو مجلس الشورى الخبير الاقتصادي رضا فرج، أن توسع الشركات البحرينية في الأسواق الخليجية يأتي في ظل سعيها للاستفادة من اتساع حجم هذه الأسواق، مشيرا إلى أن السوقين السعودية والإماراتية خصوصا تمثلان فرصا أكبر مقارنة بالسوق المحلية.  وقال فرج “تعتمد الشركات على دخول الأسواق لحجمها، وبلا شك فإن السوقين السعودية والإماراتية حجمهما أكبر وأوسع من السوق البحرينية”، موضحا أن الشركات البحرينية تسعى إلى التوسع لزيادة المبيعات، والأرباح، والاستفادة من تجارب الأسواق الأكبر حجما، مشيرا إلى أن هذه التجارب على رغم تشابهها مع السوق البحرينية إلا أنها تختلف من حيث تطور طرق التعامل، وزيادة الإنتاج، وقنوات التوزيع. وأشار فرج إلى أن الأسواق الخليجية تمثل فرصة واعدة للتاجر البحريني كونها أشمل، وأوسع، عادًّا التحديات التي تواجه الشركات البحرينية في هذا التوسع طبيعية وغير كبيرة؛ وذلك نتيجة تشابه البيئة والمناخ الاستثماري والتجاري بين دول الخليج، مشيرا إلى أن أبرز التحديات تكمن في القدرة على التنافس في بيئات جديدة؛ ما يتطلب من الشركات البحرينية التأقلم، والتعامل بدقة وفهم مدروس لهذه الأسواق. وشدد على ضرورة امتلاك الشركات لخطط ودراسات مسبقة قبل الدخول إلى أي سوق جديدة، بالإضافة إلى التحلي بالصبر والاعتماد على الموارد الذاتية المتاحة، سواء البشرية أو المالية أو التسويقية واللوجستية، مع أهمية قياس مؤشرات النجاح وتفعيل أدوات المراقبة للتغيرات في التشريعات والقوانين المنظمة للأسواق المستهدفة. وبشأن الاتفاقيات الخليجية، أشار فرج إلى وجود عدد منها لكنها تحتاج إلى تفعيل أوسع ليتسنى للشركات البحرينية الاستفادة منها بشكل كامل، داعيا في الوقت ذاته إلى الاعتماد على الدراسات الذاتية المتأنية إلى حين تحقيق هذا التفعيل. أما على مستوى القطاعات القادرة على المنافسة في الأسواق الخليجية، يرى فرج أن القطاع المالي، خصوصا الصيرفة الإسلامية، يشكل مجالا واعدا بفضل الخبرات المتراكمة التي تمتلكها البحرين في هذا المجال، مؤكدا أن المملكة تمتلك كفاءات عالية قادرة على تعزيز الحضور الإقليمي في هذا القطاع الحيوي. كما أشار إلى قطاع الضيافة والفندقة، الذي وصفه بالتجربة الرائدة والمتنامية في البحرين، إلى جانب القطاعات الخدمية كالإدارة والاستشارات، والخدمات الترفيهية والمطاعم وقطاع المأكولات، التي تتطلب خبرات نوعية وممارسات فعلية قادرة على تحقيق التميز في الأسواق الخليجية.  من جانبه رأى النائب أحمد السلوم أن السوقين السعودية والإماراتية تتميزان بعوامل عدة تجعل منهما الوجهة الأولى للشركات البحرينية الراغبة في التوسع، أولًا، حجم السوق الكبير وقوة القدرة الشرائية، فالسعودية تُعد أكبر اقتصاد في المنطقة، والإمارات مركز مالي وتجاري عالمي يستقطب الاستثمارات من مختلف أنحاء العالم.(اقرأ الموضوع كاملا بالموقع الإلكتروني).  ثانيًا، القرب الجغرافي والتكامل الثقافي والاجتماعي؛ ما يسهّل على الشركات البحرينية الوجود والعمل والتواصل مع المستهلكين، وثالثًا، السياسات الاقتصادية الطموحة في البلدين ضمن رؤية السعودية 2030 ورؤية الإمارات 2031، التي تفتح مجالات واسعة للشركات البحرينية في قطاعات حديثة ومتنوعة.  وفيما يتعلق بأبرز التحديات، قال السلوم “تكمن في المنافسة القوية، حيث تشهد الأسواق السعودية والإماراتية حضورا لعدد كبير من الشركات المحلية والعالمية، بالإضافة إلى المتطلبات التنظيمية والتشريعية التي تختلف عن البحرين؛ ما قد يشكل عائقا أمام الشركات غير المتهيئة”. ويرى السلوم أن المعالجة تكمن في بناء شراكات استراتيجية محلية، والاستعانة بالخبرات المتخصصة في الجوانب القانونية والتجارية، بالإضافة إلى الاستثمار في تطوير الكفاءات البحرينية بما يتناسب مع متطلبات السوقين، كما أن الدعم الحكومي والبرامج الموجهة لدعم التصدير والتوسع الخارجي تساعد على تخطي هذه التحديات. أما على مستوى الاتفاقيات الخليجية المشتركة، مثل الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، فيجد أنها تُشكّل عاملا حاسما في تعزيز انسيابية التجارة وحركة رؤوس الأموال والعمالة بين دول المجلس، لاسيما أن هذه الاتفاقيات تُتيح للشركات البحرينية فرصا متساوية تقريبا مع الشركات المحلية، من حيث حرية التنقل، وتقديم الخدمات والاستثمار، وبالتالي فإن الاستفادة الفاعلة من هذه الاتفاقيات، مقرونة بالدعم الحكومي، تسهم بشكل كبير في تخفيف الأعباء على الشركات البحرينية الراغبة في التوسع، وتفتح لها أبواب المنافسة على مستوى أوسع في السوقين السعودية والإماراتية.  ولدى سؤاله عن القطاعات الواعدة في هذه الأسواق أمام الشركات البحرينية، قال السلوم “القطاعات الواعدة متعددة، لكن هناك بعض المجالات البارزة، وأبرزها قطاع التكنولوجيا، والتحول الرقمي؛ وذلك بفضل التوجه القوي للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في البلدين. هذا، إلى جانب أن القطاع الصحي والدوائي يُعد قطاعا مهما ومستقبليا في البلدين مع التوسع في مشاريع الرعاية الصحية والمستشفيات، بالإضافة إلى قطاع السياحة والضيافة، خصوصا في ظل المشاريع العملاقة في السعودية مثل نيوم والبحر الأحمر، فضلا عن استمرار الإمارات كمركز سياحي عالمي، وأخيرا هناك قطاع الصناعات الغذائية، والخدمات اللوجستية؛ نظرا للنمو السكاني الكبير، وزيادة الطلب على الإمدادات الغذائية وسلاسل التوريد”. وعلى صعيد متصل، يُشار إلى أن مؤسسة “صادرات البحرين” وقّعت أخيرا مذكرة تفاهم مع منصة “أسترولابز” المتخصصة في دعم التوسع الإقليمي، تستهدف تمكين المؤسسات البحرينية من دخول السوقين السعودية والإماراتية عبر خدمات تطوير الأعمال، بناء القدرات، وورش العمل التدريبية، إلى جانب الاستفادة من شبكة شركاء “أسترولابز”. في وقت سابق أعلن وزير الصناعة والتجارة عبدالله فخرو، تمكين المصنعين البحرينيين من الوصول إلى 75 % من سوق دول الخليج بفضل اتفاقيات تمنحهم امتيازات مماثلة لتلك المتاحة للمصنعين المحليين في السعودية والإمارات. وتندرج هذه الخطوة ضمن برنامج “تكامل” الذي يشمل رقمنة 200 مصنع، فضلا عن العمل على تطوير نظام “القيمة المضافة الوطنية” الذي يمنح الموردين المؤهلين نسبة تفضيلية تبلغ 10 % في المناقصات الحكومية، وسط جهود لإطلاق نظام خليجي موحد للاعتراف بالقيمة المحلية. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، فإن للبحرين جهودا دؤوبة في تعزيز مكانتها كبوابة للتجارة الخليجية والعالمية عبر مشاريع عديدة، من شأنها إتاحة انتقال البضائع من الميناء إلى المطار في وقت قصير جدا؛ الأمر الذي يرفع كفاءة سلاسل الإمداد، كما توفر البلاد بيئة أعمال تنافسية تشمل الملكية الأجنبية الكاملة، إجراءات تأسيس إلكترونية، وقوى عاملة متعددة اللغات. كما تنشط البحرين في مبادرات التحول الرقمي الإقليمي، خصوصا في مجالات الحوسبة السحابية وأمن المعلومات، عبر شراكات مع السعودية والكويت. هذه المبادرات تُجسّد إرادة البحرين القوية في دعم أعمالها المحلية وتوسيع حضورها في أسواق الخليج عبر شراكات استراتيجية، وحوافز للمصنعين، وبنية تحتية متطورة، ونظام تصدير داعم، ومجتمع أعمال رقمي متكامل، ترسخ المملكة موقعها في قلب الديناميكيات الاقتصادية الإقليمية.