- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 22/Aug 18:34

آري أستر يتحدى الواقع في Eddington

يشكّل فيلم Eddington أحد أبرز الأعمال السينمائية لعام 2025، ويُعد برأي النقاد دليلاً على قوة السينما كفن. يعتبر كثيرون أن المجازفات التي يقدمها آري أستر في هذا الفيلم تمثل جوهر الإبداع، إذ يطرح قصة آنية، لا تهتم بمدى رواجها تجارياً. أستر يمنح صناع الأفلام حول العالم دفعة للغوص في انهياراتنا المجتمعية المشتركة. بعبارة أخرى، يصرخ قائلاً: لا وقت للمماطلة. بعيداً عن اتهامات "الملل"، ينجح الفيلم في شدّ انتباه المشاهدين على مدى ساعتين ونصف، بفضل حبكته الموزعة على ثلاثة فصول بإيقاعات متفاوتة. يبدأ بإعلان الشريف جو كروس (واكين فينيكس) ترشحه لعمدة إدينغتون بمواجهة تيد غارسيا (بيدرو باسكال)، مدفوعاً برفضه لقيود كوفيد الجديدة والنفاق المحيط بها. في الفصل الثاني، تنتقل الأحداث إلى الاضطرابات المدنية ضد الشرطة وانعدام الثقة في المدينة. أما الفصل الأخير، فيبقى دون إفشاء تفاصيل، احتراماً لتجربة المشاهدة. يغلف أري أستر هذا العمل بأسلوب إخراجي بارع وأداءات مبهرة تنبض بالحياة. بصرياً، يتحدث من خلال حركة كاميرا نشطة وتعليقات بصرية تعكس تعقيدات الشخصيات، وتحوّل مدينة إدينغتون إلى كيان حيّ له طابعه الخاص. أما من حيث الأداء، فيقدم خواكين فينيكس تجسيداً لافتاً يُعد من أفضل أعماله منذ فوزه بالأوسكار، إذ يتحول إلى ظل أستر، يملأ كل مشهد بثقل حضوره. بيدرو باسكال بدوره يتألق بأداء استثنائي، يُعد الأفضل له منذ أكثر من عام. ينجح أستر في استخلاص أقصى طاقات طاقمه، مما يجعل الفيلم تجربة غنية بصرياً ودرامياً. لكن ما يجعل Eddington يستحق تقييم "خمس نجوم" ليس فقط الإبهار أو الترفيه، بل الرسالة العميقة التي يحملها. الفرضية التي ينطلق منها أستر – كما كرر في لقاءاته – هي أننا لم نعد قادرين كمجتمع على الاتفاق على ما هو "حقيقي". هذه الفكرة تتخلل كل قرار بصري وسردي في الفيلم، وتمنحه بعداً وجودياً يجعل منه عملاً كلاسيكياً فورياً.