- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 29/Aug 14:45

كوستاريكا: رائدة الطاقة المتجددة في العالم

أصبحت كوستاريكا نموذجًا عالميًا يُحتذى به في مجال الاعتماد على الطاقة المتجددة، حيث تمكنت هذه الدولة الصغيرة في أمريكا الوسطى من تحقيق إنجازات كبرى على مستوى البيئة والاستدامة، جعلتها محط أنظار العالم. ورغم مساحتها المحدودة وعدد سكانها الذي لا يتجاوز بضعة ملايين، إلا أنها استطاعت أن تضع نفسها في مقدمة الدول التي تسعى نحو مستقبل أخضر يقوم على الاستفادة من الموارد الطبيعية النظيفة. هذا النجاح لم يأتِ من فراغ، بل كان نتاج رؤية استراتيجية واضحة وإرادة سياسية قوية تضع البيئة في صدارة الأولويات، إلى جانب وعي شعبي متزايد بأهمية حماية الكوكب من التلوث وتغير المناخ. مصادر الطاقة النظيفة في كوستاريكا تعتمد كوستاريكا على مزيج متنوع من مصادر الطاقة المتجددة، أبرزها الطاقة الكهرومائية التي تمثل العمود الفقري لإنتاج الكهرباء، بفضل وفرة الأنهار والشلالات التي تتدفق عبر تضاريسها الجبلية. كما تلعب الطاقة الجيوحرارية دورًا مهمًا بفضل النشاط البركاني الكبير الذي يميز البلاد ويوفر حرارة طبيعية يمكن استغلالها لتوليد الكهرباء بشكل مستدام. إلى جانب ذلك، تسهم طاقة الرياح والطاقة الشمسية في تعزيز هذا المزيج، حيث تم إنشاء مزارع رياح في المناطق المفتوحة ومشاريع للطاقة الشمسية في القرى والمدن. هذه المصادر مجتمعة جعلت كوستاريكا قادرة على تلبية أكثر من 95% من احتياجاتها الكهربائية من الطاقة المتجددة على مدى السنوات الأخيرة، وهو رقم يضعها في مقدمة دول العالم. تأثير التجربة على البيئة والمجتمع انعكست سياسة كوستاريكا في الاعتماد على الطاقة المتجددة بشكل إيجابي على البيئة والمجتمع. فقد ساعد تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري في خفض مستويات الانبعاثات الكربونية بشكل كبير، ما جعل البلاد واحدة من أنظف الدول من حيث جودة الهواء. كما أدى ذلك إلى حماية الموارد الطبيعية الغنية التي تشتهر بها البلاد، مثل الغابات الاستوائية المطيرة والمحميات الطبيعية، التي تعد موطنًا لتنوع بيولوجي استثنائي. ومن الناحية الاجتماعية، ساهمت هذه السياسة في خلق فرص عمل جديدة في مجالات الطاقة الخضراء والتقنيات البيئية، ما عزز الاقتصاد المحلي ورفع مستوى الوعي لدى السكان حول أهمية الاستدامة والحفاظ على الموارد للأجيال القادمة. كوستاريكا نموذج عالمي للمستقبل لم يقتصر تأثير تجربة كوستاريكا على حدودها الداخلية، بل أصبحت نموذجًا عالميًا تسترشد به العديد من الدول الباحثة عن حلول مستدامة لأزماتها البيئية. فقد أثبتت كوستاريكا أن التحول إلى الطاقة المتجددة ليس حكرًا على الدول الكبرى أو الغنية، بل يمكن للدول الصغيرة ذات الموارد المحدودة أن تكون رائدة في هذا المجال إذا ما توافرت الإرادة والرؤية الواضحة. وقد دفعت هذه الريادة كوستاريكا إلى لعب دور مهم في المؤتمرات الدولية المتعلقة بالمناخ، حيث تقدم تجربتها باعتبارها دليلًا عمليًا على إمكانية الجمع بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة. ومع استمرار الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة والبحوث البيئية، تضع كوستاريكا نفسها في مسار يجعلها قريبة من تحقيق هدفها المعلن بالوصول إلى الحياد الكربوني في المستقبل القريب. في الختام، أثبتت كوستاريكا أن الاعتماد على الطاقة المتجددة ليس مجرد خيار بيئي، بل استراتيجية وطنية متكاملة تحقق التنمية المستدامة وتحمي الموارد الطبيعية وتخدم المجتمع في الوقت نفسه. نجاحها يعكس قدرة الدول على إحداث التغيير إذا ما اتبعت نهجًا مدروسًا ورؤية مستقبلية واضحة، ليبقى اسم كوستاريكا محفورًا كأحد أبرز النماذج الملهمة في العالم في طريق بناء مستقبل أخضر أكثر أمانًا واستدامة. تم نشر هذا المقال على موقع سائح