- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 04/Sep 20:11

خيري: وقفيات في البحرين ترجع إلى العام 1700

“السنية” مسؤولة عن تحديد الناظر على الوقف وليس الواقف “الخاص” يحقق قصص نجاح في العمل الوقفي المتنوع نظم مركز عبدالرحمن كانو الثقافي، بالتعاون مع إدارة الأوقاف السنية، مساء يوم أمس الأول ندوة حوارية مهمة بعنوان “الوقف.. العطاء المتجدد”، قدمها مدير عام إدارة الأوقاف السنية أحمد خليل خيري، ورئيس مجموعة الإرشاد الديني في الإدارة الدكتور حبيب النامليتي، والناظر في أحد الأوقاف عبدالعزيز رشدان، ومدير مبرة الزياني عمر أيوب، وأدار الندوة فيصل طلال. رافد خير في البداية، أشار النامليتي إلى أن “الوقف رافد من روافد الخير في تاريخ الأمة الإسلامية، وقد اقترن ببدايات بناء الدولة المسلمة في العهد النبوي. ومن المهم نشر ثقافة الوقف ومفهوم الأوقاف، وإحياؤه في نفوس الأجيال. آباؤنا من قبل كانوا يدركون هذه الحقيقة، وما نحن اليوم إلا ثمرة من ثمرات ما قدموه من أوقاف مختلفة، كالأراضي الزراعية، والمحلات التجارية، وغيرها”. وتابع: “الوقف في مفهومه اليسير هو أن يخصص الإنسان جزءًا من ماله لمصلحة عامة. وهناك أنواع للوقف وأركان، فالوقف يجب أن يكون من شخص مالك له، أو عدة أشخاص، وكذلك الموقوف عليه، وهي الجهة التي يحددها الواقف”. وأضاف النامليتي: “ومن هنا نتفرع بالحديث إلى أنواع الوقف، حيث يقسمه غالب العلماء إلى وقف خيري، للتعليم أو الصحة، أو الأوقاف على الأيتام والأرامل والمساكين، ووقف على الذرية، وهو معروف في التاريخ الإسلامي، حيث إن بعض الأوقاف ممتدة منذ مئات السنين، منها قصة أحد المشاركين في ندوة تم تنظيمها مؤخرًا، وهو من أشراف مكة، حيث أوضح بأن لديهم وقفًا ممتدًا منذ 300 سنة”. وواصل: “لا بد للوقف أن تكون له عين موقوفة، كعقار أو منقول، ومنها بعض الأشياء الحديثة، كأن يوقف أدوات تصوير متكاملة لنفع الناس في المحاضرات الدينية أو غيرها. كذلك يمكن وقف سيارة لنقل المحتاجين، أو وقف جهاز طبي لغسيل الكلى. وأشير هنا إلى أن من عوامل استمرار الوقف هو وجود ناظر للوقف، والذي يُحدد من بعده وفق شروط معينة حددها الفقهاء. وإذا كان الوقف كبيرًا، يكون ذلك من خلال لجنة تضمن استمراريته”. وقال النامليتي: “هناك وقف مؤقت ووقف مؤبد، والأصل أن الأكثر تطبيقًا في واقع الناس هو الوقف المؤبد، والذي يستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وهناك وقف كما هو حاصل في مذهب المالكية، بأن يكون مؤقتًا لفترة معينة، ثم يرجع إلى الشخص أو إلى ذريته”. وزاد: “لدينا مفهوم يتعلق بالأوقاف الجامدة، كوقف عقار أو أرض، أو وقف نقدي يمكن أن يُستثمر في شراء العقارات أو الأراضي، بمعنى أن المال هنا يكون أسهل في الحركة، بخلاف العقار الجامد الذي يحتاج إلى صيانة وإصلاح ومتابعة”. نشأة الوقف وعن نشأة الوقف وتطوره في البحرين، قال خيري: “نظام الوقف في البحرين هو من أبرز أنظمة التكافل الاجتماعي، وقد بادر الأهالي قديمًا إلى تخصيص جزء من أموالهم وممتلكاتهم لخدمة المحتاجين وضمان حياة كريمة لهم. وقد مر الوقف في البحرين بمراحل كثيرة، منها ما يرجع إلى العام 1700م”. وتابع: “لكن الناس لم تكن تبادر بتسجيلها، فكانت متفرقة ومندثرة. وفي العام 1927 بدأ تدوين الوقفيات في البحرين وتوثيقها، ثم الانتقال إلى مرحلة التنظيم المؤسسي لها. وكانت المرحلة الأولى هي التدوين العرفي، حيث كان الناس يسردون وقفياتهم فيما بينهم، ولم تكن منتظمة أو مكتوبة بصورة صحيحة”. وزاد: “في العام 1927، وكان حاكم البحرين هو المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، أكد للقضاة أهمية تدوين الوقفيات، فقاموا بتسجيلها في أوراق، ثم في دفاتر كبيرة، لا تزال موجودة ومحفوظة لدينا في إدارة الأوقاف السنية، ولا يزال بعض القضاة يرجعون إليها للوصول إلى بعض المعلومات الموثقة بها”. وقال: “أما الآن، فالتنظيم المؤسسي لها يتم من خلال إصدار إدارة الأوقاف السنية لوثائق وقف شرعية تُسجل وتُنظم وتُدوّن، وتكون لها وثيقة صحيحة تطابق شرط الواقف”. وعن تعيين الناظر على الوقف، أوضح خيري أن المتعارف عليه أن الواقف نفسه هو من يحدد الناظر على الوقف بناءً على مواصفات محددة، أهمها الأخلاق، والأمانة، وإمكانية إنفاذ شرط الوقف، وطبيعة المنتفعين منه. مضيفًا: “حسب القرار رقم 3 للعام 2021، فإن تعيين الناظر وعزله يكون من قبل إدارة الأوقاف السنية، وليس من قبل الواقف، علمًا بأن الأوقاف تنظر إلى وثيقة الوقفية، وإلى رغبة الواقف، ومدى انطباق ذلك على الناظر المحدد لهذا الوقف”. النزاهة والكفاءة وبشأن الإجراءات التي يتبعها الناظر للتأكد من التزام شروط الواقف، قال رشدان: “الناظر مسؤول عن الوقف، والواقف هو من اختار هذا الناظر على أساس النزاهة والكفاءة والإمكانية. وعلى الناظر المحافظة على الوقف، وأن يفهم شروط الواقف لكي يعرف كيف يطبقها”. وزاد: “كما أنه مسؤول عن صيانة الوقف، وإدارة المال الخاص به. على سبيل المثال، جدنا رحمه الله كان لديه وقف خاص به، بخلاف الأوقاف الأخرى الخاصة بالعائلة، وكان له أربعة شروط حول هذا الوقف: الأول أن يتم عمل أضحية له، والثاني صيانة الوقف، والثالث عمل ختمة للقرآن، والرابع أن يكون للناظر أجر مقابل الإشراف عليه”. وواصل: “أخذنا الوصية وذهبنا إلى المعهد الديني، وجلسنا مع المدرسين جميعًا، ووزعنا عليهم الوصية، وقلنا لهم لدينا إشكالية بالختمة، ماذا نفعل؟ وقد أعطونا الجواب الشافي بأن نعطي مدرس القرآن، أو من ختم القرآن (من درس وحفظ القرآن)، والحمد لله أتممنا ذلك”. وأردف: “لقد تم دعوتي لأن أكون ناظرًا على هذا الوقف، وكنا جميعًا عشرة ورثة، أحدهم خرج من البحرين واختفى، فالمتبقي تسعة. وبدأنا نتساءل عن المبلغ الذي يدخل من الوقف والخاص بهذا الشخص، إلى أين يذهب؟ وحين تناقشت معهم عن هذا الشخص الغائب منذ ثلاثين سنة، قررنا فتح حساب له لاستقبال الإيرادات، وبعد 36 سنة خرج أصحاب الحق بذلك، ولله الحمد. وهذه من القصص العجيبة التي تمر علينا في العمل الوقفي”. خدمة المجتمع بدوره، قال أيوب بشأن دور القطاع الخاص في دعم وإدارة ممتلكات الأوقاف إنه يلعب دورًا مهمًا في ذلك، مضيفًا: “مبرة المرحوم راشد الزياني تأسست عام 2009 على يد أبنائه، وهي تعمل بالخير باسمه. وأول مشروع كان لقطعة أرض مميزة في الجسرة، ولم يكن لها استخدام يُذكر، فتم توظيفها لخدمة الصيادين في الجسرة كمرفأ، بلا مقابل، وهو قائم حتى اللحظة”. وتابع: “ارتأينا أن نستمر في المشاريع الوقفية، ودخلنا في بناء الجوامع، وأنشأنا جامعين، وهما جامع راشد الزياني، وجامع محفوظة الزياني، وكذلك مراكز التحفيظ القرآنية التابعة لهما، وأيضًا صالات خيرية، ومراكز تحتوي المجتمع”. وأضاف: “كقطاع خاص نحاول أن تكون لنا بصمة في خدمة المجتمع، بدون مقابل، وهو أمر مستمرون فيه، وبالتعاون مع إدارة الأوقاف السنية الذين يتعاونون معنا باستمرار، لخدمة الناس بشكل أكبر”.