Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 22/Nov 08:00

راحلون وبصماتهم باقية.. الراحل عثمان بلوش

في سردٍ إنساني دافئ، تستعيد نعيمة عثمان بلوش ذكريات طفولتها مع والدها الراحل عثمان بلوش رحمه الله، حين كانت في التاسعة من عمرها ترافقه أثناء العطلة الصيفية إلى مكتبه، ذلك المكتب الذي كان يُعرف آنذاك بـ«قومسيون تجارة عامة». هناك، كانت تراقب بشغف حركة العمل وتعرّف على طبيعة مهماته التي تمحورت حول الوساطة التجارية مع الشركات البريطانية المتخصصة في استيراد الأجهزة المتنوعة، قبل توزيعها على شركات ومؤسسات البحرين. يُعدّ الراحل عثمان بلوش وهو من مواليد العام 1905،  واحدًا من أبرز التجار الذين عُرفوا على مستوى البحرين والكويت والبصرة وألمانيا وبريطانيا خلال أربعينيات القرن الماضي، فعند قدومه إلى البحرين عمل مهندسًا في شركة نفط البحرين «بابكو»، واختار الاستقرار فيها لما وجد فيها من بيئة واعدة للتعليم والتجارة، بعد أن سبق له التنقّل بين البصرة والكويت. وخلال فترة عمله في بابكو، نشأت بينه وبين محمد حسين باقر علاقة صداقة متينة امتدت خارج نطاق العمل، وبعد زواجه عاش في حي الفاضل بالمنامة وسط محيط اجتماعي وعائلي يحتفي بقيم القرب والوفاء. وفي أواخر الأربعينيات، قرّر الصديقان ترك العمل في بابكو والانطلاق في مجال التجارة الخاصة، وكانت البداية مع استيراد الأثاث الألماني عالي الجودة، وافتتحا محلًا مشتركًا شهد نجاحًا ملحوظًا، قبل أن ينفصل المشروع إلى عملين مستقلين مع توسّع أعمال كل منهما، بعدها، واصل عثمان بلوش رحلاته إلى أوروبا ليجلب أجود أنواع الأثاث من المعارض، إلى جانب الأدوات الكهربائية، ويقوم بتسويقها وبيعها لتجار البحرين، مساهمًا بدور بارز في تطوير الحركة التجارية والاقتصادية في المملكة. لم تتوقف عزيمته رغم كثرة السفر والعمل، حتى وافاه الأجل في يونيو 1965 بألمانيا عقب خضوعه لعملية جراحية. وبرحيله، فقدت البحرين أحد أوائل تجّارها الذين جمعوا بين الرؤية التجارية الواسعة والعلاقات الدولية المبكرة، وساهموا في بناء أسس الاقتصاد الحديث في المملكة.