- ESSAHRAA.NET - الأخبـار - 05/Sep 22:25

زووم الصحراء.. مالي.. امتحان موريتانيا في جوار ملتهب

التطورات المتسارعة في مالي؛ وبالذات في المنطقة المحاذية لنا، تطرح الكثير من الأسئلة الملحة عن الحاضر والمستقبل؛ عن قواعد الاشتباك وخطوط التواصل، هل تعرف المعادلة متغيرات جوهرية تجرفها عما استقر منذ فترة، أم أنها مجرد محطة من إدارة حافة الهاوية.   في زوم الصحراء هذا الأسبوع نحاول الاقتراب من الوضع المضطرب لتجلية أبعاده واستشراف مآلاته.   عتبة من مسار.. ليس الوضع الحالي مع ما فيه من توتر فجائيا؛ وليست فيه طفرات حتى؛ إنما هو تطور طبيعي لحالة تتشكل منذ سنوات، وهو بشكل محدد تطور طبيعي لأحداث عرفتها الأسابيع الأخيرة. - تبادل فيها الروس والأكرانيون الاتهامات علنا بالتدخل في المنطقة ودعم أطراف الصراع بالسلاح. - ⁠تبادل المتصارعون النيران على عدة جبهات؛ معلنين إيقاع أعداد كبيرة من القتلى (تقول جبهة ماسينا إنها تحكم الحصار على عدة مدن، ويقول الجيش المالي إنه يحقق انتصارات، وتقدم الحركات الأزوادية حصيلة عمليات تكشف تطور معداتها وخبراتها القتالية). - ⁠تسعى موريتانيا والسنغال بما تملكان من علاقات وخبرات لتجنب وصول الحريق إليهما، وهي مساعٍ تواجه تداعيات مركبة تجعل النجاح في استمرار تحقيقها أمراً بالغ الصعوبة.   وفي التفاصيل: - تحتدم المعارك حول انيور، وتزداد المخاوف من خروجها عن السيطرة بشكل كلي ومن امتداد الحريق إلى الجوار. - العنوان الأبرز في حصار انيور الآن هو وجود شيخ الطريقة الحموية الشيخ محمدو ولد حماه الله في المدينة الآن، وإعلانه رفض الخروج؛ وظهوره حاملاً سلاحه في إشارة للاستعداد للمقاومة. وكانت جماعة ماسينا المحاصرة للمدينة استهدفت سيارات تابعة لشيخ الطريقة الحموية؛ واختطفت من كان فيها من الرجال؛ وأخلت سبيل النساء، فيما تتحدث مصادر محلية عن منع دخول الوقود وهي خطوات تنذر كلها بتصعيد خطير ومواجهة وشيكة بين الجيش المالي وجماعة ماسينا في المدينة المركزية في منطقة الساحل المالية.  - ⁠تعلن مالي عن خطوات تتعلق بالمنمين والتجار الموريتانيين؛ تقرأ في موريتانيا تصعيدا، وتقدم في مالي مزيجا من الاحتراز والرد المبطن على التعامل مع الماليين في موريتانيا خلال الأسابيع  والأشهر الماضية. - ⁠يزداد الوضع السياسي الداخلي في باماكو تأزما؛ بفعل تداعيات المحاولة الانقلابية، وازدياد مؤشرات التذمر داخل الجيش من النفوذ الروسي؛ وانفلات ممارساته من القانون ومخاطر ذلك وعواقبه. - ⁠وفي ملف العلاقة مع الجزائر تتقدم باماكو برفع قضية أمام محكمة العدل الدولية في قضية الطائرة المسيرة التي تقول السلطات المالية إن الجزائر قامت باستهدافها وهي تقوم بمهمة ضد الجماعات المسلحة؛ وهو ما ترد عليه الجزائر أن الطائرة اخترقت الأجواء الجزائرية. ⁠ويعد رفع القضية الأحدث في مسار تصعيد متبادل بين باماكو والجزائر منذ أشهر.   حافة الهاوية  وفي المحصلة يبعث الوضع في مالي مؤشرات في كل الاتجاهات، أنه بات بالفعل على حافة الهاوية: - فالتوتر داخل المؤسسة العسكرية في ذروته. - ⁠والعلاقات مع أغلب الجيران (الجزائر، موريتانيا، السنغال، ساحل العاج) بين المتوتر والبارد. - ⁠والاستقطاب بين أطراف الصراعات الدولية (روسيا والغرب) والإقليمية  (المغرب والجزائر) تواصل صعودها الذي لا يعرف التوقف. هذه الوضعية تضع كل المنطقة في حال استنفار، فمالي دولة مركزية في الإقليم بمعطيات التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا، وانهيارها الكامل مخيف بتداعياته الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. ومع أن الضرر لاحق بالجميع لكن مستوى التداخل مع موريتانيا قد يكون الأكبر، وهنا النقطة التي تجعل موقف نواكشوط الآن محل متابعة وأهمية بالغة للموريتانيين كما لغيرهم؛ إذ يتعين على نواكشوط أن تسعى للجمع بين: - الاقتراب من باماكو بما يساعد في حماية مصالح موريتانيا والشخصيات ذات العمق والتأثير فيها. - ⁠عدم استفزاز الجماعات المسلحة؛ وفي المقدمة منها جماعة ماسينا التي لها هي الأخرى عمق اجتماعي في موريتانيا. - ⁠والأهم من كل ذلك تأمين وتحصين الجبهة الداخلية؛ وهو ما كانت نواكشوط وضعت خططا له حيث كشف تقرير لصحيفة لوموند الفرنسية الأسبوع الماضي عن دعم أوروبي له وعن مستويات تقدمه وحجم الرهانات عليه في الفترة القادمة. هي وضعية ليست مستجدة إذا؛ ولكنها وصلت مرحلة حافة الهاوية؛ وموريتانيا التي كانت مجرد معني بها بين آخرين؛ أصبحت اليوم بفعل اعتبارات عدة أول المعنيين بها، ما يعني أن اعتماد مقاربة والمضى بها واجب وقت قد يضر التأخر عنه ويصعب استدراكه.