- FATAH.PS - Ala Une - 03/Aug 10:04

المشهد المشين لجماعة الاخوان في وسط تل أبيب

  باسم برهوم بالنسبة لشخص بعمري عايش الصراع مع المشروع  الصهيوني منذ 75 عاما. ورأيت وعشت الكثير من الاحداث والتجارب المريرة جدا، لكني بصراحة لم أرَ في تاريخ الصراع ابشع  واكثر مرارة من مشهد الحركة الاسلامية الاخوانية وهي تتظاهر ضد مصر الشقيقة، حيث حشدوا المغسولة عقولهم، امام السفارة المصرية في وسط تل ابيب، ومما يزيد من بشاعة المشهد ويجعله بطعم العلقم، اننا لم نسمع اي تنديد من المتظاهرين الاخوانيين بالمتسبب الحقيقي  بحرب الابادة المتوحشة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولا دعوة لإسرائيل بوقف الحرب والانسحاب من قطاع غزة كي يتم فتح معبر رفح. والاكثر بشاعة ان المتظاهرين أخذوا الأذن بالتجمع امام السفارة المصرية في تل أبيب من بن غفير وزير الامن الداخلي المتطرف الكاره عنصريا للشعب الفلسطيني وكل ما هو عربي. لأن اي مظاهرة في إسرائيل تحتاج إلى إذن من الشرطة، وإذا تظاهرت اي مجموعة بدون إذن يتم تفريقها بالقوة، وهو ما لم يحصل مع جماعة الحركة الاسلامية الاخوانية. هذا المشهد يذكرني بمعلومات أكيدة وهي عبارة عن حادثة حصلت بعد الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في شهر آذار 2015، في تلك الانتخابات حصلت القائمة العربية المشتركة على 13 مقعدا في الكنيست، وكانت تضم كافة الاحزاب العربية داخل الخط الاخضر بمن فيهم الحركة الاسلامية الجنوبية، وهي ايضا فرع من فروع جماعة الاخوان،  وكما هي العادة في إسرائيل، فإنه بعد إعلان النتائج تذهب الاحزاب والقوائم الفائزة لزيارة رئيس الدولة،  وتقوم كل قائمة بإبلاغ الرئيس عن الشخصية التي ترغب في ترشيحها لرئاسة الحكومة. وحده منصور عباس، احد قادة الجماعة الاسلامية الجنوبية خرج عن إجماع  القائمة العربية المشاركة رشح هو وجماعته نتنياهو وذلك بعد  اتصال جاءه من غازي حمد القيادي في حماس في غزة. والذي ابلغه ان مجلس الشورى في جماعة الاخوان وحماس يأمرونه بأن يرشح  نتنياهو لرئاسة الحكومة، وقال منصور لمصادر مختلفة انه لا يستطيع الا ان يلتزم بالقرار وانه سيرشح نتنياهو. وللتذكير وقبل أشهر من الانتخابات المذكورة كان نتنياهو يقود عدوانا على قطاع غزة استشهد خلاله 2700 فلسطيني وجرح اكثر من عشرة آلاف ودمرت أحياء كاملة في القطاع. هناك قصة اخرى رواها الشاعر الفلسطيني الراحل توفيق زياد الذي كان رئيسا لبلدية الناصرة،  والقصة موجودة لمن يريد ان يتأكد. على موقع اليوتيوب، زياد كان من قادة الجبهة الديمقراطية للمساواة وأحد القادة الذين قرروا إضراب يوم الارض الاول في 30 آذار 1976، في تلك المرحلة كانت السلطات الإسرائيلية تدعم ظهور الحركة الاسلامية لتكون منافسا للتيار الوطني والتقدمي  الفلسطيني داخل الخط الاخضر. بهدف إضعاف هذا التيار. تماما كما كانت تدعم جمعيات الاخوان في غزة والضفة لتكون بديلا لمنظمة التحرير الفلسطينية،  في الذكرى العاشرة ليوم الارض عام 1989،  وبينما كان الوطنيون يحيون ذكرى يوم الارض هاجمهم أنصار الحركة الاسلامية بالعصي والهراوات وافشلوا المسيرة والاحتفال، لقد قاموا عمليا بالدور الذي عادة ما تقوم به الشرطة الإسرائيلية. نعود للمشهد المخزي الذي نظمته الحركة الاسلامية في وسط تل ابيب ضد جمهورية مصر العربية، لم نرَ لافتة واحدة ضد إسرائيل المسؤولة عن حرب الابادة، ولم تر لافتة واحدة ضد من  يجوع الفلسطينيين في قطاع غزة. ولا عن المسؤول الحقيقي عن إغلاق معبر رفح، كيف يمكن تفسير ذلك؟ لماذا منح بن غفير الإذن لهؤلاء للتظاهر ضد مصر وسط تل أبيب؟ هذه الأسئلة تقودنا إلى السؤال الاهم، هل حقا لم يكن الموساد والشباك الإسرائيلي على علم بهجوم طوفان حماس ام تركوه يمر ليبرروا إبادة قطاع غزة؟ لماذا كانت إسرائيل على علم بكل رمشة عين في طهران والضاحية الجنوبية من بيروت ولم تكن على علم بالطوفان؟ لست ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة ولكن عندما يسمح  بن غفير للحركة الاسلامية الاخوانية شقيقة حماس، بالتظاهر في وسط تل ابيب ضد مصر، ضد دولة عربية من قلب تل أبيب، انه امر يثير كل الأسئلة، وكل الشبهات. كل ما سبق يقودنا لسؤال عن الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي  فمنذ ان تصدر هذا التيار مشهد حياتنا في العالم العربي ما الذي حققه سوى الدمار وتفكيك الدول العربية وإعادة المجتمعات العربية قرون إلى الوراء؟ ان كل ما تريده الحركة الاسلامية، وجماعة الاخوان اليوم هو انقاذ رأس حماس، وانقاذ رأس الجماعة، لانها إذا خسرت قطاع غزة ستخسر اكبر مصدر لتمويلها، فالتنظيم الدولي للجماعة يجمع مئات الملايين من الدولارات كتبرعات من كل مسلمي العالم بحجة مساعدة قطاع غزة، والناس في القطاع لم يروا دولارا واحدا من هذه التبرعات.. كما ان حروب حماس في القطاع تعزز من شعبية الجماعة في الشارع العربي، ولكن ما الذي حصده الشعب الفلسطيني غير الدم والدمار؟ حديث طويل يدور منذ عقود عن كيفية التصدي للاسلام السياسي بكل فروعه، بدءا بالحركة الام جماعة الاخوان المسلمين، لمخاطرها التي تهدد عقل الانسان العربي، لان هدف الإسلام السياسي هو السيطرة على عقل المجتمع عبر سرديتها هي للدين، ما يزعج أكثر من أي شيء آخر، وقد يحتاج إلى مقال خاص، ان التعليم الرسمي في الدول العربية، سواء عن وعي او عن غير وعي، يقوم عمليا بنشر ثقافة جماعة الاخوان والإسلام السياسي، المناهج العربية تبدو وكأن من وضعها وقررها خبراء الجماعة، هذا بالضبط ما نحتاج مناقشته بشكل جدي.