توفي اليوم الكاتب والروائي المصري صنع الله إبراهيم عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد...
Vous n'êtes pas connecté
حسن حميد قيضت لي المحبة أن أكون بين حشد من كتّاب الرواية ونقادها، عرباً وأجانب، في مؤتمر الرواية العربية في القاهرة عام 2003، وباستضافة الدكتور جابر عصفور رئيس المجلس الأعلى للثقافة والآداب والفنون في مصر( رحمه الله تعالى)، هذا الرجل النوراني المدهش في معرفته وإبداعه وقدرته على محبة الناس، وأهل المعرفة، أيا كانت حقولها، والرجل الذي يشكل بمفرده بقعة أرجوانية شديدة الجذب ما بين عمالقة الثقافة المصرية في النصف الأول من القرن العشرين، وعمالقة الثقافة المصرية في النصف الثاني من القرن العشرين أيضاً، عنيت هنا ثقافته المذهلة في معرفة أؤلئك العمالقة الذين عاصروا أهم مستشرقي الغرب الذين درسوا تاريخ الأدب العربي والأدب العالمي في جامعة الملك فؤاد، وأخص هنا معرفته بهم، سيرة ومكانة، وما جاؤوا به من جديد، ثم معرفته لعمالقة المعرفة المصرية والعربية معاً، في النصف الثاني من القرن العشرين، وما اشتغلوا عليه وما عرفوه من اتجاهات جديدة في الآداب، والفنون، والإبداع، والنقد والفكر. أجل، كنت في القاهرة عام 2003، وفي مؤتمر الرواية الذي اختتمت فعالياته ونشاطاته وحواراته ولقاءاته بقنبلة ضج بها المكان، والأدباء، والنقاد، والمثقفون، والإعلاميون والحضور، وباتت هي الحدث الأبرز لكل ما انشغل به مؤتمر الرواية على مدار أيامه كلها. كانت القنبلة متمثلة باعتذار الروائي المصري صنع الله إبراهيم( 1936-2025) عن عدم قبوله جائزة الرواية العربية للمؤتمر التي أسندت إليه بوصفه صاحب مدونة سردية ضافية حكت جوانب مهمة من تاريخ الحياة المصرية في عقودها الزمنية الخمسة الفارطة من القرن العشرين، ولاسيما بؤره الحارقة التي تمس حياة الناس وشؤونهم من جهة، والتي تمس كرامتهم وأحلامهم من جهة أخرى. سبب اعتذاره عن عدم قبول الجائزة بات معروفاً لأهل الثقافة لأنه جاء في كلمته التي ألقاها في قاعة الاحتفال، والكلمة منشورة وفحواها يتمثل في عتبه تجاه الممارسات السياسية التي تصل في الغالب الأعم إلى تناقض جهير مع أحلام الناس. أنا كمتابع في قاعة الحدث، أدركت، للوهلة الاولى، أن كل شيء معدود، ومرتب، وبحضور وزير الثقافة المصري، آنذاك، د.فاروق حسني، والدكتور جابر عصفور، وأعضاء لجنة الحكم برئاسة الروائي السوداني الطيب صالح، رحمه الله تعالى، وكلهم كانوا على المنصة، وحين أعلن د. جابر عصفور عن فوز صنع الله إبراهيم بالجائزة، ضجّت القاعة بتصفيق جمهورها الكبير الذي كان يحضر اختتام فعاليات مؤتمر الرواية العربية لعام 2003، وقد طلب الدكتور جابر، من الروائي صنع الله إبراهيم أن يصعد إلى المنصة لاستلام الجائزة، فصعد، وسلّم بحرارة على جميع الواقفين في المنصة، ورأينا الوجوه باسمة ضاحكة، ومن بينها وجه صنع الله إبراهيم، الذي يتلقى التهاني، ثم تسلّم درع الجائزة من الوزير مبتسماً، والظرف الذي فيه المكافأة المالية، ومضى إلى المنبر، وضع الدرع والظرف الذي احتوى على المبلغ المالي أمامه، قرب المايكروفون، ونظر إلى من هم حوله، في المنصة، وابتسم، ثم نظر إلى الجمهور الكبير وابتسم، ثم أخرج من جيبه ورقة، وراح يقرأ، ويشرح حال ما يحدث، وما حدث، وكانت المفاجأة في سطرها الأخير القائل بأنه يعتذر عن عدم قبوله الجائزة، وترك درع الجائزة والظرف الذي فيه المبلغ المالي على المنبر، ومشى لينزل، وهو يعيد الورقة التي قرأها إلى جيبه، لحظتئذ بدت وجوه من هم على المنصة.. عابسة، واجمة، ولا سيما وجه الوزير، ووجه الدكتور جابر عصفور الذي أخبرنا نحن ضيوف المهرجان( فيما بعد ) بأنه حكى مرات عدة مع صنع الله إبراهيم، حول الجائزة، وأنه رحب بها كثيراً، وفرح بها كثيراً، وشكر أعضاء لجنة التحكيم كثيراً، وشكر المجلس الأعلى للثقافة على هذه الالتفاتة الكريمة، ولم يقل أي كلمة تشير إلى أنه سيعتذر عن عدم قبول الجائزة. طبعاً حين اعتذر صنع الله إبراهيم، علت أصوات الجمهور مكبرة، ومنادية بالصلاة على النبي الكريم، وصارخة بأنّ هذا الاعتذار هو الشهامة والكرامة، وعلى الكاتب الحق أن يرفض الجوائز التي تقدمها الحكومات، باختصار، لحظتئذ، اختلط الحابل بالنابل، واختلط الكلام الضاج بالكلام المهموس، وسادت فوضى داخل القاعة الرحبة، وامتدت الفوضى الضاجة إلى خارج القاعة، أي إلى الساحة التي وضعت فيها أطباق طعام الضيافة، وكانت كثيرة، والتي لم يتبق فيها شيء يؤكل، لأن الخلق، أجهزوا على كل ما فيها تماماً! كنت بين أدباء من الدول العربية، ومن بلدان المهاجر، لذلك تعددت الآراء حول رفض الجائزة، وتحديداً، لماذا لم يرفض صنع الله إبراهيم الجائزة، ويعتذر عن عدم قبولها، حين أخبره بها الدكتور جابر عصفور؟ قبل يوم، وما الذي أراده من كل هذه المشهدية، وانقسم جميع الروائيين والنقاد إلى قسمين أساسيين، قسم أيّد ما حدث، وقسم رفضه، وجر الكلام الكلام، وبات الحديث عن الجائزة، والجوائز عامة، حديثاً يدور كلما اجتمع اثنان. المهم، هو أن الأمر الجوهري الذي أراد صنع الله إبراهيم الإشارة إليه، هو حياة الناس التي امتلأت بالأسئلة الصعبة عن كل شيء؛ عن السياسة، والواقع، والأحلام؛ وما من إجابات مقنعة، كما أراد الإشارة إلى سخطه وتذمره وقهره مما يمارسه الإسرائيليون من قتل وتدمير وسفك للدماء الفلسطينية، ولا أحد يحتج أو يدين. أجل، الآن يرحل صنع الله إبراهيم ، عن عمر ( 88) سنة، كتب خلالها مدونة أدبية مهمة، تنوعت في أشكالها وجمالياتها، ولكنها جميعاً كانت روايات مهمومة بالمواقف، والتعبير عن حياة الناس، وما يرجونه، وما يسعون إليه، شأنها في ذلك شأن موقفه الأخير الذي عبر عنه بعدم قبول الجائزة، لأنه يرى مقتنعاً بأن الحياة.. هي مواقف وحسب! Hasanhamid5656@gmail.com
توفي اليوم الكاتب والروائي المصري صنع الله إبراهيم عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد...
رحل اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025 الأديب المصري الكبير صنع الله إبراهيم عن عمر ناهز 88...
رحل اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025 الأديب المصري الكبير صنع الله إبراهيم عن عمر ناهز 88...
رحل الروائي المصري الكبير، صنع الله إبراهيم، أحد أعمدة الأدب والفكر الحرّ، الذي...
وزير الثقافة: الكتاب يمثل تقديرًا مستحقًا لقيمة أديب استثنائي ترك بصمة بارزة في...
نعى مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، في...
نعى مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، في...
كتب / على حسن توفي الأديب والروائي المصري صنع الله إبراهيم عن عمر يناهز 88 عامًا،...
توفّي الأديب المصري البارز صنع الله إبراهيم، الأربعاء الماضي 13 غشت 2025، عن عمر...
اخر خبر عن عمر ناهز 88 عاماً، رحل الأديب المصري البارز صنع الله إبراهيم، تاركاً...