سعد عبد الراضيفي قلب الإمارات، حيث تلتقي الكثبان الذهبية بمدى السماء المفتوح،...
Vous n'êtes pas connecté
هزاع أبو الريش لا تمثل الصحراء الإماراتية وحدها مصدراً ملهماً في الأدب والفن التشكيلي وشتى الفنون البصرية، وإذا كان للصحراء حضور طاغٍ بما تحمله من دلالات تاريخية ورمزية، وبما تجسده في المقابل عن الإرادة الصلبة للإنسان الإماراتي في مواجهتها وتطويعها وتحقيق ما كان يبدو للبعض مستحيلاً، فإن مختلف مفردات الجغرافيا الطبيعية الأخرى في الإمارات واحدة من أبرز روافد الإبداع الثقافي والفني، حيث يُشكل التراث الطبيعي مصدر إلهام غني للمبدعين في مجالات الأدب والفن التشكيلي. هذا الحضور لا يرتبط فقط بجماليات المشهد، بل يتصل اتصالاً عميقاً بالوجدان الشعبي والهوية والانتماء، كما أن الطبيعة تمثل قاعدة فلسفية وجمالية تغذي الخيال وتحرّك دوافع التعبير.المتأمل في المشهد الجغرافي الإماراتي، يدرك أن مكونات الطبيعة من رمال وجبال وبحار وكثبان وواحات، ليست مجرّد تضاريس، بل رموز متجددة في الوعي الجمعي، تستنهض الأفكار الإبداعية، فتنبض في القصائد، وتنبثق من الريشة واللون والكلمة. الأمر الذي يؤكد أن العلاقة بين المبدع والطبيعة علاقة وجدانية وفكرية، تتجلى في الإنتاج الثقافي كتوثيق حي لذاكرة المكان. فهي محرك جمالي يدفع المبدع إلى عوالم من الألق حين يترجم مشاهد الطبيعة من خلال أدواته لتخرج إلى النور في شكل مكتوب أو فني.ومن المعروف عالمياً عبر التاريخ، أن مشاهد الطبيعة لها التأثير الأكبر في ذات المبدع، حيث يكون التأثير البصري فاعلاً ومحركاً للإبداع بأشكاله المختلفة، وفي دولة الإمارات تعد الطبيعة أساساً للموروث الذي يمثل الهوية الإماراتية، باعتبار أن كل مفردات الماضي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمكان.«الاتحاد الثقافي» استطلع آراء بعض المبدعين والأكاديميين، للوقوف على مدى تأثير مكونات الطبيعة الإماراتية على إبداعاتهم المكتوبة والتشكيلية. في البداية، يقول الشاعر الدكتور طلال سعيد الجنيبي: «بلا شك، إن المعالم الطبيعية تُعد من أهم مصادر استقاء الفكرة في الإنتاجية الإبداعية، سواء كانت ثقافية أم فنية، فهذه النتاجات غالباً ما تعتمد على النظر في مثل هذه المعالم والمصادر الطبيعية، والاستقاء منها، وإعادة تشكيل هذه الملامح في منتج إبداعي. وهذا ما لا يخفى على كل متابعٍ للشأن الإبداعي ككل». وتقول الناقدة والأكاديمية الدكتورة فاطمة المعمري: «العلاقة بين المعالم الطبيعية والإنتاج الثقافي والفني عميقة، إذ لطالما كانت الجبال والبحار والواحات مصدر إلهام للمبدعين، وبوابة لتفكيك الهوية الجمالية والوجدانية للمكان في الإمارات، لم يكن الفن بمعزل عن الطبيعة، بل كانت الجغرافيا روحاً تسري في القصائد، وتنبض في الروايات، وتتجسد في الأغاني واللوحات المسرحية». وتضيف: «نجد البحر، على سبيل المثال، يحتلّ حيزاً كبيراً في روايات علي أبو الريش والعديد من الكتاب غيره، حيث يتجاوز كونه خلفية مكانية، ليصبح كائناً حياً، وشاهداً على التحولات المجتمعية والنفسية لشخصياته، أما جبال الدولة، فقد تحوّلت في القصائد الشعبية إلى رمز للشموخ والثبات، وارتبطت في الذاكرة الأدبية بالمهابة والسكينة، ونجدها في الأعمال الروائية والفنية المنوعة. وفي أعمال الفنانين التشكيليين الإماراتيين، مثل عبد القادر الريس، وعبيد سرور، وناصر بوعفراء، وغيرهم، نجد استحضاراً بصرياً مستمراً للماء والصحراء، كعنصرين متقابلين يشكلان روح المكان وذاكرته. حتى الأغنية الشعبية استحضرت الطبيعة في تفاصيلها، فكم من أهزوجة ارتبطت بالنخيل والساقية والرمل، وكم من شلّة حملت صوت الصحراء والريح. وواحات العين، بما تمثّله من جمال واستقرار، حضرت في النصوص الشعرية كرمز للحياة والارتواء والانتماء. وهكذا، ساهم المنتج الثقافي، بأبعاده المتعددة، في توثيق هذه المعالم وتثبيتها في الخيال العام، مما منحها حصانة معنوية من التغييب أو النسيان، وجعل من الثقافة حارساً صامتاً لذاكرة الطبيعة بكل تفاصيلها وفصولها الوطنية». مصادر للإلهام من جانبها، تقول الفنانة التشكيلية فاطمة عدنان الشرهان: «لطالما شكّلت المعالم الطبيعية في الإمارات، من جبال وسهول وبحار وأودية، مصدراً رئيسياً للإلهام والإبداع، ومرآة عاكسة لهوية المكان وذاكرة الإنسان، فهي ليست مجرد تضاريس جغرافية، بل هي مكون جوهري من مكونات الإنتاج الثقافي والفني، ورافد حيّ لذاكرة المجتمع. فنحن لا يمكن أن نفصل الجبال عن القصائد، ولا البحر عن الأهازيج، ولا الرمال عن لوحات الفن، فمجدداً، المعالم الطبيعية ليست مجرد تضاريس ترسم الخريطة، بل ذاكرة حيّة تُنقش في وجدان الناس وتتشكّل بها الهوية».وتضيف: «هي الجذور الممتدة التي ينهل منها الفنان والمثقف، فيصوغ منها منتجاً ثقافياً يعكس علاقة الإنسان بأرضه وبيئته، وهويته وكيانه.وتابعت: نحن أبناء البحر الذي يعانق سواحل المدينة، وترتسم في عيوننا مشاهد الوادي بعد المطر، وفي دفاترنا تسكن رائحة الحصى المبلل. نحن نؤمن أن كل كائن، كل صخرة، كل ظلّ شجرة، يحمل سراً من أسرار هذا المكان». دور حيوي تقول الكاتبة روضة محمد الحمادي – طالبة أكاديمية وباحثة في مجال الطبيعة: «لعب الإنتاج الثقافي والفني، بأبعاده المتعددة، من الشعر والرواية إلى الرسم والفنون التشكيلية والصورة الفوتوغرافية، دوراً حيوياً في الحفاظ على الذاكرة الطبيعية لمناطقنا المحلية. لم تكن النصوص واللوحات الفنية والأدبيات السردية مجرد محاولات جمالية، بل كانت توثيقاً روحياً، ورصداً لتفاصيل قد تغيب عن عين الباحث، لكنها تبقى في عين المبدع». وأضافت: «حفظ الذاكرة الطبيعية لا يمر عبر القوانين والمناهج التعليمية فقط، بل أيضاً عبر القصص التي نرويها، والأغاني التي ننشدها، والألوان التي نختارها على اللوحات والأوراق. فحين نحفظ تضاريس المكان في وجداننا، نحفظ معه هويتنا». الإنسان والطبيعة يقول الشاعر علي بن الشايب القحطاني: «يقال في القدم إن الشاعر ابن بيئته، أي أنه أشبه برسام موهوب أو بمصوّر بارع، يلتقط من بيئته المحيطة ما يلهمه ويحرك في داخله الإبداع، ليخرج للآخرين بصورة ما مليئة بالجمال المبهر. فنجد ابن البيئة البحرية تمتلئ نصوصه بالحديث عن البحر وأنغام (اليامال)، في حين تدور نصوص شعراء البادية حول الرمال والغربة والارتحال. تحتفظ الذاكرة الشعبية بالعديد من القصائد والقصص الشعبية (الخراريف)، التي كانت أشبه بسجل توثيقي وتدويني للعديد من ملامح الحياة قديماً بجميع تفاصيلها الملموسة والرمزية». وأضاف: «هناك بعض الجبال والأودية التي يندر الإشارة إليها في الكتب التوثيقية والعلمية، ولكننا نجدها قد ذُكرت في إحدى القصائد لأحد الشعراء، وقد لا يكون لها ذكر إلا في هذه القصيدة الوحيدة. فهنا، يكون للأدب الإبداعي مرجعية توثّق حالة من الرمزية البيئية. فالمعالم الطبيعية ليست فقط مصدر إلهام، بل مرآة تعكس مشاعر الإنسان وهمومه وأحلامه. حين يُستنزف المكان، يفقد الفن أصالته، لذا يصبح دور المنتج الثقافي محورياً في ترسيخ العلاقة بين الإنسان والطبيعة».
سعد عبد الراضيفي قلب الإمارات، حيث تلتقي الكثبان الذهبية بمدى السماء المفتوح،...
في ظل ازدحام الوجهات السياحية التقليدية حول العالم، بات المسافرون يبحثون عن أماكن...
تقع نجران في جنوب غرب المملكة العربية السعودية، عند تخوم الصحراء وعلى مقربة من...
تقع نجران في جنوب غرب المملكة العربية السعودية، عند تخوم الصحراء وعلى مقربة من...
تحولت جولات التصوير الفوتوغرافي إلى واحدة من أكثر أنواع الرحلات رواجًا في السنوات...
في قلب سلسلة جبال ريلا في بلغاريا، وعلى ارتفاع يفوق 2000 متر فوق سطح البحر، تمتد...
في قلب المحيط الأطلسي، وعلى بعد حوالي 1500 كيلومتر من سواحل البرتغال، تتناثر جزر...
في صحراء جنوب الأردن، تختبئ واحدة من أعظم عجائب العالم القديم، مدينة البتراء، تلك...
في سهل سالزبوري الهادئ بجنوب إنجلترا، تنتصب مجموعة من الأحجار الضخمة في تشكيل...
تزداد جاذبية الرحلات الاستكشافية يومًا بعد يوم، لا سيما في عصر أصبحت فيه الحاجة...