- ALITTIHAD.AE - الرئيسية - 24/Aug 20:15

العاقل.. المجنون

صفة وسلوك يلازمان الإنسان في الليل والنهار، وعلى مر الأزمان، ليجمع الإنسان بين الخصلتين بامتياز، دون سائر المخلوقات. فهذا الكائن المخاتل، يماطل الواقع، ويغامر في سلوكه حتى أصبح كائناً بجناحين، ولكنه لا يطير مهما رفرف، ومهما تطرف، ومهما أضاف وحذف، ومهما قذف أو استهدف، يبقى الإنسان هو مخلوق الصفتين المتناقضتين، ولذلك لا يشعر مخلوق مثله بالأسى، ولا بالإحباط، ولا بالفرح، ولا بالحزن. إنه يستخرج من العقل الباطن كل ما يجعله بلون الحرباء، يغوص في تراب المحن، ولا يُعرف له مصير، ويسبح على رمال التشكل، ولا يفهم له اتجاه، ومنذ فجر التاريخ استمد قدرته على الظهور، والاختفاء، دون أن تمسك به العقول، ولا حتى العيون، لأنه يمسك بالجهتين، ويقبض على القدرتين، ويستبيح الأفكار كيفما شاء، ومتى، وأين، كلما هبت رياح تبعها، وكلما أناخت نياق احتلبها، والمصير واحد، لأن الحقائق لا تنصف إلى نصفين، وبرتقالة الواقع تبدو في الزمان منديل عرق ينشف به من اعترضته قطرات الملح على الجبين.