- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 25/Jun 15:36

واقع المخترعين في البحرين بين التحديات والفرص

في خطوة علمية نوعية تهدف إلى تطوير منظومة الابتكار والاختراع في مملكة البحرين، تعتزم الجمعية البحرينية للباحثين والمخترعين إطلاق دراسة وطنية تحليلية بالتعاون مع جامعة المملكة، تحت عنوان: " واقع المخترعين في مملكة البحرين: التحديات والفرص". وقد أوضحت رئيسة الجمعية د. جفلة حسن العماري أن هذه المبادرة تأتي في ظل الحاجة المتزايدة إلى قراءة دقيقة للواقع الذي يعيشه المبتكرون والمخترعون البحرينيون، من حيث التحديات العملية، والفرص الممكنة، والآليات التي من شأنها تحويل الأفكار الابتكارية إلى منتجات فعلية تسهم في دعم الاقتصاد الوطني. تُركّز الدراسة المرتقبة على أهمية الاختراع والابتكار كمحرّكات حقيقية للتنمية الاقتصادية المستدامة، خصوصًا في ظل التوجه العالمي نحو الاقتصادات القائمة على المعرفة والتقنية. ورغم ما أظهرته البحرين من إرادة سياسية واضحة لتشجيع الابتكار من خلال برامج مثل "تمكين"، ووجود أكثر من 34 مسرعة وحاضنة أعمال، إلا أن الأرقام تشير إلى فجوة قائمة في عدد براءات الاختراع المسجّلة مقارنة بدول خليجية أخرى. فعلى سبيل المثال، وبحسب تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) لعام 2022، لم تتجاوز طلبات براءات الاختراع في البحرين 87 طلبًا، مقابل 1,892 طلبًا في السعودية، و429 في الإمارات. في ضوء ذلك، تسعى الدراسة إلى استكشاف العوامل التي تُعيق تطوّر بيئة الاختراع في المملكة. من أبرز هذه التحديات ما يتعلق بالبيئة التشريعية، مثل: طول إجراءات تسجيل براءات الاختراع، وضعف الحماية القانونية للملكية الفكرية، إضافة إلى صعوبات في التمويل، وعدم توافر برامج داعمة تُواكب مراحل تطوير الفكرة إلى منتج. كما ستتناول الدراسة مسألة ضعف الارتباط بين البحث العلمي والتطبيق الصناعي، وغياب التنسيق الفعّال بين الجامعات والقطاع الخاص، إلى جانب التحديات التسويقية التي تواجه المخترعين في إيصال منتجاتهم إلى السوق. وعلى الصعيد المجتمعي، يُلاحظ أن ثقافة الابتكار ما زالت بحاجة إلى ترسيخ أوسع، لا سيما بين فئة الشباب. وستُعتمد في تنفيذ الدراسة أدوات بحثية ميدانية تشمل استبانات موجهة للمخترعين وطلبة الجامعات، بالإضافة إلى مقابلات متخصصة مع بعض الجهات ذات العلاقة، مثل: "تمكين"، وبنك البحرين للتنمية، والجمعية البحرينية للملكية الفكرية، ووزارة الصناعة والتجارة، وبعض الجامعات، إلى جانب تحليل سياسات الابتكار المعمول بها حاليًا. وتكمن أهمية هذا المشروع البحثي في تقديم رؤية واقعية مبنية على معطيات علمية من شأنها أن تُفيد صانعي القرار في مؤسسات الدولة والجامعات والقطاع الخاص. كما تهدف الدراسة إلى اقتراح حلول عملية للمعوقات القائمة، سواء من خلال تعزيز البيئة التشريعية، أو توفير أدوات تمويل مبتكرة، أو تحسين التنسيق المؤسسي، أو إطلاق برامج تأهيلية للمخترعين حول الجوانب التجارية والتسويقية لمشروعاتهم. وتطرح الدراسة في جوهرها مجموعة من الأسئلة المحورية، مثل: •    ما أبرز التحديات التي تواجه المخترعين في البحرين؟ •    ما مدى فاعلية السياسات الحكومية الحالية في دعمهم؟ •    كيف يمكن تحويل الابتكارات إلى منتجات قابلة للتسويق؟ •    ما العوامل التي تمكّن المخترع البحريني من الانتقال من الفكرة إلى السوق؟ •    ما دور الجامعات في تعزيز الابتكار والاختراع؟ وتسعى الدراسة من خلال هذه الأسئلة إلى تحديد عناصر النجاح اللازمة لبناء بيئة محفّزة للابتكار في البحرين، مع التركيز على الخبرات المحلية كنماذج يمكن البناء عليها لفهم التحديات والتجارب الملهمة. وقد أشادت رئيسة الجمعية بالدور الفاعل الذي أبدته جامعة المملكة في دعم هذه الدراسة، مؤكدة أن هذا التعاون يعكس إيمان الطرفين بأهمية ربط الجهد البحثي باحتياجات المجتمع. كما شدّدت على أن نتائج الدراسة لن تكون مجرد وثيقة علمية، بل ستُشكّل خارطة طريق واقعية قابلة للتطبيق، من خلال التوصيات الموجهة إلى الجهات المعنية، والمبنية على تجارب المخترعين أنفسهم. إن هذه المبادرة تمثل خطوة حقيقية نحو بناء منظومة وطنية متكاملة للاختراع والابتكار، قادرة على تحفيز العقول البحرينية وتوظيف طاقاتها في مشاريع اقتصادية مستدامة. ولأن الاقتصاد الحديث لم يعد يعتمد فقط على الموارد الطبيعية، بل يقوم على الابتكار والمعرفة، فإن البحرين بحاجة اليوم — أكثر من أي وقت مضى — إلى دعم المخترعين وتحويلهم إلى رواد أعمال وصُنّاع حقيقيين للتنمية.