- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 02/Jul 21:07

ذكرى رحيل الفنان علي بحر.. صوت البحرين و“حبيب الشعب”

يُعد الفنان البحريني الراحل علي بحر، المولود عام 1960 والذي انتقل إلى رحمة الله في 3 يوليو 2011، أيقونة موسيقية حقيقية. بصفته مغنيًا، عازف جيتار، وكاتب أغانٍ، يُنظر إليه على نطاق واسع كأحد أبرز الشخصيات الفنية وأكثرها تأثيرًا في البحرين، كونه بالفعل “صوت البحرين” و”حبيب الشعب”، ليس فقط محليًا بل في منطقة الخليج العربي وما وراءها. ارتقى علي بحر إلى الشهرة كالمغني الرئيسي لفرقة “الأخوة البحرينية” الأيقونية، حيث أبدع في مزج الموسيقى الخليجية الأصيلة مع إيقاعات الريغي، الروك، والبوب ببراعة فريدة. هذا الدمج المبتكر منحه صوتًا وأسلوبًا غنائيًا مميزًا للغاية، بلهجة بحرينية أصيلة، ترك بصمة لا تُمحى. سحر بحر الجماهير بصوته الشجي، وعمقه العاطفي، وكلمات أغانيه ذات الصدى الاجتماعي، بالتعاون مع باقي أعضاء “الأخوة البحرينية”. غالبًا ما تناولت أعماله مواضيع الحب، الفراق، وتفاصيل الحياة اليومية في البحرين والخليج، مما أكسبه قاعدة جماهيرية عريضة وواسعة، ليس في البحرين وحدها، بل في جميع دول مجلس التعاون الخليجي. انطلقت مسيرة بحر الفنية منذ نعومة أظافره، إذ كان شغوفًا بفن “النهمة” البحري التراثي الأصيل، ومولعًا بأداء الأغاني الخالدة لكبار المطربين البحرينيين القدامى. هذا العشق العميق للتراث الفني المحلي شكّل أساسًا متينًا لرحلته الغنائية اللاحقة. واصل علي بحر مشواره الغنائي ليحقق نجاحًا باهرًا بعد تأسيس فرقة “الأخوة البحرينية” مطلع التسعينيات. تميزت الفرقة بحضورها القوي والمبتكر، مقدمةً مزيجًا فريدًا من الموسيقى الخليجية التقليدية ولمسات عصرية من الريغي والروك والبوب. هذا المزيج الجريء منح علي بحر وفريقه بصمة صوتية وموسيقية مميزة جدًا، جعلتهم يبرزون بوضوح في الساحة الفنية العربية. لم تكن مسيرة الفنان الراحل علي بحر مجرد موهبة فردية، بل كانت انعكاساً لفترة ذهبية من الانفتاح الفكري والحداثة التي شهدتها البحرين. ففي زمن كانت فيه المملكة تتجه نحو استيعاب تأثيرات الحضارة الغربية، كان عشق بحر للموسيقى والغناء ينمو ويتشكل على إيقاع هذا التحول. من الطبيعي أن يتجه بحر بأسلوبه الغنائي نحو اللون الغربي، فقد سبقت ظهور فرقته الأيقونية “الأخوة البحرينية” عدة فرق بحرينية أخرى مهدت الطريق لهذا النمط، ممارِسةً الغناء بأسلوب غربي متميز. من أبرز تلك الفرق نذكر “الوعد البحرينية” مع عازف الجيتار الأسطوري محمد المحميد، والتي كان الفنان سلطان الماس (الذي أصبح لاحقاً عازف التانغو في فرقة الإخوة) عضواً فيها. كما شهدت تلك الفترة بروز فرق مثل “صن شاين” (Sunshine)، “روتس” (Roots)، “الأصدقاء”، “الأمواج البحرينية”، “العائلة”، و”الشاركس”. لا يمكن الحديث عن هذا المشهد الموسيقي الملهم دون ذكر الفنان عبد الله غيتار، الذي ذاع صيته في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات بمنطقة المنامة، وكان له تأثير كبير في ترسيخ هذا اللون الغربي الذي تبنته “الأخوة البحرينية” لاحقًا بقيادة علي بحر. هذه الخلفية الغنية بالفرق والمواهب مهدت الطريق لعلي بحر ليمزج ببراعة بين أصالة الموسيقى الخليجية وروح الروك والريغي، ليصنع لنفسه ولفرقته مكانة فريدة كرواد لهذا النمط في المنطقة. عُرف علي بحر بصوته القوي والدافئ، وأدائه العاطفي الذي كان يلامس وجدان الجماهير. إضافة إلى موهبته الاستثنائية، كان تواضعه الجم وحضوره العفوي على المسرح من أبرز صفاته التي قربته من جمهوره العريض. أغانيه التي غالبًا ما تناولت الحب، الفراق، وقصص الحياة اليومية، رسخت مكانته كفنان شعبي بامتياز. من بين أشهر أغانيه “يمة وردة”، “البارحة”، و”اشقد أحبك”، ”أنا والليل والقمرة“، ”مريت على بابكم“، ”روح الله يسامحك“، ”اعترف“، ”يمكن تنسوني“، ”سافر على جفون الصبر“، ”كم عانيت“، ”صدقيني“، ”جمال الكون“، ”مشتاق”، ”يا صاحبي“، ”أكبر من الشوق“، ”دمع العيون“ وغيرها الكثير. وقد جعلته حفلاته المتنوعة وحضوره الأصيل شخصية محبوبة حتى وفاته المبكرة عام 2011 بسبب الفشل الكلوي. لا يزال علي بحر رمزًا ثقافيًا راسخًا في البحرين، يُذكر ليس فقط لموسيقاه بل أيضًا لكونه جسرًا ربط الأجيال، وحدّث المشهد الموسيقي الخليجي دون أن يفقد هويته الأصيلة حتى يومنا هذا. يستمر إرثه عبر تسجيلاته وتأثيره الدائم على الفنانين البحرينيين الشباب الذين ما زالوا يستمعون إليه بكل حب وتقدير.