X

Vous n'êtes pas connecté

  - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 26/Jun 22:55

تاجر ورحالة عاش بين ضفتي الخليج العربي

 إلى أين تأخذنا صفحات كتاب: ”محمد بن عبدالرحمن العوضي: مذكرات، تاريخ، أدب، مسرح”؟ للوهلة الأولى، يتراءى لنا الجهد الكبير الذي بذله الباحثان الدكتور علي محمد أمين الصوفي والمهندس حامد محمد خادم العوضي في البحث والتدقيق وجمع المعلومات والوثائق عن “شخصية موسوعية” يمكن وصفها “بالكنز” لما قدمه الراحل من عطاء فكري وأدبي واجتماعي واقتصادي كذلك. تاجر ورحالة بحريني وفي سياق الهدف، يشير الباحثان إلى أن هذا الكتاب “وهو من جزأين” يعرف القارئ بشخصية لم يذكرها التاريخ، فهو تاجر ورحالة بحريني عاش بين ضفتي الخليج، وقضى حياته في فترة هيمنة الاستعمار الغربي عامة والبريطاني خاصة على معظم دول منطقة الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية، فالكتاب يوثق حياة الراحل وفكره وعقيدته السياسية والدينية والاجتماعية من خلال تجربته في الاندماج مع المجتمعات المختلفة قي الخليج والقارة الهندية، وسرد أخبارها وأحوالها السياسية وعاداتها المجتمعية من أوائل القرن الماضي حتى نهاية الستينيات، وعرض ما قدمه من مؤلفات عدة في مواضيع قلة ما كُتبت عنها والتي ممكن الاستفادة منها في وقتنا الحاضر.  توفي الوجيه محمد بن عبد الرحمن العوضي رحمه الله في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي في البحرين وتحديدًا عام 1958، تاركًا وراءه أكثر من نصف قرن من تجربته الإنسانية في مؤلفات عديدة في التاريخ والمذكرات والرحلات، والآراء السياسية، والشعر، ومسرحية، وغيرها. ولسبب ما لم ير عمله النور طوال حياته، على الرغم من أنه كان قريبًا لنا، إلا أنه لم يكن أحد على علم بأعماله حتى قبل 35 سنه عندما اكتشفت في منزله القديم أثناء هدمه في حي العوضية، مملكة البحرين. كان العوضي رجل أعمال، ووكيلًا لآلة الخياطة سنجر (Singer) في كل من بندر لنجة وكرمان وخرم شهر والبصرة وبعد ذلك في البحرين.     مؤلفات لم تنشر تزيد عدد مؤلفات الراحل عن العشرين كتابًا وأكثر من 8000 صفحة، وبالرغم من ذلك لم يُنشر أي منها طوال حياته علمًا أنه قد بذل جهدًا كبيرًا في طبع ونشر كتبه، الكثير من معاصريه ومن بعده لم يكن لديهم أي دراية بمؤلفاته، ما عدا المرحوم محمد عقيل خادم العوضي الذي كان على علم بما يحتفظ بها الأستاذ في بيته من المؤلفات، فهرع بجمعها قبل حوالي 30 سنه، عندما صادف أن رأى بيت العوضي تحت الهدم في حي العوضية بالمنامة، عاصمة مملكة البحرين. الكتاب من جزأين ومع ذلك يمثل فقط الثلث من مجموع مؤلفاته، يحتوي الكتاب على فصول عديدة منها تدوينات رحلاته الثلاث إلى الهند وهي أقدمها من حيث تاريخ الوقائع بدأ من سنة 1912 ومذكراته الثالثة والرابعة (1346 - 1356 هـ) الغنية بالمعلومات عن أحداث المنطقة والدول الأخرى وثقافاتها ورجالاتها. وكتاب القضية التركية، إلى جانب تدوينات لرحلاته إلى الحج وكراتشي والشام (لبنان وسورية وعمان والقدس) ومدن عدة في إيران، بالإضافة إلى رسالة الرد على السيد سعيد نفيسي في طهران ونص مسرحي لأحداث واقعية تحاكي فساد المسؤولين المحلين للدولة حينئذ في بندر لنجة ومواضيع أدبية أخرى من الشعر والفلسفة، ومن تركاته الثقافية كذلك، بالإضافة إلى محتوى هذا الكتاب، ثمانية كتب مخطوطة أخرى في التاريخ والسياسة عن إيران ومصر وأفغانستان وتركيا.     إجمالًا، يمكن تقسيم حياة الأستاذ محمد بن عبد الرحمن العوضي إلى أربع فترات عامة؛ الطفولة وفترة شبابه في بندر لنجة واثنتي عشرة سنة من العمل المهني والإداري في دبي، والفترة الثانية هي بداية ازدهار الأعمال التجارية والسفر وتكوين الأسرة في لنجة، الفترة الثالثة، أي فترة الكساد واضطراب السوق والحالة الاجتماعية، والهجرة من بندر لنجة إلى البحرين، وأخيرًا الفترة الرابعة وهي استئناف التجارة في البحرين وازدهارها، إضافة إلى الأنشطة الاجتماعية الواسعة ومعاودة السفر والسياحة المختلفة. ولد عام 1887 في بندر لنجة. كان جده الكبير الملقب بالملا علي قد هاجر من المدينة مع الشيخ حسن المدني واستقرا في جنوب فارس في بندر نخيلو. بعد ذلك انتقل إلى عوض بمحافظة فارس واستقر فيها. بعد بضع سنوات، انتقل إلى بستك وثم إلى بندر لنجة، وبنى له بيتا في الحي الأفغاني. ولد محمد بن عبد الرحمن العوضي في ذلك البيت، بيت الأجداد. حياته المهنية  في طفولته، ساعد والده في الأعمال التجارية، تم إرساله إلى دبي في سن الرابعة عشرة من عمره، ولمدة اثني عشر عامًا عمل في إيجاد وإدارة فرضة دبي مع الحاج محمد إبراهيم العوضي وكيل “بریتیش‌ اندیا استیم نویجيشن کمبانی” British India Steam Navigation Company. بعد وفاة الحاج محمد إبراهيم عام 1912، اختلف مع الإنجليز واستقال وانتهى عمله في دبي. وفي نفس العام، قام بأول رحلة له إلى الهند مع طلاب المدرسة، وفي نوفمبر 1913، بدأ نشاطًا تجاريًّا جديدًا في بندر لنجة، وبعد شهر أصبح ممثلًا لمنتجات ماكينات الخياطة “سنجر” (Singer).   في يونيو 1916، بدأ العمل كوكيل ومسوق لمنتجات شركة نفط الأنجلو - بيرشن Anglo Persian Oil Company مع الحاج حبيب عبد الرضا لاري، واستمر معه حتى مارس 1922، في وقت لاحق من ذلك العام، تم انتخاب السيد محمد شريف ملا محمد مدني كوكيل وتم اختيار الأستاذ من قبل المرحوم محمد شريف مديرًا لشركة النفط البريطانية الإيرانية في بندر لنجة. لكن بعد وقت قصير من وفاة محمد شريف محمد في مايو 1926م، استقال من العمل. هجرته إلى البحرين تزوّج خير النساء محمد أمين عام 1918 في بندر لنجة، وفي عام 1920 ولد ابنه عبد الرحمن، وبعد سنوات، في عام 1927، رزق بابنة سميت أسماء، بعد تدهور استقراره المالي والتجاري، غادر في سن الأربعين، عام 1927، بندر لنجة لكسب العيش. وفي سنة 1928 قبل شروط سنجر لتمثيل الشركة في البحرين فقط، بعد إقامته في البحرين لسبعة أشهر تم تقديمه كوكيل للشركة في البحرين فنجح في إعادة تمثيل آلات خياطة سنجر، ولكن هذه المرة في البحرين. بعد ذلك غادر إلى بومباي وعاد إلى بندر لنجة بعد 27 شهرًا من غيابه وفي وقت لاحق، سافر إلى الكويت والبصرة.  حياته المهنية وأسفاره بعد الهجرة بين عامي 1928 - 1933، سافر إلى دبي، بندر لنجة، بندر عباس، كرمان، ميناب، بوشهر، الكويت، البصرة، الزبير والإحساء. كما عمل بالتجارة العامة في الاستيراد والتصدير في البحرين، وفي عام 1934 أضاف اسم “علي نيا” إلى اسم عائلته، وفي نفس العام انتقلت عائلته من بندر لنجة لتستقر في البحرين. وفي عام 1948، بنى منزله الخاص في حي العوضية في البحرين. بعد استقراره في البحرين، أمضى وقت فراغه في كتابة مذكراته، كتب معظم كتبه في الأعوام (1924 – 1938) في البحرين، اشتهر بأنشطته الثقافية ومشاركته في الأوساط العلمية والأدبية في البحرين، وكان أيضًا عضوًا في مجلس أمناء امتحانات المدارس الإيرانية في البحرين. في أغسطس 1949 حصل على جواز سفر بحريني الجنسية، وفي نفس العام سافر مع زوجته لأداء فريضة الحج. سافر إلى كراتشي عام 1950. وفي عام 1953 سافر إلى طهران وكانت آخر رحلاته إلى القدس عام 1954. علاقاته الاجتماعية والثقافية  جمع الراحل في مكتبته مجموعة كبيرة من الكتب والمجلات بلغات مختلفة مثل الفارسية والعربية والإنجليزية كذلك الأردية، كان يجيد اللغات العربية والإنجليزية والأردية. ترك العديد من المراسلات التجارية والثقافية مع دول ومدن مختلفة مثل عمان ومصر وكراتشي وبومباي ونيويورك وبوسطن والبحرين والكويت والمملكة المتحدة، وكان مهتمًّا جدًّا بزملائه المفكرين مثل السيد كاظم زاده صاحب مجلة ومطبعة إيران شهر في برلين وأمير الكتاب ميرزا عبد الحميد خان ملك الكلامي، وخاصة محمد علي سديد السلطنة والأديب الشاعر إبراهيم العريض ومحمد أمين لطفعلي خنجي والسيد جلال الدين مؤيد الإسلام المالك ومدير جريدة حبل المتين والتقى برؤساء ومسؤولين مثل الشيخ بطي بن سهيل حاكم دبي والشيخ بطي بن راشد وزير امارة دبي وسلطان مسقط والأمير سعود بن عبد العزيز والشيخ حمد آل خليفة والشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفه وماجور دلي وكابتن هاكين بوثام، القنصل الإنجليزي في البحرين والسياسيون الهنود أمثال نهرو مولانا شوكت ومولانا محمد علي وغيرهم كثر.  شخصيته ومواقفه الوطنية تلقى تعليمه في بندر لنجة وتربى وعاش فيها، أوجدت المدينة المكونة من المذهب السني والشيعي واللغتين الفارسية والعربية، عقيدة تسامحيه ووطنية خاصة لديه، وكان مدافعًا عن وحدة الشعب وتجنب النفاق والانقسام، كما كان للعوضي مواقف وآراء حازمة، خصوصًا بما يتعلق بالمواقف الوطنية والاستعمار، ومحاربة البدع، أو الإساءة إلى الرموز الإسلامية من آل البيت الكرام وأصحاب النبي (عليه الصلاة والسلام). كان الراحل يعاني دائمًا من اعتلال الصحة خصوصًا في السنوات الأخيرة من حياته وقد خضع لعملية جراحية لاستئصال الدودة الزائدة. واعتاد دائمًا لزيارة الأطباء أثناء سفره، حيث مكث في آخر سفره في مستشفى محمد خالد في بيروت لأكثر من أسبوعين لنقل الدم. أظهر تقرير الفحوصات الطبية في كراجي والبحرين عام 1950 أنه كان يعاني من مشاكل فقر الدم ونقص الهيموجلوبين واللوكيميا، توفي الراحل محمد بن عبد الرحمن علي نيا العوضي في البحرين في السن 72 سنة في عام 1958 بعد أن عاش 29 عامًا في بندر لنجة، و12 عامًا في دبي و31 عامًا في البحرين بذل جهدًا ثقافيًّا واجتماعيًّا ومهنيًّا كبيرًا وقد أشاد معاصريه بالإجماع بشخصيته العلمية وقيمته الأخلاقية. رحمة الله عليه.

Articles similaires

Sorry! Image not available at this time

ذكرى رحيل الفنان علي بحر.. صوت البحرين و“حبيب الشعب”

albiladpress.com - 02/Jul 21:07

يُعد الفنان البحريني الراحل علي بحر، المولود عام 1960 والذي انتقل إلى رحمة الله في 3...

Sorry! Image not available at this time

قصة رأس المال الصغير من شركة نفط بالشرقية

albiladpress.com - 25/Jun 22:15

في منتصف الأربعينيات، كان المرحوم محمد بن يوسف جلال رحمه الله يعمل مع والده في محل...

Sorry! Image not available at this time

رئيس دولة الإمارات يصل الدوحة في زيارة أخوية

albiladpress.com - 25/Jun 15:54

وصل رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى الدوحة في زيارة أخوية إلى...

Sorry! Image not available at this time

الأمهات البحرينيات المثاليات... مسيرة عطاء وتكريم

albiladpress.com - 21/Jun 21:31

بالنظر إلى نماذج من قصص نجاح الأمهات البحرينيات اللواتي أحرزن لقب الأم المثالية...

Sorry! Image not available at this time

الأمهات البحرينيات المثاليات... مسيرة عطاء وتكريم

albiladpress.com - 21/Jun 21:31

بالنظر إلى نماذج من قصص نجاح الأمهات البحرينيات اللواتي أحرزن لقب الأم المثالية...

Sorry! Image not available at this time

انطلاق “مهرجان الألعاب” في مركز المعارض بضعف المساحة والألعاب

albiladpress.com - 30/Jun 22:35

 200 طالب وطالبة يشاركون في التنظيم ويستقبلون الزوار في الصفوف الأولى التذاكر...

Sorry! Image not available at this time

انطلاق “مهرجان الألعاب” في مركز المعارض بضعف المساحة والألعاب

albiladpress.com - 30/Jun 22:35

 200 طالب وطالبة يشاركون في التنظيم ويستقبلون الزوار في الصفوف الأولى التذاكر...

Sorry! Image not available at this time

“بوخماس”.. الفصل الأول في سوق القيصرية قبل 151 عاما

albiladpress.com - 21/Jun 23:37

يوثق جامع التراث والمهتم بالموروث الشعبي حسين آل بن خاطر جانبا مهما من بدايات...

Sorry! Image not available at this time

“بوخماس”.. الفصل الأول في سوق القيصرية قبل 151 عاما

albiladpress.com - 21/Jun 23:37

يوثق جامع التراث والمهتم بالموروث الشعبي حسين آل بن خاطر جانبا مهما من بدايات...

Sorry! Image not available at this time

معركة صامتة خلف الشاشات.. كيـف أحدثت تقنية الفيديو ثورة في التحكيم المحلي؟

albiladpress.com - 27/Jun 22:12

الزعبي: الـ “VAR” ليس مجرد أداة إلكترونية.. بل جزء من مشروع تطوير شامل للكرة...