في كل مرة تنهار فيها سوق، أو تندلع حرب مفاجئة، نجد من سبق الجميع بخطوة، ترتفع أسعار...
Vous n'êtes pas connecté
في كل مرة تنهار فيها سوق، أو تندلع حرب مفاجئة، نجد من سبق الجميع بخطوة، ترتفع أسعار الذهب فجأة، تشتعل أسعار النفط، تنهار مؤشرات الأسهم العالمية، بينما تنشر بنوك استثمار كبرى مثل “Goldman Sachs” أو “J.P. Morgan”، أو محللون على مستوى عالمي وأثرياء وغيرهم، توقعات دقيقة بشكل مدهش، في وقت كان العالم فيه ما يزال يتجادل إن كانت هناك أزمة مقبلة أصلًا. هذا المشهد المتكرر يخلق سؤالًا عميقًا يهم كل مستثمر ومتابع للشأن العالمي: هل هذه المؤسسات، والأثرياء والمحللون المرتبطون بها، يعرفون شيئًا لا نعرفه؟ أم أن لديهم قدرة خارقة على التنبؤ؟ أم أنهم ببساطة بارعون في “قراءة المستقبل” بناء على إشارات لا تراها الأعين العادية؟ هنا لا بد من توضيح أن الواقع أكثر تعقيدًا من مجرد إجابة بـ “نعم” أو “لا”. فالمؤسسات المالية الكبرى لا تمتلك كرات بلورية، لكنها تمتلك أدوات تحليل، ونماذج اقتصادية، وخبراء مخضرمين في السياسة والأمن والاقتصاد العالمي، يجعلونهم دائمًا في الصفوف الأمامية لرصد التغيرات قبل أن تُعلن. في عصر أصبحت فيه الأسواق حساسة لأي تغريدة سياسية أو تحرك عسكري أو حتى إشاعة في وسائل الإعلام، لم يعد بإمكان المستثمرين تجاهل البُعد الجيوسياسي، وبالتأكيد، لا يمكنهم الاكتفاء بالتحليل الفني أو الاقتصادي البحت. ولعل الذهب والنفط، أكثر من أي أصول أخرى، يعكسان هذا التفاعل الحاد بين السياسة والاقتصاد: - الذهب: ملاذ للخوف، ومؤشر على القلق. - النفط: مرآة لصحة الجغرافيا السياسية، وسلاح اقتصادي في يد الدول الكبرى. في هذا التحليل الموسّع، سنحاول فك الشيفرة: - كيف تفكر تلك المؤسسات؟ - كيف تتوقع بشكل مبكر ما قد يحدث؟ - وهل فعلا لديها معلومات “خاصة”، أم أنها فقط تُحسن قراءة المؤشرات؟ وسنستعرض الأدوات التي تستخدمها هذه الجهات، من نماذج التوقع، إلى المؤشرات الجيوسياسية، إلى قراءاتهم الدقيقة لتحركات الدول، وسنختم بالتساؤل المشروع: هل يمكن لأي شخص - ولو بموارد محدودة - أن يتعلم التفكير مثلهم؟ أولًا: كيف تُبنى التوقعات المالية؟ 1. نماذج السيناريوهات المعقدة: تعتمد المؤسسات الكبرى مثل “Goldman Sachs” و “J.P. Morgan “ على بناء توقعاتها وفق نماذج متعددة السيناريوهات. تفترض فيها احتمالات متعددة (مثل الاستقرار، التصعيد المحدود، الحرب)، ولكل سيناريو تقديراته الخاصة لتحركات الأصول كالذهب والنفط. هذه النماذج تعتمد على الإحصاء، النماذج الديناميكية، وتحليل الأسواق الآجلة. 2. المؤشرات الجيوسياسية: تستخدم المؤسسات مؤشر GPR (Geopolitical Risk Index)، وهو أداة تقيس التوتر الجيوسياسي بناء على محتوى الأخبار العالمية، عندما يرتفع هذا المؤشر، تميل أسعار الذهب للارتفاع، وتزداد تقلبات النفط، ويتم تحديث المؤشر بصفة دورية من قِبل باحثين مرتبطين بالبنك الفيدرالي الأميركي. 3. الذكاء الاستخباراتي والتحليل الأمني: تُوظف بعض المؤسسات محللين سياسيين وأمنيين ذوي خلفيات عسكرية واستخباراتية، أو تعتمد على شركات مثل “Stratfor” و “Eurasia Group” لتحليل مخاطر الأحداث الجيوسياسية. هؤلاء يتابعون مؤشرات التحركات العسكرية، والتغيرات السياسية، وتصريحات الدول المؤثرة؛ ما يوفر توقعات أكثر واقعية. ثانيًا: أمثلة من الواقع.. هل حدثت التوقعات فعلًا؟ 1. الحرب الروسية الأوكرانية: في أواخر 2021، بدأت “JPMorgan” و “BlackRock” بنشر تحذيرات من ارتفاع أسعار الذهب والنفط إذا غزت روسيا أوكرانيا، هذه التوقعات صدرت استنادًا إلى تتبع تحركات عسكرية ومؤشرات إعلامية. 2. أزمة مضيق هرمز 2019: توقعت “Goldman Sachs” أن أي تصعيد في مضيق هرمز سيرفع أسعار النفط إلى ما فوق 85 $، وعندما هوجمت ناقلات نفط في المنطقة، قفزت الأسعار بشكل فوري. 3. 2024 - 2025 الملف الإيراني الإسرائيلي في بداية 2024، بدأت بعض المؤسسات تحذر من “سلوك عسكري غير اعتيادي” في المنطقة، وبدأت تتوقع ارتفاع الذهب إلى 3000 - 4000 دولار، وفي إبريل 2025، نفذت إسرائيل ضربتها ضد إيران؛ ما دفع الذهب للارتفاع مع التوقعات بالزيادة في حال استمر الصراع وتوسع نفوذه. ثالثًا: هل هناك تلاعب أو معلومات داخلية؟ الجواب هنا ليس حاسمًا تمامًا، بعض الحالات تثبت وجود تداول داخلي غير قانوني بناء على معلومات سرية (كما في أزمة 2008)، لكن معظم الحالات تعتمد على تحليل متقدم لما هو متاح للجمهور (مثل تحركات تأمين السفن، سحب الدبلوماسيين، وتغيرات مفاجئة في الأسواق الثانوية). وهناك رقابة مشددة من قبل هيئات مثل “SEC” و “ESMA” على أي تداول مريب، لكن لا يمكن إنكار أن المؤسسات الكبرى تقرأ الأحداث بشكل أسرع من الأفراد العاديين. رابعًا: لماذا الذهب والنفط بالتحديد؟ الذهب: - يعد ملاذًا آمنًا أثناء الاضطرابات. - يرتبط سلبًا بالدولار، ويتأثر بمعدلات التضخم. - تستخدمه البنوك المركزية كأداة لتحوط احتياطي العملات. النفط: - سلعة جيوسياسية بطبيعتها. - يتأثر بالتوترات في الشرق الأوسط أو أي منطقة منتجة رئيسة. - عقوده الآجلة تتأثر بشدة بالإشاعات والتصريحات السياسية. خامسًا: هل يمكن للمستثمر الفردي الاستفادة؟ نعم، بشرط ألا يلاحق كل إشاعة بل يتبع نهجًا منهجيًا مبنيًا على قراءة مؤشرات مستقلة مثل: - تقارير “IMF” و “OECD”. - مؤشر “GPR”. - تحليلات “Bloomberg” و “Reuters”. ومع التعلم المستمر، يمكن للمستثمر أن يطور نظامًا خاصًا للتنبه للأحداث الاقتصادية والسياسية المؤثرة على السوق. في الختام، المؤسسات لا تمتلك أسرارًا خارقة، لكنها تمتلك أدوات تحليل قوية، وشبكة معلومات، وتجربة عميقة. وهي لا تتوقع الحدث، بل تستعد له بناءً على إشارات عقلانية. وبالتالي، فالفرد العادي قادر على تحسين توقعاته بقدر ما يستثمر في المعرفة، من يفكر مثل الكبار، سيبدأ قريبًا في رؤيتهم بوضوح.
في كل مرة تنهار فيها سوق، أو تندلع حرب مفاجئة، نجد من سبق الجميع بخطوة، ترتفع أسعار...
لا أعرف ما إذا كان هذا يحدث مع الجميع، لكن كلما سمعت بخبر سياسي كبير أو أزمة مالية...
النزاع يُهدد طرق الشحن وأسعار السلع وسيكون له تداعيات تتجاوز حدود المنطقة شهدت...
النزاع يُهدد طرق الشحن وأسعار السلع وسيكون له تداعيات تتجاوز حدود المنطقة شهدت...
على عكس التوقعات الأولية التي رجّحت أن تكون الاقتصادات النامية الأكثر تضررًا من...
على عكس التوقعات الأولية التي رجّحت أن تكون الاقتصادات النامية الأكثر تضررًا من...
وسط تصاعد الأزمات الجيوسياسية وتغيرات الأسواق العالمية، تدخل السلع الأساسية...
الزعبي: الـ “VAR” ليس مجرد أداة إلكترونية.. بل جزء من مشروع تطوير شامل للكرة...
الزعبي: الـ “VAR” ليس مجرد أداة إلكترونية.. بل جزء من مشروع تطوير شامل للكرة...
قال رئيس مكتب ترويج الاستثمار والتكنولوجيا التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية...