- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 15/Jul 00:44

رحلة لهروب سيدة من الفقر تتحول لكابوس من الاستغلال

حين هبطت الطائرة في مطار البحرين الدولي، كانت خطواتها تحمل أملًا ثقيلًا بأن تعود إلى وطنها بعد شهور، وقد أعانت أهلها وبدّدت بعضًا من فقرهم، لم تكن تدري سيدة أن أول من استقبلها، كان أول من جرّدها من إنسانيتها، فقد خُدعت بوهم فرصة عمل في صالون نسائي، لتجد نفسها لاحقًا خلف أبواب مغلقة، محتجزة، مجردة من جواز سفرها، ومُرغمة على الانصياع لرغبات زبائن في ممارسة الدعارة، تُساق إليهم كما تُساق الضحية إلى فخّها. ليلة واحدة فقط، كانت كفيلة بكشف الستار عن هذا الكابوس، رجال الشرطة يقتحمون الشقة، أحد الجناة يقفز من النافذة هاربًا، والضحية تفتح فمها للمرة الأولى لتبوح بكل ما كتمته من قهر وخوف. في بلدها العربي، كانت تظن السيدة أن قريبتها تحمل لها بشرى تنقذ أسرتها من شبح الفقر، المتهمة الأولى، التي تربطها بها صلة دم، أخبرتها بفرصة عمل مغرية في أحد الصالونات النسائية في البحرين، لم تتردد الضحية، فقد بدا العرض بريئًا وبصيص أمل لحياة أفضل. قامت المتهمة الأولى بحجز تذكرة السفر، وبمجرد أن وطأت الضحية أرض مطار البحرين الدولي، كان المتهم الثاني في انتظارها، لم يطل الوقت كثيرًا حتى وجدت نفسها في شقة غريبة، لا تشبه وعود الوظيفة، ولا تشبه أي شيء آخر سوى السجن، هناك، بدأت الكارثة. تم احتجاز الضحية، وسرعان ما أُجبرت على الانصياع لرغبات زبائن في ممارسة الدعارة، في لقاءات كان المتهمان يتوليان ترتيبها والإشراف عليها، لم تتلقَّ فلسًا واحدًا من المال، بل سُلِب منها جواز سفرها فور دخولها، وقُطعت عنها كل سبل الهرب. وفي اليوم الذي لم تتوقعه، دخل رجال الشرطة إلى الشقة، أُلقي القبض على المتهمة الأولى، بينما فرّ شريكها من النافذة، كانت تلك اللحظة بداية النهاية لهذا الفصل من الانتهاك، وبداية مرحلة التحقيق والمحاسبة. التحريات الأمنية كشفت فصول القضية كاملة: استغل الجانيان حالة الفقر والعوز التي تعيشها الضحية، وورّطاها في رحلة بيع الجسد من أجل الريع، فبعد أن سهّلا دخولها إلى البلاد بتأشيرة سياحية وتذكرة سفر، قاما بإيوائها وحجز حريتها داخل شقة مغلقة، وبدآ بتصيد الزبائن من خلال تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث كانت صور الضحية تُعرض عليهم، ثم تُقاد إليهم تحت المراقبة، لم يكن هناك خيار أو رفض، بل إجبارٌ مدروسٌ مدعوم بالخداع، والحرمان، والانقطاع التام عن العالم الخارجي. وبحسب النيابة العامة، فإن المتهمين ارتكبا جريمة الاتجار بالبشر، بتجنيد الضحية ونقلها واستقبالها وإيوائها بطرق غير مشروعة، في ظل ظرف إنساني قاهر لا يتيح لها حرية الاختيار أو الرفض، كل ذلك لأغراض الاستغلال الجنسي والتكسب غير المشروع، وبدفعها إلى ممارسة الدعارة بالإكراه والتهديد والحيلة، والاعتماد الكلي أو الجزئي على ما تحصّله الضحية من تلك الأفعال. وقد حددت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى يوم 21 يوليو الجاري موعدًا للنظر في القضية، مع استمرار حبس المتهمين.