في زمن تتسارع فيه التحولات الرقمية، وتزداد فيه الحاجة إلى مواكبة التقنيات...
Vous n'êtes pas connecté
قال أستاذ القانون الجنائي المساعد في كلية الحقوق بجامعة البحرين، د. باسم الشرجي، إن التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي امتد ليشمل المجال القانوني والقضائي، ليطرح تحديات مستجدة أمام التشريعات الوطنية والدولية، خصوصًا فيما يتعلق باستخدام هذه التقنيات في التنبؤ بالجريمة، وهي من التطبيقات المثيرة للجدل من حيث أثرها على المبادئ القانونية الأساسية وفي مقدمتها الحق في البراءة. وأوضح أن من الضروري الاستفادة من التجارب المقارنة في تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الجنائي، مع التأكيد على أهمية إيجاد توازن دقيق بين استخدام هذه التقنيات الحديثة في مكافحة الجريمة، وضمان حماية الحقوق والحريات الدستورية للأفراد، مشددًا على أهمية وجود تنظيم قانوني خاص لاستخدامات الذكاء الاصطناعي يتضمن نصوصًا تتعلق بالتنبؤ بالجريمة على وجه التحديد. وأشار إلى أن من أبرز المشكلات التي يثيرها هذا الموضوع، هو تهديد مبدأ المساواة أمام القانون، إذ أن الاعتماد غير المنضبط على أدوات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى الإخلال بهذا المبدأ نتيجة التنبؤات أو التصنيفات الآلية التي قد تميز بشكل غير مشروع بين الأفراد أو الفئات. ولفت إلى غياب الإطار التشريعي المنظم لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الجنائي، ما يجعل من الصعب ضمان التوازن بين فعالية مكافحة الجريمة وحماية الحقوق الدستورية للأفراد، فضلًا عن التحدي المرتبط بالتوفيق بين متطلبات الأمن والضمانات الدستورية، خصوصًا فيما يتعلق بتأثير هذه التطبيقات على الحق الدستوري في البراءة، إذ يُخشى أن يؤدي الاعتماد الاستباقي على هذه التقنيات إلى المساس بهذا الحق الأساسي. وبيّن أن إشكالية التحيز الخوارزمي والموثوقية تظل مطروحة بقوة، فمدى حيادية وموثوقية الخوارزميات المستخدمة في التنبؤ بالسلوك الإجرامي يبقى محل تساؤل، خاصة في ظل احتمالات التحيز البرمجي الذي قد ينعكس سلبًا على عدالة النتائج. وفي الإطار المفاهيمي، أوضح الشرجي أن الذكاء الاصطناعي هو علم يعنى بتصميم أنظمة ذكية قادرة على محاكاة السلوك البشري كالتعلم والاستنتاج واتخاذ القرار، من خلال تحليل البيانات والتعرف على الأنماط، وقد تطور تدريجيًا منذ خمسينيات القرن الماضي وصولًا إلى تقنيات التعلم العميق والشبكات العصبية الاصطناعية. وأشار إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالين الأمني والقانوني توسع عبر تقنيات مثل معالجة اللغة الطبيعية والرؤية الحاسوبية، ما دعم تحليل السلوك الإجرامي وتوقّع الأنماط الجنائية، من خلال تطبيقات تشمل أنظمة التعرف على الوجوه، ومراقبة الفيديو الذكية، وتحليل البيانات الضخمة، والتنبؤ بالجريمة، وصولًا إلى الروبوتات الأمنية. وعرّف التنبؤ بالجريمة بأنه عملية استخدام البيانات الإحصائية والنماذج التحليلية لتمكين جهات إنفاذ القانون من تخصيص الموارد واتخاذ تدابير وقائية قبل وقوع الجرائم، عبر تحديد الأماكن والأوقات والأفراد الأكثر عرضة لذلك. وعن مراحل تطور هذه التقنيات، أوضح أنها بدأت بالتحليل اليدوي البسيط مطلع القرن العشرين، ثم تطورت باستخدام أساليب إحصائية في الخمسينات، ونظريات سوسيولوجية في السبعينات، قبل أن تتوسع في التسعينات باستخدام نظم تحليل جغرافي، وصولًا إلى الحاضر حيث باتت هذه الأنظمة تتنبأ بتوقيت ونوع الجريمة بل وهوية الجناة المحتملين. وقدّم الشرجي نماذج لتطبيقات مثل "PredPol" للتنبؤ المكاني، و"HunchLab" للتنبؤ الزمني، و"COMPAS" للتنبؤ بالأشخاص، مشيرًا إلى أن هذه الأنظمة تعتمد على بيانات سابقة وسلوكيات وتوزيعات جغرافية وزمنية معقدة. وفي هذا السياق، شدد على أن حق المتهم في البراءة يمثل ضمانة دستورية وقانونية أصيلة، تعني افتراض البراءة حتى تثبت الإدانة بحكم نهائي، ومنع الاتهامات التعسفية، وتمكين المتهم من الدفاع عن نفسه، وتحقيق العدالة الجنائية، وهذا الحق يشمل جميع مراحل الدعوى، من الاستدلال إلى ما بعد المحاكمة. وأشار إلى أن التنبؤ بالجريمة قد يتعارض مع هذا الحق إذا لم يتم تنظيمه بشكل دقيق، إذ يقوم على افتراض احتمالية ارتكاب الشخص للجريمة قبل وقوعها، مما قد يعرّضه لمعاملة كمجرم محتمل، وهو ما يتنافى مع مبدأ البراءة. وتحدّث عن التحديات القانونية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، وعلى رأسها الازدواجية في تقييم الأدلة وغياب الشفافية الخوارزمية، فضلًا عن استمرارية التحيز عبر البيانات التاريخية، وتناقض الحتميّة التكنولوجية مع فلسفة إعادة التأهيل في القانون الجنائي. وختم الشرجي بالتأكيد على أن أي تنظيم لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالجريمة يجب أن يقوم على دراسة معمقة للتجارب الدولية، وعلى موازنة دقيقة بين متطلبات الأمن العام وحماية الحقوق الدستورية، وعلى ضوابط تشريعية واضحة تمنع الانزلاق نحو انتهاك مبدأ البراءة أو تكريس التمييز عبر خوارزميات غير محايدة.
في زمن تتسارع فيه التحولات الرقمية، وتزداد فيه الحاجة إلى مواكبة التقنيات...
في زمن تتسارع فيه التحولات الرقمية، وتزداد فيه الحاجة إلى مواكبة التقنيات...
واكبت القيادة العامة لشرطة أبوظبي، مستجدات العصر في دول العالم المتقدم، من خلال...
لم تعد الحروب الحديثة تدار فقط بالصواريخ والدبابات، بل أصبحت تقاد من داخل غرف...
مريم بوخطامين (أبوظبي) في ظل التوجه الاستراتيجي لدولة الإمارات نحو دمج الذكاء...
يمكن أن يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً لمعالجة الفجوات التي تعاني منها...
أعلن مدير إدارة الفعاليات والبرامج في وزارة شؤون الشباب، عبدالكريم المير، أن...
أعلن مدير إدارة الفعاليات والبرامج في وزارة شؤون الشباب، عبدالكريم المير، أن...
كشفت شركة نتفليكس عن استخدامها لتقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) في إنتاج...
كشفت شركة نتفليكس عن استخدامها لتقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) في إنتاج...