- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 08/Aug 21:30

عقيل يوسف.. حارس إرث الأجداد في رعي الأغنام

قد تبدو الحكاية غريبة نوعًا ما، وهي مما لم تعتد الصحافة على الاهتمام به ونشره في  قصصها! فالقصة تتكلم عن راع يسرح بأغنامه في زمن تقلصت فيه البساتين والمراعي التي عرفت بها القرى منذ القدم، في مشهد لم يألفه الناس.. فلا يوجد رعاة في زماننا، إلا أن الأمر يختلف بالنسبة لأهالي البلاد القديم والزنج وعذاري الذي اعتادوا على رؤية “عقيل يوسف” وهو يرعى الأغنام في مواقع متفرعة مما تبقى من بساتين البلاد القديم. بقعة خضراء وظل شجرة عقيل، في عقده السادس، قضى عشرين عامًا من عمره يرعى الأغنام في المراعي القليلة المتبقية.. تغيرت الأرض، وتقلصت المساحات، وشحّ العشب، لكنه ما زال يخرج سارحًا بالغنم، يسير بها على مهل، حيثما وُجدت بقعة خضراء أو ظل شجرة. قيمة تقاوم الجفاف ومع تناقص الغطاء النباتي، لجأ عقيل إلى إطعام الأغنام من غصون الأشجار الخضراء، التي ما زالت تقاوم التغيرات المناخية والعمرانية، وبالمناسبة، ففي البيئة البحرينية وبيئة الخليج العربي عمومًا، هناك أشجار تنمو طبيعيًا وتتغذى عليها الماشية ويعرفها الرعاة ذوي الخبرة منها: السدر، الغاف أو “غويفة” ومنها شجرة الحياة الشهيرة، الأثل “وتعرف باسم الطرفة أو الطرفاء أو العبل”، القرط “ومنها شجر الصمغ العربي”، العشر “وتسمى في البحرين شعبيًا بشجرة الجن أو العشار”، وهي أشجار ذات قيمة غذائية جيدة للماشية وتتحمل الجفاف والحرارة. السر.. راحة نفسية “عقيل” من القلة القليلة الذين ما زالوا يسرحون بالغنم كما كان يفعل الآباء والأجداد، فالرعي تغيّر، والمراعي المفتوحة اختفت تقريبًا، وأصبحت تربية الأغنام محصورة في الحظائر، يديرها غالبًا عمّال آسيويون، لكن، ما الذي يجعله مرتبطًا بها؟. ورغم قسوة التغيرات، فإن “عقيل” يجد في الهدوء والسكينة التي تمنحها له لحظات الرعي راحةً نفسية لا توصف، وتتخلل تلك اللحظات لقاءات بين المعارف والأصدقاء ممن يقضون بعض وقت العصاري يتجاذبون أطراف الحديث معه، فهو لا يسابق الزمن، بل يرافقه على مهل، بين شمس الصباح وظلال الأشجار، وبين صوت الأغنام ونبض الأرض.