X

Vous n'êtes pas connecté

  - ALBILADPRESS.COM - A la Une - Hier 00:50

الحايكي يحول بقايا الأخشاب إلى "Fire Horse" وغزال بحريني

في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا وتندثر معه الحرف اليدوية شيئًا فشيئًا، يختار الفنان التشكيلي عبدالله الحايكي أن يسير عكس التيار، حاملاً إزميله ومطرقته ليعيد للخشب والحجر والمعادن نبضًا جديدًا، ليس مجرد نحات، بل راوٍ للذاكرة البحرينية ومجدّد لها، يحوّل الموروث الشعبي إلى أعمال نحتية تتجاوز كونها تحفًا جمالية، لتصبح شهادات حية تحفظ ملامح الماضي وتنقلها إلى الأجيال القادمة، في حوار صامت بين المادة والفكرة، وبين التراث والحداثة. الحايكي ليس اسمًا عابرًا في عالم الفن، بل حالة إبداعية متفرّدة تمزج بين الحرفة والدقة، والخيال والفكرة، ليحوّل المواد الصلبة الجامدة إلى أعمال تنبض بالروح، حافلة بالرموز والمعاني، على مدار مسيرته، حصد أوسمة التميز والإبداع في معارض فنية محلية وعالمية، مقدّمًا أعمالًا تعكس قدرة الفن على صون الموروث الإنساني، وإعادة تقديمه في قوالب عصرية، بلمساته المبدعة، يحاور الخشب والحجر والمعادن، كما لو كانت كائنات تستجيب لإيقاع إزميله، ليصنع منها تحفًا ذات دلالات ثقافية وتاريخية، ويعيد من خلالها استنطاق بقايا الأخشاب ومخلفات الورش بأسلوب تجريدي يتجاوز حدود الخيال والدقة.   الرسم والنحت يحكي الحايكي لـ "البلاد" عن بداياته قائلاً: "فن النحت قديم قِدم الحضارات، وهو يحتاج إلى الحرفية والمهارة العالية للتعامل مع خامات صلبة ومتنوعة، من الصخور والمعادن والخزف والخشب، إلى مواد حديثة متطورة، حيث الفنان الحقيقي لا يقف عند خامة واحدة، بل يرى في أي قطعة أمامه فرصة لولادة عمل فني جديد." بدأت رحلته من عالم الرسم، حيث كان يحوّل ما يرسمه على الورق إلى منحوتة ثلاثية الأبعاد، مستخدماً أدوات النحت التقليدية كالـإزميل والمطرقة، بديلاً عن الفرشاة والألوان، ليخرج من قيود المساحة المسطحة نحو فضاء أوسع من الحرية الفنية، وكان يحرص على أن تجسد أعماله أفكاراً نابعة من خياله أو من مشاهدات الحياة اليومية، في توازن بين الخيال المبتكر والواقع الملموس.   الموروث والحداثة يرى الحايكي أن النحت ليس فقط فناً جمالياً، بل رسالة تحمل بعداً ثقافياً واجتماعياً، وهنا يقول: "أغلب أعمالي يغلب عليها الطابع التراثي والشعبي، لأنني أؤمن بضرورة حفظ ما تبقى من تراثنا وموروثنا الشعبي من الاندثار، خاصة في زمن تسيطر فيه الآلات على معظم الصناعات، مما أدى إلى تراجع الحرف اليدوية التقليدية". من أبرز محطاته الفنية، تقديمه منحوتة "العطاء المتواصل" من الرخام في سلطنة عُمان، والتي تجسد قيمة العطاء المستمر بين الأجيال، ومنحوتة "الشمس مصدر الحياة" من الخشب في كمبوديا، والتي ترمز للطاقة والنور، إضافة إلى عمله "ماضٍ عريق ومستقبل مشرق" الذي شارك به في النمسا، ويحمل دلالة على التلاقي بين الأصالة والطموح. أما في البحرين، فقد أبدع في تنفيذ عمل "ملامح تراث مندثر" الذي يوثق ملامح الحياة الشعبية القديمة، كما أنتج أعمالاً فنية من بقايا الأخشاب، مثل رأس حصان ناري "Fire Horse"، ورأس الغزال البحريني، وأسماك متنوعة الأحجام والأشكال.   تحف فنية أكثر ما يميز الحايكي، شغفه بإعادة تدوير الأخشاب ومخلفات الورش، بدأ هذه التجربة في ورشته الخاصة، محولاً القطع الصغيرة والمخلفات المهملة إلى تحف نادرة تزيّن المنازل والمكاتب، ومع تزايد الإقبال على هذه القطع، بدأ بتنظيم عمله أكثر، فصار يفرز الأخشاب حسب حجمها ونوعها قبل الشروع في التشكيل، كما أقام تعاوناً مع ورش النجارة والحدادة للحصول على المواد الخام اللازمة. ويضيف: "أحب أن أحوّل بقايا الأخشاب وأغصان الأشجار الجافة إلى لوحات ومنحوتات تحمل دلالات تراثية ودينية وإنسانية، وأحياناً بيئية، أصنع منها مجسمات لحيوانات وطيور، وسيارات قديمة، وسفن شراعية تقليدية، وأعيد إحياء مشاهد من الحرف المندثرة مثل الغوص وصناعة السفن".   العائلة والبداية لا ينسى الحايكي فضل عائلته في دعمه، حيث وفروا له منذ طفولته مساحة خاصة لممارسة هوايته، وزودوه بكافة المواد اللازمة من أدوات رسم وتلوين وأصباغ زيتية ومائية، وورق رسم، إضافة إلى الجبس والصمغيات ومثبتات الألوان والدهانات، لاحقاً قام والده بتجهيز مرسم مستقل له، مما أتاح له مساحة أكبر للتجربة والإبداع، قبل أن ينطلق نحو تأسيس ورشته الخاصة التي باتت اليوم مركز إنتاج لأعماله المتميزة. بموهبته الفطرية وإصراره على التطوير، استطاع عبدالله الحايكي أن يجعل من النحت وسيلة لحفظ الذاكرة البحرينية، وأن يقدّم من خلال أعماله رسالة جمالية وثقافية تخلّد الموروث، وتمنحه حياة جديدة أمام تحديات الحاضر وتسارع الزمن.

Articles similaires

Sorry! Image not available at this time

الحايكي يحول بقايا الأخشاب إلى "Fire Horse" وغزال بحريني

albiladpress.com - 00:50

في زمن تتسارع فيه التكنولوجيا وتندثر معه الحرف اليدوية شيئًا فشيئًا، يختار الفنان...

Sorry! Image not available at this time

النحات محمد الحرز يحول أبطال السينما إلى تماثيل

albiladpress.com - 08/Aug 21:30

يتميّز النحات البحريني محمد الحرز بموهبة فنية نادرة، وقدرة استثنائية على تجسيد...

Sorry! Image not available at this time

النحات محمد الحرز يحول أبطال السينما إلى تماثيل

albiladpress.com - 08/Aug 21:30

يتميّز النحات البحريني محمد الحرز بموهبة فنية نادرة، وقدرة استثنائية على تجسيد...

محبوب العوضي.. ريشته تُنصت للطبيعة

alittihad.ae - 14/Aug 21:01

خولة علي (أبوظبي) الفنان الإماراتي محبوب العوضي يوثِّق بريشته ملامح من طبيعة...

Sorry! Image not available at this time

السياحة الإبداعية: ورش فنية وحرفية في العطلات الصيفية

albiladpress.com - 15/Aug 06:00

باتت السياحة الإبداعية واحدة من أكثر أنماط السفر رواجًا في السنوات الأخيرة، حيث...

فنون العمارة بالسعديات.. حوار بين الأرض والإنسان

alittihad.ae - 09/Aug 22:26

فاطمة عطفة «في جزيرة السعديات، لا تشيد المتاحف فحسب، بل تُبْنَى سرديات حضارية...

Sorry! Image not available at this time

سعاد كورادا والفن البيئي: من ركام الجلود المهملة إلى تحف تروي حكاية الأمل والتنمية

errachidia24.com - 04/Aug 16:36

يوسف القاضي بين ثنايا هدوء الطبيعة، وجغرافية ميدلت المغرية بالإبداع، وبين أروقة...

Sorry! Image not available at this time

القنيطرة.. التبوريدة حاضرة بقوة في فعاليات مهرجان المدينة

akhbaralfajr.ma - 15/Aug 23:30

القنيطرة.. التبوريدة حاضرة بقوة في فعاليات مهرجان المدينة ✍ مريم الزكراوي تستعد...

Sorry! Image not available at this time

القنيطرة.. التبوريدة حاضرة بقوة في فعاليات مهرجان المدينة

akhbaralfajr.ma - 15/Aug 23:30

القنيطرة.. التبوريدة حاضرة بقوة في فعاليات مهرجان المدينة ✍ مريم الزكراوي تستعد...

Sorry! Image not available at this time

3 اتفاقيات نفطية و73 بئرًا استكشافية وتقييمية لدعم احتياطي الطاقة في سلطنة عُمان

alsahwa.om - 02/Aug 12:34

العُمانية – تسعى وزارة الطاقة والمعادن إلى الحفاظ على استقرار مستويات الإنتاج...