- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 18/Aug 18:20

متحف منزلي في مدينة زايد يعيد ذكريات “زمن الطيبين”

في قلب أحد البيوت البحرينية بمدينة زايد يقع متحف منزلي غير عادي، شيّده بعناية واهتمام العاشق للتراث خالد عبدالله. المتحف لا يشبه غيره؛ إذ إنه ليس مجرد جدران تضم قطعا قديمة، بل فضاء حيّ يروي تاريخ البحرين والمنطقة الخليجية بأكملها، عبر مقتنيات نادرة جمعها خالد عبدالله على مدى سنوات طويلة بدافع الشغف وحب الماضي. قطع نادرة  يحتضن المتحف آلاف القطع القديمة من التحف والـ “أنتيك”، بعضها يعود إلى عقود طويلة مضت، ويتميّز بندرته وقيمته التاريخية والمادية، ومن أبرز الكنوز المعروضة “دلال القهوة الأصلية” التي تعود لأزمان مختلفة، منها القريشية، البغدادية، والشامية، إذ تصل قيمة بعضها اليوم إلى أكثر من ألف دينار؛ نظرا لندرتها وتاريخها. ويمتد سحر المتحف إلى مقتنيات تُعيد الزائر إلى عقود الأربعينات والخمسينات والستينات، منها عملات بحرينية ورقية وحديدية قديمة، دفاتر مدرسية، كتب، مجلات، جوازات سفر، وبراويز وصور لطائر الطاووس الشهير في البيوت البحرينية والخليجية القديمة. الزمن الجميل مطبخ الزمن الجميل يحتل ركنًا دافئًا في المتحف، إذ تعرض فيه أدوات المطبخ الخليجي القديم مثل الصحون، الأباريق، وأجهزة الطهو البسيطة والقديمة، بالإضافة إلى ركن للهواتف المنزلية البدائية، وكل قطعة تروي قصة حياة يومية كانت تعجّ بالتفاصيل البسيطة والأصيلة. كما خصص خالد غرفة متكاملة تُعرف بـ “غرفة العروس”، وتضم سريرا قديما جدا، وصندوق العروس، ومرشات ماء الورد، والبخور، والطيب، والعود، والمسك، ومكاحل زينة العيون، والمرايا النحاسية المزخرفة، لتجسد جوانب من الطقوس النسائية البحرينية قديما. أبيض وأسود  من الزوايا اللافتة أيضا، ركن خاص لزجاجات المشروبات الغازية القديمة، وأبرزها زجاجات “نامليت أبو تيلة”، إلى جانب براويز تضم صور الزينة والحرمين الشريفين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأجهزة التلفزيون الأبيض والأسود، الفيديوهات، الراديوهات، المسجلات، وعلب الحلويات الإنجليزية “ماكنتوش”، والساعات النادرة جدا. تراث البحر  ويضم المتحف أبوابا خشبية قديمة تمثل أبواب المنازل البحرينية التقليدية، وفناجين قهوة نُقشت عليها شعارات وأعلام الدول الخليجية، إلى جانب أنواع مختلفة من أجهزة الإضاءة القديمة مثل “الفنر” ومصابيح المنازل والشوارع القديمة، وأجهزة الطباعة اليدوية. ولا يغفل المتحف عن تراث البحر والغوص، إذ يضم أدوات الصيد القديمة، وأدوات الغوص لاستخراج اللؤلؤ؛ ما يجسد البعد البحري العميق لهوية البحرينيين. ذاكرة وطن متحف خالد عبدالله ليس مجرد مكان لعرض التراث القديم، بل هو مشروع توثيقي شخصي يحمل مسؤولية الحفاظ على ذاكرة الوطن؛ فكل قطعة فيه تمثل صفحة من كتاب تاريخ غير مكتوب، وتُعيد للأذهان صورة مجتمع عاش ببساطة، وتفاصيل حياة غنيّة بالمعنى والهوية. زيارة هذا المتحف، أشبه برحلة عاطفية وزمنية، تستحضر فيها عبق الماضي وروح الأجداد، وتُدرك عبرها أهمية حفظ التراث الشعبي وتوثيقه للأجيال المقبلة. البُعد التاريخي لا يقتصر دور متحف خالد عبدالله على حفظ القطع القديمة، بل يحمل رسالة تاريخية واضحة، إذ بات وجهةً للمهتمين بالتاريخ الاجتماعي والثقافي للمنطقة. وقال خالد عبدالله إن رحلته في جمع هذه القطع بدأت منذ شبابه، عبر زياراته للأسواق الشعبية والمزادات، وشراء بعض التحف المنزلية المندثرة، إذ يولي كل قطعة عناية فائقة، من تنظيف وترتيب وعرض مدروس بحيث تنسجم كل زاوية من زوايا المتحف مع الأخرى لتروي قصة متكاملة. ملتقى الذكريات  اليوم أصبح هذا المتحف أيضًا ملتقى ثقافيًا مصغرًا، يستقبل الزوار من مختلف الأعمار، ويحتضن جلسات وحديثا عن ذكريات الزمن الجميل، وقال خالد “الناس لا يأتون فقط لرؤية الأشياء، بل ليسترجعوا حكاياتهم الخاصة معها”. في ختام زيارة “البلاد” لمتحف خالد عبدالله، وجّه رسالة للأجيال الجديدة “التراث ليس فقط في الصور القديمة، بل في الأشياء التي استخدمها آباؤنا وأمهاتنا، في البساطة التي عاشوا بها، وفي احترامهم لكل تفصيل صغير، حافظوا على هذا الإرث؛ فهو هويتكم”.