- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 23/Jul 14:15

كارتاخينا.. كولومبيا: مدينة التاريخ على ضفاف الكاريبي

في قلب الساحل الكاريبي لكولومبيا، تتربع كارتاخينا كواحدة من أكثر المدن سحرًا وأصالة في أمريكا الجنوبية. المدينة التي تأسست في القرن السادس عشر تحولت من ميناء استراتيجي إلى وجهة سياحية عالمية، تجمع بين عبق التاريخ وألوان الحياة المعاصرة. بمجرد دخولك المدينة القديمة المسوّرة، ستشعر وكأنك دخلت عالمًا آخر، حيث تتجاور القصور الاستعمارية الملونة مع الشرفات المزهرة، وتملأ الشوارع أصداء الماضي الممزوجة بصخب الحياة اليومية. كارتاخينا ليست فقط موقعًا مدرجًا ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، بل هي تجربة ثقافية وجمالية متكاملة، تأسر الزائر بجمالها وروحها وروائحها. المدينة المسوّرة: قصة تاريخ محفور في الحجارة تُعد أسوار كارتاخينا من أكثر معالمها شهرة، وقد شُيدت في القرن السادس عشر لحماية المدينة من القراصنة والمستعمرين. يبلغ طول هذه الأسوار نحو 11 كيلومترًا، ولا تزال تحيط بالمدينة القديمة التي تحتفظ بمبانيها الأصلية المرصوصة على الطراز الإسباني الكلاسيكي. السير على طول هذه الأسوار عند غروب الشمس يتيح مشهدًا بانوراميًا للمدينة القديمة من جهة، والبحر الكاريبي المتلألئ من جهة أخرى. داخل الأسوار، تنتشر ساحات صغيرة نابضة بالحياة، وكنائس تاريخية مثل كاتدرائية كارتاخينا وكنيسة سان بيدرو كلافير، التي تحكي تاريخ النضال ضد العبودية ودور الكنيسة في المجتمع الكولومبي. مزيج ثقافي نابض في كل زاوية كارتاخينا ليست فقط مدينة جميلة بصريًا، بل أيضًا مكان غني بالتنوع الثقافي. اختلاط التأثيرات الإسبانية، والأفريقية، والكاريبية، أنتج مشهدًا فنيًا وموسيقيًا فريدًا. في كل زاوية من شوارع المدينة، يمكنك سماع أنغام السالسا والموسيقى التقليدية الكولومبية، بينما تعرض الجداريات واللوحات الفنية وجوه الناس، وأساطيرهم، وتاريخهم. الأسواق الشعبية تفيض بالحرف اليدوية، والمجوهرات، والمنسوجات الملوّنة التي تعكس تراث المنطقة. وتعتبر كارتاخينا من أفضل الأماكن لتذوق المأكولات الكاريبية اللاتينية، خاصة أطباق الأرز بجوز الهند، والأسماك المشوية، والفواكه الاستوائية الطازجة التي تنعشك في كل وجبة. ملاذ استوائي بجوار البحر رغم أن المدينة التاريخية هي قلب كارتاخينا النابض، إلا أن شواطئها ومياهها الكاريبية الصافية تُكمل التجربة بشكل مثالي. العديد من الزوار يختارون الانطلاق في رحلات قصيرة إلى جزر روزاريو القريبة، التي توفر مناظر طبيعية خلابة وفرصًا مثالية للسباحة، والغطس، والاسترخاء على الرمال البيضاء. في الوقت ذاته، تتميز كارتاخينا ببنية سياحية ممتازة، تضم فنادق بوتيكية داخل قصور تاريخية، ومطاعم راقية تقدم مزيجًا من النكهات العالمية والمحلية. وتجمع المدينة بين الراحة والاستكشاف، حيث يمكن للزائر أن ينتقل بسهولة من الأزقة الحجرية العتيقة إلى مرسى القوارب والشواطئ خلال دقائق معدودة. في كارتاخينا، تمتزج الأزمنة كما تتداخل الألوان على جدران منازلها القديمة، فتخلق تجربة ساحرة يتردد صداها في ذاكرة كل من يزورها. إنها المدينة التي لا تكتفي بأن تُروى، بل يجب أن تُعاش بكل تفاصيلها، من عبير أزهارها إلى دفء غروبها، ومن موسيقاها الراقصة إلى جدرانها الصامتة التي حفظت التاريخ. كارتاخينا ليست مجرد وجهة سياحية، بل بوابة إلى الماضي تنبض بالحياة. تم نشر هذا المقال على موقع سائح