- ALITTIHAD.AE - الرئيسية - 28/Jun 21:36

«طفيلي».. دراما مغايرة لسردية الصراع

تامر عبد الحميد بفضل رؤية المخرج والمؤلف «بونغ جون» الفنية العميقة، وعبقريته في تقديم الكوميديا السوداء ضمن حبكة درامية اجتماعية أضاءت على الصراع الطبقي، استطاع فيلم «طفيلي» paratise أن يصنع التاريخ للسينما الكورية، فعلى الرغم من التطور الكبير في عدد الإنتاجات السينمائية والتقنيات الفنية للسينما الكورية، إلا أنه للمرة الأولى يخطف فيلم كوري 4 جوائز أوسكار، أفضل فيلم، وأفضل إخراج، وأفضل سيناريو أصلي، وأفضل فيلم أجنبي، كأول فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية يحصد الجائزة، بالإضافة إلى فوزه بـ «السعفة الذهبية» في مهرجان «كان السينمائي الدولي» 2019، ليصبح أول فيلم كوري ينال الجائزة.فيلم «طفيلي» الذي عُرض مؤخراً في افتتاح مهرجان «الأفلام الكورية 2025» الذي أقيمت فعالياته في منارة السعديات بأبوظبي، احتفاءً بالسينما الكورية والموسيقى التصويرية للأفلام، بمثابة تحفة سينمائية وعلامة فارقة في تاريخ السينما الكورية، إذ تميز بذكاء سردي وبصري عالٍ وتناول مغاير، ومزج بين الدراما الاجتماعية والتشويق، لإعادة صياغة مفهوم الطبقية بشكل رمزي وواقعي في آنٍ واحد.صراع طبقي يرتكز الفيلم على الصراع الطبقي بين عائلتين، عائلة «كيم» الفقيرة التي تعيش في قبو، وعائلة «بارك» الثرية التي تقطن في منزل فخم مُصمم على الطراز الحديث. تمثل العائلتان نقيضين في المجتمع الكوري الجنوبي، حيث يبدأ الفيلم بنغمة هادئة، أشبه بكوميديا عائلية عن التحايل لكسب الرزق، والسعي وراء الحصول على شبكة إنترنت من الجيران، ليتحوّل العمل تدريجياً إلى دراما سوداء مشبعة بالتوتر والعنف. هذا التحوّل المفاجئ يعكس «الطفيلي الحقيقي» في المجتمع، وهو النظام الطبقي الذي يضطر فيه الفقراء للتسلّق على حساب بعضهم بعضاً من أجل البقاء.مكر تدريجيلعب بطولة الفيلم كل من: سونغ كانغ هو، لي سون كيون، تشو يو جونغ، تشوي ووشيك، بارك سو دام، وجانغ هاي جين، وشارك المخرج بونغ جون في كتابة السيناريو مع هان جين وون، ووصلت إيراداته إلى أكثر من 266 مليون دولار في مختلف أنحاء العالم، بميزانية إنتاج تبلغ نحو 11 مليون دولار، ليكون بذلك الفيلم الكوري الأعلى دخلاً على الإطلاق. يتتبع العمل قصة عائلة «كيم» الفقيرة التي تعيش تحت وطأة البطالة، تتكون من أب وأم وابن وابنة، تعمل في طي علب البيتزا بشكل مؤقت بأجر زهيد، وتكافح من أجل تلبية احتياجاتها. ينجح الابن عن طريق صديقه في الحصول على وظيفة مدرس لغة إنجليزية لابنة عائلة «بارك» الثرية، المؤلفة من 4 أفراد. ومن هنا، تبدأ رحلة عائلة «كيم» في الدخول بمكر تدريجي داخل عائلة «بارك»، وتنجح بدهاء واحتيال من نسج شباكها حول عائلة «بارك» واقتناص فرص عمل في منزل العائلة المُترفة. نصب مكائدوتحت شعار «الغاية تبرر الوسيلة»، يلجأ أفراد العائلة الفقيرة إلى أساليب ملتوية، ونصب مكائد للعاملين لدى العائلة، ليستولوا على وظائفهم في المنزل، إذ تتسلل عائلة «كيم» إلى حياة عائلة «بارك» من خلال التوصية بخدمات بعضهم البعض، متظاهرين بأن لا صلة تربطهم، وبأنهم مؤهلين تأهيلاً رفيع المستوى. فيبدأ الابن «كي وو» في تعليم الإنجليزية لتبدأ قصة حبه مع «دا هاي» ابنة عائلة «بارك»، وتتظاهر الابنة «كي جونغ» بأنها «جيسيكا» المعالجة بالفن لابنهم الصغير مفرط النشاط، وتتولى الأم «تشونغ سوك» دور مدبرة المنزل، بعدما استغلت عائلة «كيم» حساسية مدبرة المنزل السابقة تجاه فاكهة الدراق، فيما أصبح الأب سائقاً خاصاً لعائلة «بارك». واقعية واحترافيةتميز أداء الممثلين بالواقعية والاحترافية، خصوصاً في تجسيد التحولات النفسية والطبقية، وكل شخصية مثلت نموذجاً اجتماعياً مثل الضحية، الانتهازي، الساذج، والمقهور. ومع تسلسل الأحداث تستمتع عائلة «كيم» بالرفاهية في سكن عائلة «بارك» بعد مغادرتهم في رحلة تخييم للاحتفال بعيد ميلاد ابنهم «دا سونغ»، وحينما تعود مدبرة المنزل السابقة بعذر أنها تركت شيئاً في قبو المنزل، تكشف عن مدخل مخفي لملجأ تحت الأرض أنشأه مهندس المنزل والمالك السابق له، حيث يعيش زوجها فيه سراً منذ سنوات بسبب ديونه. تكتشف عائلة «كيم» الأمر، وتكتشف مدبرة المنزل السابقة أنهم عائلة واحدة تسللوا إلى العائلة الثرية للاستيلاء على الوظائف، ليدخل الطرفان في صراع من أجل البقاء. وبعد عودة عائلة «بارك» إلى المنزل مبكراً بسبب هبوب عاصفة مطرية شديدة، تسرع عائلة «كيم» لتنظيف المنزل قبل عودتهم، والهروب قبل اكتشاف أمرهم.حاجز اللغةتميز فيلم «طفيلي» بكسره لحاجز اللغة، خصوصاً أنه صوّر الصراع الطبقي في أعمق تجليّاته. وبفضل عبقرية بونغ جون الذي أخرج وألف عدداً من الأفلام الشهيرة، منها «أم» و«المضيف»، وآخرها «ميكي 17»، قدّم في «طفيلي» قصة تشويقية ذكية مع الكثير من المشاهد المشحونة بالتوتر، وتحولات درامية ليست سهلة التخمين، وليست دخيلة على القصة، لكنها مكتوبة لترتبط عضوياً بالنص، وبالتالي يستحوذ السيناريو على انتباه المُشاهد تماماً.