- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 27/Jun 13:04

لا تكتفوا بالشهادات وطوروا مهاراتكم التكنولوجية

إعداد الكفاءات الوطنية القادرة على قيادة التحول الاقتصادي والاجتماعي   تُولي مملكة البحرين التعليم أولوية قصوى كونه حجر الزاوية في التنمية الشاملة وتحقيق رؤية البحرين الاقتصادية 2030، التي تضع الاستثمار في الإنسان بصدارة أولوياتها، ويُعد التعليم في البحرين من بين الأقدم على مستوى دول الخليج، إذ انطلقت أول مدرسة نظامية حكومية في العام 1919، لتصبح المملكة منذ ذلك الحين رائدة في توفير التعليم المجاني والإلزامي. وتشير المؤشرات الحديثة إلى أن البحرين تواصل تعزيز موقعها في مجال التعليم على المستويين المحلي والدولي، إذ بلغت نسبة الالتحاق بالتعليم العالي نحو 71.96 % في العام 2023، وفقًا لبيانات معهد اليونسكو للإحصاء؛ ما يعكس اتساع قاعدة الاستفادة من فرص التعليم الجامعي. وفي إطار دعم هذا التوجه، خصصت المملكة ما يقارب 1.99 % من ناتجها المحلي الإجمالي لقطاع التعليم في العام 2022، فيما شكّل الإنفاق على التعليم نحو 9.3 % من إجمالي الميزانية الحكومية في العام نفسه، بحسب بيانات البنك الدولي. وتُظهر هذه الأرقام التزام البحرين بالاستثمار في رأس المال البشري عبر تطوير البنية التحتية التعليمية والموارد البشرية، ضمن رؤية وطنية تسعى إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة، وتعزيز التنافسية في سوق العمل الإقليمية والدولية. وتتمتع البحرين بمؤشرات متقدمة في مجال تكافؤ الفرص بين الجنسين في التعليم، إذ تشكل الإناث نحو نصف إجمالي عدد الطلبة، وتبلغ نسبة المعلمات في المرحلة الابتدائية نحو 75 %. كما احتلت المملكة المركز الأول في مؤشر المشاركة التعليمية للإناث على مستوى دول الخليج العربي، بحسب تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2023. وعليه، فإن هذه الأرقام والبيانات تؤكد أن البحرين تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في التعليم، ضمن رؤية البحرين 2030، مستندة إلى بنية تعليمية متطورة، وسياسات تعليمية مرنة، وتوجه استراتيجي نحو الابتكار، بما يعزز مكانتها كنموذج تعليمي متقدم في المنطقة. وأكدت الأستاذ المساعد في علوم الإعلام والاتصال بالجامعة الأهلية د. حورية الديري، أن التعليم العالي في البحرين، كما في غيرها من الدول، يؤدي دورًا مركزيًا في تشكيل وعي المجتمع وبناء قدراته. وأشارت إلى أن الجامعات لم تعد مجرد مراكز للمعرفة، بل أصبحت محركات للتنمية المستدامة عبر إعداد الكفاءات الوطنية القادرة على قيادة التحول الاقتصادي والاجتماعي. وأضافت أن التحديات العالمية مثل تغيّر المناخ والتحولات الجيوسياسية تضع التعليم في موقع استراتيجي لتعزيز التفكير النقدي والمسؤولية المجتمعية والمواطنة العالمية، وهي عناصر أساسية لتحقيق أهداف رؤية البحرين الاقتصادية 2030. وأوضحت الديري، أن الجامعات البحرينية قطعت شوطًا مهمًا في هذا المجال، إلا أن الحاجة باتت ملحّة للانتقال من مجرد رقمنة التعليم إلى إعادة تصميم النموذج التعليمي ليكون أكثر تفاعلية، ومتكيّفًا مع الفروق الفردية، ومرنًا في طرق التقييم والتعلم. كما دعت إلى دعم ثقافة الابتكار وتحفيز الشراكات بين الجامعات والقطاعين العام والخاص لتوفير بيئات تعليمية مدمجة، وتطوير مناهج تتقاطع مع مهارات الثورة الصناعية الرابعة. وأشارت إلى أن من أبرز التحديات التي تواجه التعليم العالي هي الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، إضافة إلى تحديات الاستدامة المالية، والتحول الرقمي السريع، وتفاوت فرص الوصول للتعليم العالي. وفي ما يتعلق بالتكنولوجيا، شددت الديري على ضرورة توظيفها في تخصيص تجربة التعلم، وتحسين جودة التفاعل، وربط الطلبة بمصادر معرفية عالمية. وأكدت أن البحرين تمتلك بنية تحتية رقمية متطورة نسبيًا؛ ما يتيح إمكان بناء نماذج تعليمية تعتمد على التحليلات التعليمية والذكاء الاصطناعي، لكنها نبهت إلى أهمية مواكبة ذلك باستثمار موازٍ في تطوير قدرات الهيئة الأكاديمية، وتحديث السياسات التعليمية، وضمان توفير مقومات البيئة الرقمية لجميع الطلبة. وأشادت الديري بالجهود التي تبذلها دول العالم لضمان فرص التعليم العالي لكلا الجنسين، عادّة البحرين نموذجًا رائدًا في هذا المجال عبر برامج مثل برنامج سمو ولي العهد للمنح الدراسية العالمية، التي تساهم في تمكين الكفاءات الوطنية للمشاركة في التنمية الشاملة، وتعكس الشمولية والعدالة في توفير الفرص التعليمية والمهنية. كما دعت إلى تعزيز برامج الدعم للطلبة من ذوي الدخل المحدود على المستوى العالمي، وتمكينهم من مواصلة تعليمهم دون أعباء مالية، مشددة على ضرورة أن يضطلع كل من المجتمع المدني والقطاع الخاص بدور أكبر في تمويل البحث العلمي، ودعم الطلبة عبر برامج التدريب والتوظيف، مؤكدة أن التعليم لا يمكن أن يكون مسؤولية الدولة وحدها. وفي ختام حديثها، وجهت الديري رسالة إلى الطلبة دعتهم فيها إلى عدم الاكتفاء بالحصول على الشهادات، بل إلى تطوير مهاراتهم الذاتية والتكنولوجية، وتوسيع آفاقهم بالاطلاع على تخصصات أخرى؛ لأنهم في مرحلة تُبنى فيها اقتصادات جديدة على المعرفة والابتكار؛ ما يتطلب منهم الاستعداد للمستقبل. كما وجّهت رسالة إلى الأكاديميين، داعية إياهم إلى التجديد في طرق التدريس، والانفتاح على الشراكات البحثية متعددة التخصصات، والحرص على جعل التعليم تجربة محفّزة وملهمة، مؤكدة أن التعليم العالي في البحرين أمام فرصة تاريخية لتعزيز دوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة، وأن الجميع شركاء في هذا المسار. وكشفت الأرقام الرسمية للميزانية العامة لمملكة البحرين للعامين الماليين 2025 - 2026، مقارنة بالميزانية السابقة للعامين 2023 - 2024، عن تغيّرات واضحة وملموسة في توزيع الإيرادات العامة بين الوزارات والجهات الحكومية. ويعكس هذا التحوّل التوجهات الاقتصادية والسياسية الجديدة للمملكة، إذ حظي قطاع التعليم بزيادة كبيرة في التمويل، في خطوة تؤكد التزام الحكومة بتطوير المنظومة التعليمية، وتعزيز الدعم الموجه لهذا القطاع الحيوي بما يتماشى مع أولويات التنمية الوطنية. وتُشير الميزانية إلى إعادة توجيه الاستثمارات في قطاعات تتوافق مع أولويات التنمية المستدامة. وحقق قطاع التعليم زيادة في الإيرادات للعام 2025 بنسبة بلغت 63.9 %، الأمر الذي يعكس زيادة كبيرة في تمويل هذا القطاع الرائد، نتيجة التوسع في التعليم أو تطوير وتحسين جودة النظام التعليمي في مملكة البحرين، فكانت إيرادات القطاع في العام 2025 نحو 724,000 دينار، مقارنة بـ 444,000 دينار في العام 2024، وكانت إيرادات وزرة التربية والتعليم 188,000 دينار في العام 2025، مقارنة بـ 135,000 دينار في العام 2024، بزيادة بلغت 39.3 %، ومن جانب آخر بلغت إيرادات مجلس التعليم العالي 309,000 دينار في ميزانية العام 2024، وبلغت 153,000 دينار بحريني في ميزانية العام 2025. من جانبها، قالت المدرسة بمدرسة القيروان الإعدادية جنان مالك “لا يمكن إنكار أن دور المعلم في العملية التعليمية أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، خاصة في ظل الطفرة التكنولوجية التي نعيشها اليوم. من الضروري أن يكون المعلم مواكبًا لأحدث وسائل التكنولوجيا، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، لما له من دور فاعل في تسهيل عملية التعلم على المتعلم، سواء في جانب البحث والاستقصاء أو في عرض المادة التعليمية بأساليب مبتكرة تجذب الطالب وتبسط المفاهيم”. وأضافت “صحيح أن الطالب اليوم يستطيع الوصول إلى المعلومة بضغطة زر، لكن دور المعلم لم يتراجع، بل أصبح أكثر عمقًا. المعلم هو من يوجه الطالب، ويصقل مهاراته، ويحفزه على التفكير النقدي والتوسع في المعرفة، لا الاكتفاء بالمعلومة السطحية”. وأشارت مالك إلى أن العملية التعليمية في مملكة البحرين تشهد تطورًا واضحًا، قائلة “هناك خطوات جادة نحو تحديث المناهج وتطويرها لتتماشى مع متطلبات العصر، نرى ذلك في إدراج مواد جديدة ومفيدة مثل اللغة الإنجليزية بشكل أكثر تكاملًا، ومناهج تعنى بالثقافة المالية والميزانية والريادة، التي بدأت تظهر حتى في المرحلة الابتدائية، وهو ما يعكس وعيًا بأهمية بناء شخصية الطالب منذ الصغر بطريقة شاملة”. وأكدت أهمية البيئة الصفية والدعم النفسي، بقولها “من واجب المعلم أيضًا أن يراعي احتياجات الطالب النفسية والاجتماعية، وأن يوفر بيئة تعليمية آمنة ومحفزة؛ لأن الجو المناسب يلعب دورًا كبيرًا في تحفيز الرغبة في التعلم”. كما شددت على دور الأسرة، مضيفة “ولي الأمر شريك أساسي في العملية التعليمية، ومتابعته لابنه وتواصله مع المعلم تساعد في تخطي الكثير من العقبات التي قد يواجهها الطالب. فعندما يكون هناك تعاون وتكامل بين المدرسة والأسرة، تكون نتائج التعلم أفضل بكثير”. واختتمت جنان مالك حديثها بالقول “نتمنى من الجيل الجديد أن يولي التعلم والتطور الأهمية التي يستحقانها، فهما ليسا مجرد واجب مدرسي، بل هما أساس التقدم وبناء المستقبل، ولبنة رئيسة في دفع عجلة التطور في مملكتنا الغالية”.