- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 10/Jul 20:12

آل خليفة الكرام.. خير حافظ على نقاء الدم العربي للخيول

تُعد الخيول العربية الأصيلة واحدة من أعرق السلالات التي عرفها التاريخ، إذ يرجع أصلها إلى شبه الجزيرة العربية، ويُعتقد أن ظهورها الأول يعود إلى ما قبل 4500 عام، وفقا لأدلة أثرية وجدت في منطقة الشرق الأوسط، وتمتاز هذه الخيول بشكل رأسها المميز وذيلها المرتفع، الأمر الذي يجعلها من أكثر السلالات تميزا وسهولة في التعرف عليها حول العالم. وقد لعبت الخيول العربية دورا محوريا في الحروب القديمة والتنقلات والتجارة، وساهمت في تطوير سلالات أخرى حول العالم؛ بفضل ما تتمتع به من صفات فريدة كالقوة والسرعة والصبر والعظام المتينة، ولا تكاد تخلو سلالة حديثة من سلالات ركوب الخيل في العالم من دماء الخيول العربية الأصيلة. الحضارة العربية حظيت الخيول العربية بمكانة عالية بين القبائل العربية منذ فجر العروبة، واعتُبرت رمزا للقوة والمجد، ورفيقة دائمة في الغزوات والفتوحات، وقد أوصى النبي محمد (ص) بالعناية بالخيل وإكرامها، لما لها من فضل وأهمية، فقال: “الخيل معقودٌ بنواصيها الخير إلى يوم القيامة”. وكان البدو العرب يربون الخيول العربية الأصيلة بعناية فائقة، بل كانوا يُدخلونها أحيانا خيامهم لحمايتها من اللصوص والبرد. كما مارسوا التهجين الانتقائي لتعزيز صفاتها، فخرجوا بسلالة تمتاز بالذكاء وسرعة التعلم والوفاء لصاحبها، إضافة إلى الروح القتالية العالية واليقظة. موطن للنقاء ارتبط وجود الخيل العربية الأصيلة في البحرين بتاريخ عائلة آل خليفة الكرام، لتتحول المملكة إلى أحد أبرز معاقل الخيول العربية في المنطقة، وتشير التنقيبات الأثرية، خصوصا في موقع الحجر الأثري، إلى العثور على هياكل عظمية لخيل تتطابق مواصفاتها مع الخيول العربية المعروفة، ما يعزز من عمق هذا الإرث. وقد أولى حكام البحرين من عائلة آل خليفة الكرام، اهتماما بالغا بالخيل، عبر إنشاء الإسطبلات المجهزة ورعاية أنساب الخيل الأصيلة وتنظيم السباقات، ومنذ العام 1847م (1264هـ)، استقبلت البحرين عددا كبيرا من أصايل الخيل، لتعزز مكانتها كموطن للنقاء والصفاء في السلالة. الاهتمام الملكي منذ عهد المغفور له الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، وحتى عهد ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، لم تنقطع رعاية الدولة للخيول العربية الأصيلة، وقد شهدت المملكة تنظيم سباقات الخيل في مناطق متعددة، إلى جانب مبادرات لتوثيق أنساب الخيل وحمايتها من التهجين الخارجي، مستفيدة من موقع البحرين الجغرافي كجزيرة ساعد في حفظ نقاء سلالاتها. وفي عهد المغفور له الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، تم التمسك بطرق التناسل التقليدية، ما أسهم في الحفاظ على صفاء السلالات واستمراريتها. اعتراف عالمي واعترافا بالمكانة التي تحتلها البحرين في عالم الخيول العربية، اختارت المنظمة العالمية للخيول العربية الأصيلة (WAHO) مملكة البحرين لعقد مؤتمرها العالمي في وقت سابق؛ تقديرا للجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة للحفاظ على هذا الموروث الحضاري الأصيل، وتعزيزه كجزء من الهوية الوطنية والتراثية. وفي كتاب “تاريخ الخيل العربية الأصيلة في البحرين”، ورد توثيق دقيق للاهتمام الذي أولاه حكام البحرين بالخيل، والدور الرائد الذي قامت به شخصيات بحرينية في دعم هذه المسيرة، سواء على صعيد التربية أو السباقات أو التوثيق. الهوية التراثية  تُعد البحرين اليوم من أبرز دول العالم في اقتناء الخيول العربية الأصيلة، وواحدة من أهم الدول الراعية للفروسية وسباقات القدرة والتحمل.   كما تحقق المملكة إنجازات بارزة في البطولات الإقليمية والدولية، في تأكيد مستمر لارتباطها الوثيق بهذا الإرث الذي بات يشكل أحد أعمدة هويتها التاريخية والثقافية. إن تاريخ الخيل في البحرين ليس مجرد صفحات من الماضي، بل هو حكاية مستمرة من الوفاء والأصالة والهوية، سُطرت بفروسية الأجداد ورعاية الأحفاد.