- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 10/Jul 20:20

الخيل العربي الأصيل.. عيون من ياسمين وصبر من نار

منذ آلاف السنين حين كانت القوافل تشق الصحارى ويخترق الفرسان المدى، بزغ نجم الخيل العربي الأصيل كرمز للقوة والنجابة. من عمق الجزيرة العربية، ومن قلب الرمال الحارقة، خرج هذا الكائن النبيل ليحمل على ظهره تاريخ أمة بأكملها، وليصبح لاحقا سفيرا للبطولة والأصالة في كل أرض وطأتها حوافره. الخيل العربي لم يكن مجرد دابة، بل كان شريكا في الحرب والسلم، ورفيقا للإنسان في رحلته نحو المجد والحضارة. جمال السلالة تُعد الخيول العربية الأصيلة واحدة من أعرق سلالات الخيل في العالم، إذ يمتد تاريخها إلى أكثر من 5000 عام، وتُعد من أقدم السلالات التي عرفها الإنسان، حيث نشأت في بيئة الصحراء القاسية بمنطقة الشرق الأوسط، ومنها انطلقت إلى أنحاء المعمورة، محافظة على مكانتها المرموقة في ميادين السباق، ومجالات الفروسية، بل وفي وجدان الإنسان العربي وثقافته. ملامح جمالية  تتميز الخيول العربية بجمالها الأخاذ، إذ تأتي بأجسام صغيرة نسبيا، ورؤوس مقعرة، وعيون واسعة داكنة، وأنوف بارزة ذات فتحات واسعة، إضافة إلى ظهر قصير وذيل مرفوع، وأرجل رشيقة وحوافر صلبة. وغالبا ما يكون لونها رماديا، وإن تنوعت ألوانها لتشمل الكستنائي والأسود. الخيل ونشأتها بالرغم من اختلاف المؤرخين حول الموطن الأول للحصان العربي، إلا أن النظريات تتقاطع عند منطقة الهلال الخصيب، الممتدة بين شمال سوريا وجنوب تركيا، فيما ترجح مصادر أخرى نشأته في الجنوب الغربي من الجزيرة العربية، وقد لعبت الطبيعة الصحراوية القاسية دورا حاسما في صقل قدراته، إذ بقيت السلالات الأقوى والأكثر قدرة على التحمل، ما جعله رفيق البدو في ترحالهم، يتشاركون معه الطعام والماء والخيمة. ويُعتقد أن العرب بحلول العام 1500 قبل الميلاد، أتقنوا تربية هذه الخيول واستئناسها لأغراض متعددة، من القتال إلى الركوب، فباتت نواة ما يُعرف اليوم بـ “الخيول العربية الأصيلة”. صفات نادرة حافظ العرب على نقاء سلالة الخيل العربي عبر أجيال متعاقبة، عبر التزاوج الداخلي، ما أسفر عن خصائص فريدة تميزها عن باقي السلالات. ومن أبرز مزاياها: العمر الطويل حيث تتمتع الخيول العربية بأعمار مديدة، وتُعرف بخصوبتها العالية وانخفاض معدل ولادة المهرات المريضة أو الميتة، والقدرة على التحمل حيث تُعد من بين أكثر الخيول تحملا للمسافات الطويلة والظروف القاسية، إذ تتميز ببنية عضلية قوية وعظام كثيفة، والقدرة على الشفاء رغم أنها ليست الأعلى مقاومة للأمراض، إلا أن إرادتها الفطرية القوية تساعدها على التعافي السريع مقارنة بغيرها من السلالات. الخيل العربي تنقسم الخيول العربية إلى عدة سلالات رئيسة، لكل منها خصائصها الشكلية والجينية، أبرزها: الكحيلان تتميز بالقوة والصلابة والطابع الذكوري، ويبلغ متوسط ارتفاعها 152 سم، وتظهر غالبا باللونين الرمادي والكستنائي، الصقلاوي من أكثر رشاقة وأناقة بطابع أنثوي، وأصغر حجما من الكحيلان، إذ يصل ارتفاعها إلى 144 سم، وتشتهر بسرعتها، والعبيان صغيرة الحجم نسبيا، بارتفاع لا يتجاوز 144 سم، وذات ظهر أطول، وعادة ما تكون رمادية اللون، أما الحمداني من أكبر السلالات العربية حجما، إذ يبلغ ارتفاعها 154 سم، وتتميز برأس مستقيم ولون رمادي شائع، والهدبان الذي تتقارب في صفاتها مع الحمداني، ولكنها أصغر حجما، وتتميز بعظام قوية وبنية عضلية متينة، وتكثر بين أفرادها الخيول البنية اللون. إرث حضاري  لا تقتصر أهمية الخيل العربي الأصيل على جماله الخارجي أو قوته البدنية، بل يتفرد أيضا بذكائه، وسرعة تعلمه، ووفائه الشديد لصاحبه، وهي صفات جعلته محل تقدير كبير في الشرق والغرب على حد سواء. ولطالما حرص الأوروبيون على إدخال الخيول العربية في برامج تحسين السلالات؛ لما تمتلكه من قدرات جينية عالية. واليوم، باتت الخيول العربية الأصيلة جزءا لا يتجزأ من تراث شعوب المنطقة، كما تحظى بتقدير عالمي بوصفها واحدة من أفضل الخيول في سباقات السرعة والتحمل، وسفيرة أصيلة لقيم العراقة، والجمال، والكرامة.