- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 08/Sep 21:49

ترندات الطعام.. متعة أم كارثة؟

مع تزايد اهتمام متابعي الطعام بالمأكولات الغنية والمبتكرة، تحاول المطاعم جذب الزبائن بترندات الأطعمة المشبعة بالصوصات كخطوة لاستقطاب عدد كبير من محبيها وزيادة مبيعاتها دون وعي بالمخاطر الصحية المحتملة لهذه الأطعمة. وفي أحدث الصيحات، برز ترند “برجر الشوكولا”، الذي يعد ابتكارًا جديدًا للبرجر بطعم حلو بخلاف طعمه المعتاد، ليجذب عشاق المغامرة الغذائية ويؤكد استمرار التنافس على تقديم أطعمة جريئة وغريبة. وفي هذا الصدد، أوضحت أخصائية التغذية، الدكتورة أسيل الصالح، أن “الترندات” الغذائية التي ظهرت في السنوات الأخيرة في المطاعم – مثل السندويشات والسلطات والأطباق الرئيسة المغمورة بالخلطات والصوصات الثقيلة – أصبحت في كثير من الأحيان ظاهرة تسويقية تعتمد على الجاذبية البصرية والتجربة الغريبة أكثر من اعتمادها على الأسس الغذائية السليمة. وأكدت الدكتورة الصالح أن هذه الممارسات قد تحقق انتشارًا سريعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها من الناحية الصحية تمثل عبئًا متزايدًا على صحة الأفراد والمجتمع. وأكملت قولها أن الأطعمة الغنية بالسكريات البسيطة والدهون المشبعة والدهون المتحولة تُسهم بشكل مباشر في زيادة الوزن، ورفع معدلات مقاومة الإنسولين، وزيادة خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني وأمراض القلب والشرايين. وبينت أن منظمة الصحة العالمية (WHO) توصي بعدم تجاوز السكريات المضافة 10 % من إجمالي الطاقة اليومية، ويفضل أن تقل عن 5 %، أي ما يعادل حوالي 25 غرامًا من السكر يوميًّا للبالغ، موضحة أنه طبقًا لبعض التحليلات، قد تحتوي وجبة واحدة من هذه الأطعمة “الترند” على 70–100 غرام من السكر، أي ما يفوق ثلاثة أضعاف الحد الأعلى الموصى به ليوم كامل. وأضافت أن الإفراط في استخدام الصوصات الغنية بالصوديوم – مثل المايونيز وغيرها الجاهزة – يؤدي إلى تجاوز الكمية الموصى بها يوميًّا من الصوديوم (2000 ملغ وفق إرشادات WHO)، وهو ما يرتبط علميًا بارتفاع ضغط الدم وزيادة أمراض القلب والأوعية الدموية. وأشارت الدكتورة الصالح إلى أن الأرقام في مملكة البحرين تعكس حجم التحدي الصحي الكبير، حيث يعاني نحو ثلث السكان من السمنة، ويعاني حوالي ثلثا البالغين من زيادة الوزن أو السمنة، وفي دول الخليج عمومًا، تتراوح معدلات السمنة بين 30 % و37 % من البالغين، مع نسب مرتفعة لمرض السكري تصل في بعض الدول إلى واحد من كل خمسة بالغين، مشيرة إلى أن هذه النسب تفوق المعدلات العالمية وتنذر بالحاجة إلى تدخل وقائي عاجل. وأكدت الحاجة القصوى لوجود دور تنظيمي واضح من الجهات المسؤولة، سواء كانت وزارات الصحة أو البلديات أو هيئات الغذاء والدواء، يشمل وضع لوائح تحدد الحد الأقصى للسكريات أو الصوديوم أو الدهون في الأطباق، أو إلزام المطاعم بذكر المعلومات الغذائية على قوائم الطعام، أو التنبيه عند تجاوز الحدود الصحية الموصى بها، مشيرة في السياق ذاته إلى وجود هذه الإجراءات في عدة دول، وقد ساهمت في رفع وعي المستهلكين وتشجيعهم على اختيار الخيارات الغذائية الأفضل. وأوضحت أن الأمر لا يقتصر على التشريعات وحدها، بل يحتاج أيضًا إلى تعزيز وعي المستهلك، مؤكدة أن المستهلك الواعي هو الأكثر قدرة على اتخاذ قرارات صحية عندما تتوفر له المعلومات بشكل شفاف. وأضافت أن نشر التثقيف الغذائي عبر وسائل الإعلام، ودمج مفاهيم التغذية الصحية في المناهج التعليمية، وإشراك الجمعيات المهنية، كلها عوامل أساسية لتغيير السلوك الغذائي للأفراد والمجتمع. وقالت في ختام حديثها إن الإبداع في الطهي والمطاعم أمر مرحب به، لكنه يجب أن يكون مسؤولًا ومتوازنًا، مشددة على أن السندويش أو السلطة أو الطبق الرئيس من المفترض أن يكون رمزًا للتوازن والصحة، لا أن يتحول إلى وجبة تُفاقم أعباء السمنة والأمراض المزمنة.