X

Vous n'êtes pas connecté

  - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 04/Jul 21:27

عين بوري.. أشهر وأقدم العيون في القرية

في زاوية منسية من قرية بوري الواقعة في المحافظة الشمالية، وعلى أطراف الديرة القديمة، تقف “عين بوري” شاهدا حيا على علاقة الإنسان بالماء، وعلى فصل طويل من التاريخ الزراعي والاجتماعي الذي بدأ يتآكل في زحمة التحولات العمرانية الحديثة. لم تكن هذه العين مجرد مورد مائي، بل شكلت لبنة أساسية في حياة الأهالي، ومركزا يوميا للأنشطة المجتمعية من الغسيل والاستحمام إلى السباحة والسمر، وأحد أعمدة استقرار الزراعة في المنطقة لعقود طويلة. ومع أن مياهها قد جفت، إلا أن ملامحها الجيولوجية ما تزال قائمة، تؤكد اتساع قطرها وعمقها المتدرج، وتفتح الباب أمام تساؤلات بشأن دور هذه العيون في صوغ هوية القرية وعلاقتها بالبيئة المحيطة. وفي ظل الحديث المتزايد اليوم عن أهمية المحافظة على التراث الطبيعي والمعالم البيئية المندثرة، تعود “عين بوري” إلى الواجهة كموقع يستحق الحماية والتأهيل، ليس فقط لما تمثله من إرث مائي، بل لما تختزنه من ذاكرة مكانية وثقافية تجمع بين التاريخ الطبيعي والاجتماعي. موقع استراتيجي بحسب الباحث حسن محفوظ، فإن عين بوري تُعد من أشهر وأقدم العيون في قرية بوري، وتقع على الطرف الشمالي الشرقي من الديرة القديمة، بمحاذاة المقبرة الشرقية للقرية ومسجدها المطل على العين من التلة المجاورة. وتحيط بها من الشمال والشرق بساتين النخيل، ما يعكس علاقتها العضوية بالزراعة والمياه منذ القدم. أوسع العيون يُقدر محفوظ قطر العين بأكثر من 30 مترا، وتتشكل عموديا من 3 طبقات حتى قاعها، ما يجعلها واحدة من أكبر العيون المفتوحة في المنطقة. وقد ساهمت هذه المساحة في استخداماتها المتعددة، سواء في الري أو في الحياة اليومية. شبكة “السيبان” ويضيف أن عين بوري كانت شريان حياة لسكان القرية، ومصدرا رئيسا للماء الحلو الذي استخدم لري النخيل والمزارع، بل كانت تمتد فائدتها إلى العيون المجاورة عبر قنوات أرضية وسطحية تُعرف محليا بـ “السيبان”، تشكلت عبر الزمن في شبكة مائية معقدة.   أم الشبيب ومن العيون المرتبطة بعين بوري، يذكر: عين “الصغيرة” غربها، و “أم الشبيب” جنوبا على بعد نحو 150 قدما، وعين “الشريعة” التي يتداخل فيها الماء العذب مع ماء مالح ينبع من ساب “المالح” جنوبا. كما توجد عين “المبطلة” إلى الجنوب الشرقي، وهي متصلة بعين بوري بواسطة قناة مباشرة تخدم بدورها في ري مناطق مثل سيحة بوري ونخيل عويشة والضياع. دور اجتماعي لكن الدور الذي لعبته العين لم يكن مائيا فقط، بل شكلت معلما مجتمعيا، خصوصا في العقود الماضية، حيث كانت النساء يتوافدن نهارا للتزود بالمياه والغسيل، في حين كانت العين مركزا للسباحة خلال الصباح، خصوصا حتى بداية ثمانينات القرن الماضي. كما كانت العيون مقصدا صيفيا في موسم “المضاعن” حين يقيم الأهالي في العرشان قرب العين أثناء حصاد الرطب، ضمن طقوس مصايف تقليدية اندثرت اليوم. عين حويص كما يشير محفوظ إلى عين “حويص”، وهي من أقدم عيون القرية كذلك، وتقع شمالا باتجاه قرية سار، وتحمل اسم قرية مندثرة تُعرف بـ “عالي حويص”. كانت تلك القرية تشتهر بنظام الأفلاج، القنوات المائية تحت الأرض، وقد ارتبطت عين حويص بعين أخرى جنوب سار، ضمن ما يُعرف حاليا بالمستوطنة التاريخية التي اندثرت بفعل التمدد العمراني. لحظة فاصلة ومن المحطات اللافتة في تاريخ عين بوري، أن فرقا فنية قامت بالتنقيب عن النفط فيها في خمسينات القرن الماضي، حيث تم تركيب أنبوب معدني وسط العين، وطُلب من الأهالي عدم الاقتراب منه أثناء السباحة. كان لذلك أثر نفسي واجتماعي كبير، وأدى إلى تراجع استخدام العين وتدهورها تدريجيا. إهمال طويل ويعرب محفوظ عن أسفه لما آلت إليه العين من إهمال على مدى عقود، نتيجة غياب الرعاية المؤسسية أو الصيانة المنتظمة، ما أدى إلى جفافها وفقدانها لدورها الحيوي في الزراعة والحياة اليومية، إلى جانب تراجع قيمتها كرمز تراثي. روايات شفوية أما عن العمر الحقيقي للعين، فيشير محفوظ إلى روايات شفهية تربطها بفترة حضارة دلمون، استنادا إلى بقايا أحجار وآثار عُثر عليها في محيطها. لكنه يستند كذلك إلى نتائج علمية، منها دراسة أجراها الباحث الأميركي “لارسن” من جامعة شيكاغو، جمع فيها نتائج تنقيبات ومسوحات أثرية أجريت في عدد من المواقع الزراعية في البحرين، منها بوري ومحيطها. دراسات أثرية ركزت الدراسة على منطقة تضم عين “خضراء” قرب مسجد بربغي، ممتدة غربا إلى عين حويص، وجنوبا إلى جامع بوري، وشرقا إلى عين بوري. وخلصت إلى أن هذه الرقعة تعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي، أي الفترة الإسلامية المتأخرة.   موقع تراثي ويؤكد محفوظ أن إعادة إحياء عين بوري ليس ترفا، بل هو ضرورة ثقافية وتاريخية واجتماعية، موضحا أن تحويل محيط العين إلى معلم تراثي مفتوح أو حديقة تعليمية سيسهم في حفظ الذاكرة الجمعية للقرية، ويمنح الأجيال الجديدة فرصة لفهم العلاقة العميقة بين الماء والمجتمع في البحرين.   مرآة القرية ويختتم بالقول “عين بوري ليست مجرد حفرة جافة أو مكانا اندثر، بل هي مرآة لتاريخ قرية، ونموذج لثقافة بيئية ما زالت تنتظر من يعيد قراءتها ويحميها من النسيان”.

Articles similaires

Sorry! Image not available at this time

عين بوري.. أشهر وأقدم العيون في القرية

albiladpress.com - 04/Jul 21:27

في زاوية منسية من قرية بوري الواقعة في المحافظة الشمالية، وعلى أطراف الديرة...

Sorry! Image not available at this time

الطهو على الحطب في باربار

albiladpress.com - 27/Jun 13:27

في تقليد سنوي متوارث جيلا بعد جيل، يجتمع الأهالي في قرية باربار لطهو الطعام على...

Sorry! Image not available at this time

ذكرى رحيل الفنان علي بحر.. صوت البحرين و“حبيب الشعب”

albiladpress.com - 02/Jul 21:07

يُعد الفنان البحريني الراحل علي بحر، المولود عام 1960 والذي انتقل إلى رحمة الله في 3...

Sorry! Image not available at this time

ريشة الفنان عبدالجليل الحايكي تثير “نوستالجيا” عاشوراء البحرين قديما

albiladpress.com - 04/Jul 21:13

تتيح لك لوحات الفنان البحريني عبدالجليل الحايكي فرصة شعورية فريدة من نوعها لتحلق...

Sorry! Image not available at this time

“مواكب الباخشة”.. سرد بصري لعاشوراء في قلب المنامة

albiladpress.com - 01/Jul 22:07

كعادة سنوية تهدف إلى إحياء التراث العزائي، يجري العمل في العاصمة المنامة على...

Sorry! Image not available at this time

“أم أمير”... قصة امرأة هندية تهجر ثروة عائلتها طمعا في الجنة

albiladpress.com - 30/Jun 22:13

في مجتمع تغلب عليه التقاليد الدينية الصارمة، وتنشأ فيه الطفولة على السجود للأصنام...

Sorry! Image not available at this time

“أم أمير”... قصة امرأة هندية تهجر ثروة عائلتها طمعا في الجنة

albiladpress.com - 30/Jun 22:13

في مجتمع تغلب عليه التقاليد الدينية الصارمة، وتنشأ فيه الطفولة على السجود للأصنام...

Sorry! Image not available at this time

أبو محمد.. كفيف يضيء بدالة جهاز حكومي منذ عقدين

albiladpress.com - 27/Jun 21:45

في السادسة صباحًا، يصل حسام الشهابي (أبو محمد) إلى مقر عمله في جهاز المساحة...

Sorry! Image not available at this time

أبو محمد.. كفيف يضيء بدالة جهاز حكومي منذ عقدين

albiladpress.com - 27/Jun 21:45

في السادسة صباحًا، يصل حسام الشهابي (أبو محمد) إلى مقر عمله في جهاز المساحة...

Sorry! Image not available at this time

معركة صامتة خلف الشاشات.. كيـف أحدثت تقنية الفيديو ثورة في التحكيم المحلي؟

albiladpress.com - 27/Jun 22:12

الزعبي: الـ “VAR” ليس مجرد أداة إلكترونية.. بل جزء من مشروع تطوير شامل للكرة...