- ALBILADPRESS.COM - A la Une - Hier 00:38

لانتفاء القصد الجنائي.. براءة ثلاثيني من سرقة طراد

قضت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى ببراءة رجل ثلاثيني من تهم تزوير محرر رسمي واستخدامه في تحويل ملكية طراد وسرقة الطراد نفسه، وأمرت بمصادرة المحرر المطعون عليه بالتزوير، ورفض الدعوى المدنية المقامة ضده، بعد أن تبيّن لها عدم توافر أركان الجريمة وثبوت وجود شبهة جدية في الواقعة. تعود تفاصيل القضية إلى العام 2022، حين اشترى المجني عليه طرادًا بحريًا ليستخدمه شقيقه في ممارسة هواية الصيد، وبسبب حصول الأخير على مخالفة بحرية، تم إيداع الطراد في الإسطبل التابع للعائلة، وهو المكان الذي يتردد عليه المتهم بصفة مستمرة. بعد فترة، لاحظ المجني عليه اختفاء الطراد، وباستفساره من شقيقه، علم أن المتهم أخذه بدعوى تنظيفه وصيانته، لكنه فوجئ لاحقًا بإبلاغه أن الطراد قد تم بيعه. المجني عليه علم بأن المتهم استغل تردده على الإسطبل، واستولى على الطراد دون علمه أو إذن منه، ثم قام بنقل ملكيته عبر تزوير توقيعه على استمارة تحويل الملكية، وهو ما أكده شقيقه، نافيًا أن يكون قد فوّض المتهم بأي إجراء يتعلق بالبيع أو التحويل. وفي هذا الجانب أفاد موظف تسجيل السفن في مكتب تسجيل السفن الصغيرة التابع لوزارة المواصلات والاتصالات بأنه هو من أتمّ إجراءات تحويل ملكية الطراد موضوع الدعوى، مشيرًا إلى أن التوقيع الموجود في خانة الموظف المختص على المستند المطعون فيه بالتزوير يعود إليه، وأنه قام بالإجراء ضمن نطاق مهامه الوظيفية، بعد التأكد من اكتمال المستندات المطلوبة ووفقًا للإجراءات الرسمية المعتمدة. وأوضح رئيس شؤون البحارة، الذي يشغل أيضًا منصب رئيس مكتب تسجيل السفن الصغيرة بوزارة المواصلات، أن الشخص الذي تولّى تنفيذ عملية تحويل ملكية الطراد محل النزاع هو الموظف ذاته الموقّع على المستند المطعون فيه بالتزوير، مضيفًا أن الموظف قام بإتمام الإجراءات بحسن نية وفي إطار مهامه الوظيفية. وجاء في تقرير مختبر فحص التزييف والتزوير التابع للإدارة المادية، أن المجني عليه هو من كتب التوقيعين الواردين في الوثائق المعروضة، أحدهما في خانة “توقيع المالك” على نسخة من استمارة تحويل ملكية السفينة التي يظهر اسمه فيها كمالك، والآخر في خانة “توقيع المشتري” على نسخة استمارة تخص سفينة مباعة من قِبل مالك مسجّل. أما التوقيع المدرج في خانة “توقيع البائع” على استمارة تحويل ملكية السفينة ذاتها، والذي نُسب إلى المجني عليه، فقد تبين أنه ليس من خط يده، بل كُتب بواسطة شخص آخر حاول تقليد توقيعه. وأضاف التقرير أنه يتعذر فنيًا تحديد ما إذا كان المتهم أو أي شخص آخر هو من قام بذلك، مما يجعل إثبات أو نفي نسبته أمرًا غير ممكن. وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها ببراءة المتهم، أن الأخير أوضح أثناء استجوابه أمام النيابة العامة أنه يطالب شقيق المجني عليه بمبلغ مالي، وأن الشقيق عرض عليه تحويل ملكية الطراد كضمان لهذا الدين. ووفقًا لما أدلى به المتهم، فقد تسلّم استمارة تحويل الملكية موقعة من شقيقه (المجني عليه)، بالإضافة إلى بطاقته الذكية، وأخبره أن شقيقه على علم بالاتفاق وموافق عليه، وهو ما مكّنه من إنهاء إجراءات النقل الرسمي للملكية. وأشارت المحكمة إلى أن هذه الرواية توافقت مع ما خلص إليه تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، حيث ثبت أن التوقيع في خانة “المالك” على صورة استمارة نقل ملكية الطراد كُتب بخط يد المجني عليه نفسه، بينما لم يُثبت أن المتهم هو من دوّن التوقيع المثير للجدل في خانة “البائع” في ذات النموذج. كما بيّنت المحكمة أن ما ورد على لسان المتهم خلال التحقيقات، حظي بدعم من شهادة شهود النفي الذين أكدوا أن تسليم الطراد تم بموافقة شقيق المجني عليه، وأن المتهم لم يستحوذ عليه بطريق غير مشروع، مضيفة أن المتهم أعاد الطراد إلى المجني عليه بعد أن تبيّن له وجود تزوير في التوقيع على الاستمارة. وبعد دراسة متأنية للأدلة والمستندات، خلصت المحكمة إلى انتفاء ركن جريمة السرقة، باعتبار أن حيازة المتهم للطراد تمت بناءً على موافقة أحد أقارب المالك، كما رأت أن القصد الجنائي في جريمة التزوير غير متحقق؛ نظرًا لعدم وجود دليل يثبت علم المتهم بأن التوقيع الوارد في خانة “البائع” كان مزورًا.  وبناءً على ذلك، وجدت المحكمة أن الشك ما يزال قائمًا بشأن نسبة الأفعال الإجرامية إلى المتهم، ما يقتضي الحكم ببراءته.