- ALBILADPRESS.COM - A la Une - 28/Aug 18:34

الفنان البحريني عادل العباسي.. إبداع فلسفي يتجاوز المألوف

يعد الفنان البحريني عادل العباسي، أحد الأسماء التي اختارت كسر القوالب التقليدية للفن، حيث تعلم بنفسه دون أن يتبع مدرسة أو اتجاها فنيا محددا. يفضل أن يبقى حرا في التعبير، منطلقا برسالته الفنية التي تتجسد في أعمال نحتية وتشكيلية تستلهم رموز الحضارة الدلمونية وروحانيات الفكر الصوفي. لابد أن المهتمين بالمشهد الفني في البحرين قد صادفوا أعمال الفنان الحائز على العديد من الجوائز، خصوصا لوحته الشهيرة “سيدة العباية” فقد رسم الفنان، وخطّ، وعبث بأكثر من ألف نسخة من هذه الشخصية الأيقونية. ورغم أن النظرة الأولى قد ترى سيدة تحمل شيئا على رأسها، إلا أن هناك معنى أعمق يختبئ وراء إلهام العباسي. تمثل لوحة “سيدة العباية” المرأة البحرينية عبر الحضارات، وهي لوحة بسيطة تظهر صورة نصفية لامرأة ترتدي عباءة سوداء من الحرير على رأسها، لتنسدل على كتفيها وصولا إلى قدميها. وقد صُمم وجه السيدة بطريقة فريدة، فبإمكانك أن ترى وجها واضحا، ولكن إذا نظرت عن قرب، ستكتشف صورة جنين، وهو ما يرمز إلى الخصوبة واستمرارية الحياة. تتجاوز “سيدة العباية”‮ كونها مجرد عمل فني يوثق التراث. إنها قطعة فنية تفتح أبوابا متعددة للتأويل، حيث تعكس قراءتها المعاصرة قوة المرأة وقدرتها على التكيف والعطاء بطرق تتعدى المفاهيم التقليدية. بينما قد يرى البعض العباءة كرمز للتقاليد العربية السائدة، يكمن في تأويلها المعاصر دلالة أعمق. فهي لا تمثل مجرد زي، بل ترمز إلى جذور المرأة، وطبيعتها الفطرية التي تنبع منها كل جوانب شخصيتها الأخرى. إنها نقطة الانطلاق التي تشكل كيانها، مما يجعلها رمزا للهوية الأصيلة التي تنمو وتتطور مع الزمن. وأوضح عادل العباسي أن “الشيء الذي تحمله السيدة فوق رأسها يرمز إلى كل ما يكمن في أعماقها، من أعمق أمنياتها وقلقها، إلى تحدياتها وأحلامها”. هذا العنصر يصبح بذلك نافذة على عالمها الداخلي، حيث تتلاقى التناقضات وتتعايش، مما يضفي على الشخصية عمقا إنسانيا فريدا. في النهاية، تقدم لوحة “سيدة العباية”‮ دعوة للتفكير في قوة المرأة من منظور جديد؛ قوة لا تكمن في الامتثال للتقاليد فحسب، بل في المرونة، والعطاء، والقدرة على حمل الأعباء والأحلام في آن واحد. يحمل العباسي المولود في المنامة، شهادتي بكالوريوس وماجستير في إدارة الأعمال من الولايات المتحدة، حيث تأثر بالفن المرئي والتقنيات المعاصرة. ويستند العباسي إلى خلفية تقنية أيضا، إذ حصل على دبلوم في الهندسة الميكانيكية من الثانوية الصناعية، ما مكّنه من اكتساب مهارات فنية مثل السباكة واللحام، والتي يوظفها ببراعة في أعماله النحتية. كما شارك في ورش ودورات للفن التشكيلي في نيويورك ولوس أنجلوس، ما جعله ينحت أسلوبه الخاص المتأثر بتنوع الثقافات والتجارب الحياتية التي‮ عاشها.