Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 17/Sep 00:04

خبراء: الإنفاق العالمي على الطاقة 1.3 تريليون دولار سنويا

في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها قطاع الطاقة على الصعيد العالمي، وانطلاقاً من معرض ومؤتمر ميوس جيو 2025 بمركز البحرين الدولي للمعارض، اجتمعت نخبة من كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط والغاز والطاقة لمناقشة “التحرك نحو مستقبل الطاقة: الاستثمار والابتكار والاستدامة” في الجلسة الثانية من فعاليات اليوم الأول. فيما تناول المشاركون في الجلسة أهمية الاستثمار الذكي، والابتكار التكنولوجي في تحقيق التوازن بين تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، والحفاظ على البيئة، في ظل النمو السكاني المتوقع الذي سيرفع عدد سكان العالم من 8 إلى 10 مليارات نسمة بحلول العام 2050، ما يضع ضغوط إضافية على موارد الطاقة الحالية ويستدعي نهجا متكاملا يجمع بين مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة. وجمعت الجلسة النقاشية بعنوان “التحرك نحو مستقبل الطاقة: الاستثمار والابتكار والاستدامة”، والتي انطلقت ضمن فعاليات اليوم الأول من معرض ومؤتمر ميوس جيو 2025، المنعقد في مركز البحرين العالمي للمعارض، نخبة من كبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع الطاقة العالمي من شركات رائدة مثل أرامكو، وهاليبرتون، وشيفرون، وشل، لإلقاء الضوء على مستقبل الطاقة في ظل التحديات المتنامية للطلب العالمي، وضرورة التكيف مع متطلبات الاستدامة، وكذلك دور الابتكار والتكنولوجيا في صناعة الطاقة. وقاد الجلسة الصحافي خبير الطاقة جون ديفتيريوس، صحافي أول في مركز الطاقة والمواد بالمنتدى الاقتصادي العالمي، الذي تطرق في بداية حديثه إلى أن  إلى أن الإنفاق السنوي العالمي على قطاع الطاقة يبلغ نحو 1.3 تريليون دولار، وهو رقم يعكس حجم التحديات، والفرص المتاحة في صناعة تعد من أهم محركات الاقتصاد العالمي، مشددا على ضرورة النظر بعمق في التحديات الراهنة والمتوقعة في قطاع الطاقة، مع التركيز على تأمين الطاقة بأسعار معقولة مع خفض البصمة الكربونية. وبدأ نائب الرئيس التنفيذي للاستكشاف والحفر في أرامكو عبدالحميد الدغيثر حديثه مؤكدا أن استراتيجية الشركة الاستثمارية ترتكز على ثلاثة محاور رئيسة، هي: طاقة ميسورة التكلفة، وضمان أمن الطاقة، وتقليل الانبعاثات المحلية. وقال الدغيثر ”عندما ننظر إلى استراتيجية توزيع رأس المال لدينا، فإننا نركز على توفير الطاقة بأسعار ميسورة، مع ضمان موثوقية الإمداد، وخفض الانبعاثات المحلية بما يتماشى مع أهداف الاستدامة، فنحن ملتزمون بالحفاظ على استثماراتنا في إنتاج النفط عند مستوى 12 مليون برميل يوميا، وهوجزء أساسي من استراتيجيتنا، مشيرا إلى أن أرامكو تضع في خطتها زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 60 % بحلول العام 2030، لتلبية الطلب المتزايد في المملكة العربية السعودية. وأوضح، أن الغاز يُعد أكثر أنواع الهيدروكربونات صداقة للبيئة، لذلك نحن نركز على تنمية قطاع الغاز، بالإضافة إلى بناء عمل متكامل عالميا في مجال الغاز الطبيعي المسال (LNG)، حيث نرى نموا مستداما في هذا المجال عالميا. ولفت الدغيثر إلى أهمية استثمار الشركة في التقنيات الحديثة، خصوصا الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، ليؤكد في هذا الشأن أن الشركة تعمل على نشر تطبيقات الذكاء الاصطناعي بكثافة، حيث تم تدريب أكثر من 6000 متخصص في القطاع، ويعمل لدينا أكثر من 100 خبير في الذكاء الاصطناعي، ونستخدم هذه التقنيات لتحسين إدارة المكامن، وتقليل الانبعاثات، منوها إلى أنه في العام 2023 وحده، حققت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في أرامكو قيمة مالية تُقدر بأكثر من ملياري دولار. كما تحدث عن مشروعات استدامة ضخمة في أرامكو، منها مشروع الجبيل الذي يهدف إلى التقاط نحو 9 ملايين طن من انبعاثات الكربون سنويا بحلول العام 2028، بالإضافة إلى استثمارات في خمسة مشروعات للطاقة الشمسية، ومشروعين لطاقة الرياح بالشراكة مع شركات محلية ودولية، مؤكدا أن الاستراتيجية ترتكز على الموازنة بين توفير طاقة موثوقة ومستدامة وتعزيز الابتكار التكنولوجي. من جانبه، تحدث الرئيس التنفيذي لشركة هاليبرتون جيف ميلر، عن الدور الحاسم الذي تلعبه التكنولوجيا، وخصوصا الذكاء الاصطناعي، في تعزيز الكفاءة وتقليل التكاليف في قطاع النفط والغاز، موضحا أنهم في الشركة يركزون على تقديم حلول هندسية مبتكرة تزيد من قيمة الأصول وتعزز السلامة وجودة الخدمات، وقال: ”الذكاء الاصطناعي بالنسبة لنا هو العامل الفاصل في تحسين إدارة المكامن والحفر والإنتاج، ويساعدنا في تقليل التكاليف وزيادة الكفاءة”. وأشار ميلر إلى أن هناك بيئة معقدة تشهدها الصناعة في الوقت الراهن، بسبب عوامل جيوسياسية مثل الصراع في الشرق الأوسط، وتأثير الحرب بين روسيا وأوكرانيا على الاقتصاد العالمي، وأسعار الفائدة، وهو ما يزيد من صعوبة التخطيط طويل الأجل، في حين أكد أن الشركة تسير في مسار استراتيجي يوازن بين التطور التقني والنمو المستدام. وقال ”نحن نواجه تحديات معقدة، لكننا نستثمر باستمرار في تحسين عملياتنا وخدماتنا لضمان أن تكون شركتنا مجهزة لمتطلبات المستقبل. وبالنسبة لنا، الأسواق الناشئة مثل أميركا اللاتينية، وأفريقيا تقدم فرصا واعدة للنمو”.  وأوضح جيف ميلر أن الولايات المتحدة تشهد نموا متسارعا في الطلب على الطاقة، مدفوع بالتوسع الكبير في مراكز البيانات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وأشار إلى أن هذا النمو سيؤدي إلى ارتفاع استهلاك الكهرباء بنسبة تصل إلى 6 % خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يُعد رقما ضخما في قطاع الكهرباء الذي اعتاد على معدلات نمو أقل بكثير، حيث أكد أن تلبية هذا الطلب المتزايد ستعتمد بشكل رئيسي على الغاز الطبيعي كمصدر رئيس للطاقة. وأعرب جيف ميلر عن تفاؤوله الكبير بصناعة النفط والغاز، إذ يرى أن النفط والغاز سيظلان محورين رئيسين في مزيج الطاقة العالمي لفترة طويلة، خصوصا مع استمرار النمو الاقتصادي في دول الجنوب العالمي والشمال العالمي، مضيفا أن الذكاء الاصطناعي نفسه يستهلك طاقة ضخمة، خصوصا في مراكز البيانات، وهو ما يعزز الحاجة إلى مصادر طاقة موثوقة وقابلة للتشغيل في جميع الأوقات، مبينا أن اقتصادات النفط والغاز تجعلها وقودا لا غنى عنه في المستقبل المنظور، مع توقع حدوث بعض الانخفاضات في الانبعاثات لكن بشكل تدريجي.    إلى ذلك، أكد رئيس الأصول الأساسية والدول الناشئة في شيفرون خافيير لا روزا على أن الغاز الطبيعي، والغاز الطبيعي المسال يمثلان جزءًا جوهريا من منظومة الطاقة العالمية، وقال: ”نحن لا نعتبر الغاز مجرد وقود وسيط بل مكونا أساسيا في النظام الطاقي الذي يدعم التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة”. وأضاف أن شيفرون تلتزم بمسؤولية إنتاج الهيدروكربونات بشكل يقلل الانبعاثات، مع تحقيق أهداف واضحة لخفض انبعاثات النطاق الأول والثاني (Scope 1 & 2)، وأوضح أن الشركة تعمل على تقنيات خفض الانبعاثات في مشاريعنا، فعلى سبيل المثال في عمّان تقوم الشركة بإنتاج الغاز خلال اختبارات الآبار بدون حرق، ما يقلل من الانبعاثات بشكل كبير، وهذا نهج نطبقه في العديد من عملياتنا”.  وأكد أن شيفرون تنخرط في مشروعات إقليمية كبيرة عدة، مثل توسيع شمال غاز قطر، ومشروع الرويس للغاز الطبيعي المسال بالتعاون مع أدنوك، وهذه الشراكات تدعم أهداف الشركة في تعزيز إنتاج الغاز منخفض الكربون. وفي السياق ذاته، أوضح نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الاستكشاف والإنتاج بشركة شل فان تان أن شركة شل تُركز على تعزيز دور الغاز الطبيعي، والغاز الطبيعي المسال كوقود نظيف نسبيا يسهم في تقليل انبعاثات الكربون، وقال فان: نحن نؤمن أن الغاز الطبيعي هو مكون أساسي في منظومة الطاقة العالمية اليوم وغدا، ويجب أن يعمل كوقود تكميلي يساعد في تسريع الانتقال للطاقة المتجددة. وأضاف: “نحن نعمل على إنتاج الغاز بمسؤولية، ونطبق أفضل الممارسات للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في جميع مراحل الإنتاج. فمثلا، في الشرق الأوسط نعمل على تقليل حرق الغاز بنسبة 95 % خلال العامين القادمين، وهذا إنجاز نفخر به”.  كما أكد أن شل تستثمر في مشروعات الابتكار، والتقنيات النظيفة التي تعزز كفاءة استغلال الغاز وتحسن من البصمة الكربونية، مع تعزيز الشراكات الاستراتيجية في المنطقة لضمان أمن الطاقة المستدام. وفي نقاش متعمق بشأن توقعات الطلب العالمي على الطاقة، تم استعراض أرقام وتقارير من مصادر عدة، منها الوكالة الدولية للطاقة، التي تتوقع نموا في الطلب على النفط بمقدار 700 إلى 800 ألف برميل يوميا بحلول العام 2026، مع تحذير من تقلص طاقة الاحتياطي بعد ذلك التاريخ، ما يطرح تساؤلات بشأن مدى كفاية الاستثمارات الحالية لتغطية الطلب المستقبلي. وأشار المتحدثون إلى أن الاحتياطيات العالمية للهيدروكربونات تبلغ نحو 1.5 تريليون برميل، وإذا استمرت وتيرة الإنتاج الحالية، فقد تنفد الموارد في أقل من 50 سنة، رغم أن الهيدروكربونات لا تزال تُشكل نحو 80 % من مزيج الطاقة العالمي، مع تسجيل أرقام قياسية في إنتاج النفط تجاوزت 104 ملايين برميل يوميا في العام 2023، ومن المتوقع أن تتجاوز هذا الرقم في العام المقبل. وشدد المشاركين على ضرورة إيجاد توازن استراتيجي بين الاستثمار في موارد الطاقة التقليدية، والابتكار في مجال الطاقات المتجددة التي تكمل بعضها البعض لضمان تلبية الطلب العالمي المتزايد، خصوصا مع توقعات النمو في الطلب إلى 378 مليون برميل مكافئ يوميا بحلول العام 2050. واختتم مدير الجلسة جون ديفتيريوس، مؤكدا ضرورة استيعاب الأبعاد الاقتصادية، والبيئية، والاجتماعية في صياغة سياسات واستراتيجيات الطاقة المستقبلية، مشيرا إلى أن التحدي الحقيقي يكمن في تحقيق توازن مستدام بين تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة، وضمان أمن الإمداد، مع العمل على خفض الانبعاثات الكربونية من خلال الابتكار والاستثمار في تقنيات نظيفة.