Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 20/Sep 13:30

إتيكيت الاجتماعات الدولية: كيف تتجنب الإحراج الثقافي؟

في عالمنا اليوم، الذي أصبح قرية صغيرة بفضل التكنولوجيا، لم يعد العمل مقتصرًا على الحدود الجغرافية. أصبحت الاجتماعات الدولية، سواء كانت عبر الإنترنت أو وجهاً لوجه، جزءًا أساسيًا من الحياة المهنية. ومع هذا التقارب، يبرز تحدٍ كبير يتمثل في فهم الفروقات الثقافية الدقيقة التي قد تؤثر على سير الاجتماعات ونتائجها. إن ما يُعتبر سلوكًا طبيعيًا ومقبولًا في ثقافة قد يكون غير لائق أو حتى مهينًا في ثقافة أخرى. ولتجنب الإحراج وبناء علاقات مهنية ناجحة، لا بد من اكتساب وعي عميق بإتيكيت الاجتماعات الدولية. إن الأمر لا يتعلق بحفظ قائمة من القواعد، بل بفهم أساليب التفكير والسلوك المختلفة، مما يؤدي إلى تعزيز الثقة والتعاون المثمر. التحية والمساحة الشخصية: مفاتيح الانطباع الأول يُعدّ الانطباع الأول حاسمًا في أي لقاء مهني، ويبدأ غالبًا بالتحية. لا تقتصر التحية على مصافحة الأيدي؛ فلكل ثقافة طريقتها الخاصة. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تُعتبر المصافحة القوية علامة على الثقة والاحترام، بينما في بعض الدول الآسيوية، قد تكون المصافحة الخفيفة هي الأكثر شيوعًا. وفي اليابان، يُعتبر الانحناء هو التحية الأكثر احترامًا، في حين أن في دول أوروبية وأمريكية لاتينية عديدة، يُعدّ التقبيل على الخدين جزءًا من التحية الودية. ولتجنب الحرج، أفضل طريقة هي مراقبة سلوك الشخص الآخر ومحاولة محاكاته. أما فيما يتعلق بالمساحة الشخصية، فهي تختلف بشكل كبير من ثقافة لأخرى. ففي بعض ثقافات الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، من المألوف الوقوف على مسافة قريبة جدًا أثناء الحديث، بينما في دول شمال أوروبا وأمريكا الشمالية، يُفضل الحفاظ على مسافة أكبر. إن الوعي بهذه الفروقات يُساعد على ضبط لغة الجسد وتجنب أي شعور بعدم الارتياح. أساليب التواصل: ما بين الصراحة والدبلوماسية يُعدّ التواصل اللفظي وغير اللفظي أحد أكثر جوانب الثقافة تعقيدًا. فبعض الثقافات، مثل الألمانية والهولندية، تُفضل التواصل المباشر والواضح، حيث يُقال "لا" بشكل صريح. على النقيض من ذلك، تُفضل ثقافات أخرى مثل اليابانية والصينية التواصل غير المباشر، حيث غالبًا ما يُعبر عن الرفض بطريقة دبلوماسية لتجنب إحراج الآخر، كأن يقولوا "قد يكون هذا صعبًا". إن فهم هذه الفروقات يُمكنك من تفسير الرسائل بشكل صحيح وتجنب سوء الفهم. كما تلعب الإشارات غير اللفظية دورًا كبيرًا. فعلى سبيل المثال، يُعتبر التواصل البصري المباشر علامة على الصدق والثقة في الثقافات الغربية، لكن في بعض الثقافات الآسيوية والأفريقية، قد يُعتبر التواصل البصري المطول وقحًا أو عدوانيًا. وحتى الإيماءات البسيطة قد تحمل معاني مختلفة تمامًا؛ فإيماءة الإبهام إلى الأعلى التي تعني الموافقة في الغرب، قد تكون مهينة في بعض الثقافات الأخرى. السلوك المهني والالتزام بالوقت: فهم الأولويات المختلفة تختلف مفاهيم الاحترافية والوقت باختلاف الثقافات. في بعض الدول مثل سويسرا أو ألمانيا، يُعدّ الالتزام الصارم بالمواعيد جزءًا لا يتجزأ من السلوك المهني، ويعكس الاحترام للوقت وللآخرين. قد يُعتبر التأخر لخمس دقائق فقط علامة على عدم الجدية. في المقابل، تُعرف بعض الثقافات في أمريكا اللاتينية أو الشرق الأوسط بأنها أكثر مرونة فيما يتعلق بالمواعيد، حيث يُعتبر الوقت أحيانًا مفهومًا يتبع الظروف لا القواعد الصارمة. لذا، يُنصح دائمًا بالوصول في الموعد المحدد كإشارة لاحترامك، لكن يجب التحلي بالصبر إذا لم يبدأ الاجتماع في الوقت المحدد بالضبط. كما يجب الانتباه إلى الهيكل الهرمي في المؤسسات المختلفة. ففي بعض الثقافات، تُتخذ القرارات من قبل السلطة العليا، بينما في أخرى، مثل الثقافات الاسكندنافية، يُفضل بناء توافق الآراء. يُعدّ فهم هذه الديناميكيات أمرًا بالغ الأهمية لتوجيه الحوار بشكل فعال وتجنب أي تجاوزات. في الختام، يُعدّ إتقان إتيكيت الاجتماعات الدولية مهارة أساسية في عصرنا هذا. لا يتطلب الأمر أن تكون عالمًا في الأنثروبولوجيا، بل يتطلب الاستعداد، والمراقبة الدقيقة، والمرونة في التكيّف. إن أفضل نصيحة هي أن تكون منفتحًا ومهذبًا، وأن تولي اهتمامًا لأسلوب الآخرين، وأن تظهر احترامًا لتقاليدهم، فبذلك يمكن بناء جسور من التفاهم والثقة تؤدي إلى شراكات مهنية قوية ومثمرة، وتتجاوز الحواجز الثقافية لتصل إلى النجاح المشترك. تم نشر هذا المقال على موقع سائح