Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 18/Sep 20:24

"البلاد" ترسم خريطة جديدة لمسؤولية الشركات عبر جلستها الحوارية

في عالم يتسارع فيه إيقاع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، تبرز المسؤولية الاجتماعية للشركات كقيمة جوهرية لا تقل أهمية عن مؤشرات الربحية والاستدامة المالية. فقد أصبحت المؤسسات اليوم أمام اختبار حقيقي، ليس في قدرتها على تقديم منتجات أو خدمات منافسة فحسب، بل في مدى التزامها تجاه المجتمع الذي تعمل فيه، والإنسان الذي يشكل عماد رأس مالها البشري، والبيئة التي تحيط بها. من هذا المنطلق، بادرت مؤسسة ‮«البلاد‮» الإعلامية إلى إطلاق جائزة كبرى للمسؤولية الاجتماعية للشركات وأطلقت عليها “درع البلاد للمسؤولية الاجتماعية للشركات”، بهدف تكريم التجارب الرائدة، وتحفيز المؤسسات على تحويل المبادرات التقليدية إلى ممارسات مستدامة تُحدث فارقا ملموسا في حياة الناس. هذه الجائزة لم تأتِ من فراغ، بل جاءت انعكاسا لدور الإعلام الوطني في تحفيز الحراك المجتمعي نحو التنمية المستدامة، وترسيخ الوعي المؤسسي بمفهوم المسؤولية الاجتماعية بمعناه الشامل. فليست المسؤولية الاجتماعية مجرد تبرعات خيرية موسمية، أو رعاية فعاليات محدودة الأثر، بل هي نهج استراتيجي يدمج بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ويُسهم في خلق بيئة أعمال أكثر عدلا واستقرارا. وقد أرادت ‮«البلاد‮» من خلال الجائزة أن تضع معيارا وطنيا يقيس مدى جدية الشركات في تبني هذا النهج، وأن تسلط الضوء على قصص النجاح التي تستحق أن تُروى، لتكون قدوة لبقية المؤسسات. وضمن الفعاليات المصاحبة لحفل توزيع جوائز “درع البلاد للمسؤولية الاجتماعية للشركات”، نظمت “البلاد” حلقة حوارية تحت عنوان: ‮«المسؤولية الاجتماعية للشركات: من المبادرات إلى الاستدامة المؤسسية‮»، وذلك في غرفة تجارة وصناعة البحرين، بمشاركة نخبة من الشخصيات الأكاديمية والاقتصادية والتنموية. جاءت هذه الجلسة لتشكل منصة تفاعلية تناقش التحديات، وتستعرض الرؤى المستقبلية، وتفتح المجال أمام حوار بنّاء بشأن كيفية تحويل المسؤولية الاجتماعية إلى جزء أصيل من هوية الشركات واستراتيجياتها بعيدة المدى. لقد حملت الجلسة بُعدا إضافيا حين ارتبطت بأهداف الجائزة الكبرى التي أطلقتها ‮«البلاد‮»، فالغاية لم تكن تكريما رمزيا أو تنافسا شكليا، بل كانت دعوة صريحة لتأصيل ثقافة المسؤولية الاجتماعية في النسيج المؤسسي البحريني والخليجي. فالمؤسسة التي تستثمر في موظفيها من خلال التدريب المستمر، أو تدعم الابتكار في حلول التنمية المجتمعية، أو تسعى لبناء مدن ذكية مستدامة، هي في الواقع مؤسسة تستثمر في مستقبلها ومكانتها. وهذا ما أكدته المشاركات الغنية التي شهدتها الجلسة، والتي عكست تنوع الخبرات والتجارب. فالمنصة جمعت بين خبرة المستشارين المتخصصين في تنمية الموارد البشرية، ورؤية القيادات النسائية التي تقود التحول نحو المدن الذكية، وخبرة الشراكات الاستراتيجية في العمل التنموي على المستوى الخليجي، إضافة إلى البعد الأكاديمي والإقليمي الذي قدمه ممثلو الاتحاد العربي للتقنية والاتصالات. هذا التنوع أضفى زخما خاصا على الحوار، حيث تلاقت الرؤى حول حقيقة أن الاستدامة لا تتحقق إلا بدمج قيم المسؤولية الاجتماعية في التخطيط المؤسسي، وربطها بأهداف التنمية الوطنية والإقليمية. كما أن الجلسة جاءت في توقيت دقيق، إذ يشهد العالم تحولات كبرى في سلاسل التوريد، وفي آليات الحوكمة البيئية والاجتماعية، وفي مطالب الأجيال الجديدة من العاملين الذين يضعون قيمة المسؤولية الاجتماعية ضمن أولوياتهم عند اختيار مؤسساتهم. ومن هنا برزت أهمية الطرح الذي تقدمه ‮«البلاد‮»، ليس فقط كمبادرة إعلامية، بل كجسر يربط بين ما يحدث في الساحة الدولية، وبين الواقع المحلي الذي يحتاج إلى تعزيز مثل هذه القيم. وإذا كانت الجائزة الكبرى قد حملت في مضمونها رسالة تحفيزية للشركات كي ترفع سقف طموحاتها، فإن الجلسة الحوارية شكلت بمضامينها التطبيق العملي لتلك الرسالة، إذ جمعت بين الفكر والتجربة، وفتحت المجال لتبادل الأفكار بشأن كيفية جعل المسؤولية الاجتماعية أداة فاعلة لبناء رأس مال بشري قوي، وتحقيق رفاه مجتمعي شامل، وتعزيز مكانة البحرين في المؤشرات الدولية ذات الصلة. إن ما يميز مبادرة ‮«البلاد‮» أنها لم تتوقف عند إطلاق جائزة أو تنظيم فعالية، بل ربطت بين الجانبين في مسار واحد، هدفه النهائي إحداث تغيير ثقافي داخل المؤسسات، وإيجاد بيئة عمل ترى في الإنسان شريكا حقيقيا في النجاح. ومع انطلاق فعاليات هذه الجلسة، بدا واضحا أن النقاش سيتجاوز حدود الكلمات البروتوكولية إلى الغوص في لبّ القضايا التي تهم المجتمع، وهو ما سيظهر جليا في مداخلات الضيوف المشاركين، كل من زاويته وخبرته، لتشكل جميعها لوحة متكاملة تعكس جوهر المسؤولية الاجتماعية كما يجب أن تكون: التزاما، واستثمارا، واستدامة.