Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 30/Aug 20:21

القهوة تطيل العمر وتقلل خطر السكري

القهوة، التي ارتبطت عبر التاريخ باليقظة والإلهام، كانت دائمًا رفيقًا للمثقفين وأنيسًا في الوحدة، وحاضرة في قصائد الشعراء. وهي ثاني أكثر المشروبات استهلاكًا بعد الماء، لكنها أثارت جدلًا واسعًا بين مؤيد يعتبرها مصدرًا للطاقة والانتعاش، ومعارض يرى أنها قد ترفع ضغط الدم وتُرهق القلب. اليوم، ومع تطور البحوث الطبية، تعود القهوة للواجهة بوصفها مشروبًا صحيًا له فوائد كبيرة، ومرتبطة بشكل مباشر بطول العمر وانخفاض خطر الإصابة بأمراض مزمنة عدة، على رأسها السكري من النوع الثاني. فوائد مثبتة علميًا مراجعة طبية حديثة نُشرت في مجلة Nutrients أكدت أن تناول ما بين ثلاثة إلى خمسة أكواب من القهوة يوميًا يرتبط بانخفاض خطر الوفاة الإجمالية بنسبة تتراوح بين 10 و15 %. ووفقًا لإدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، فإن القهوة السوداء الخالية من السكر أو الدهون المضافة، والتي لا تتجاوز 5 سعرات حرارية للكوب، تُعد آمنة وصحية لمعظم البالغين. وتشير المراجعة إلى أن القهوة لا ترتبط بانخفاض معدلات الوفيات فحسب، بل تسهم أيضًا في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة تقارب 15 %. كما قد تقلل من احتمالية الإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان بطانة الرحم، إلى جانب خفض مخاطر الحوادث والإصابات.   تأثير على الأمراض المزمنة توضح البيانات أن القهوة، سواء كانت عادية أو منزوعة الكافيين، تقلل خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، وقد تحمي مرضى السكري من مضاعفات القلب والأوعية الدموية. كذلك، قد تساهم في خفض مخاطر أمراض الجهاز التنفسي المزمنة والوفيات الناجمة عنها، فضلًا عن دعم وظائف الكبد والكلى، حتى وإن كان التأثير محدودًا. أما على الصعيد العصبي، فقد أشارت البحوث إلى أن شرب القهوة بانتظام قد يقلل خطر الإصابة بالاضطرابات الإدراكية بنسبة تصل إلى 25 %، ويسهم في إبطاء تطور مرض باركنسون.   القهوة والحالة النفسية لم تقتصر الفوائد على الجسد فحسب؛ إذ تشير بعض البيانات إلى أن القهوة قد تخفف من أعراض الاكتئاب وتقلل الشعور بالتوتر، ما يجعلها رفيقًا نفسيًا إلى جانب دورها الصحي.   الرياضة والجهاز الهضمي أظهرت المراجعة أن الكافيين يعزز الأداء الرياضي ويزيد الحدة الذهنية وحواس مثل البصر. كما قد تساعد القهوة في استعادة وظيفة الأمعاء بعد بعض العمليات الجراحية. وعلى الرغم من أنها قد تزيد من إدرار البول، إلا أنها تسهم في ترطيب الجسم ولا تسبب جفافًا كما يُشاع.   كلمة الخبراء د. فارين كامانجار، مؤلف الدراسة وأستاذ مساعد في التغذية، قال لموقع Medical News Today: “أظهرت نتائج عقود من البحوث عالية الجودة التي أجريت على ملايين الأشخاص أن القهوة مفيدة للصحة بشكل عام. الاستهلاك المعتدل، أي ما بين ثلاثة إلى خمسة أكواب يوميًا، يرتبط بزيادة طول العمر وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض رئيسة مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري من النوع الثاني والتدهور المعرفي”. وأضاف أن القهوة تساعد أيضًا في تنظيم مستوى الجلوكوز، وأن الكافيين قد يعزز مستويات النشاط البدني ويُسهم في خفض مؤشر كتلة الجسم. وأشار كامانجار إلى أن المواد المضافة في القهوة قد تقلل بعض الفوائد الصحية، وقال: “بالنسبة للأطباء، الرسالة واضحة: يمكن لمعظم البالغين شرب القهوة باعتدال كجزء من نمط حياة صحي، مع الانتباه إلى المحاذير. القهوة السوداء أو المحلاة بشكل خفيف تبقى الخيار الأفضل. للحصول على أقصى استفادة، استشر طبيبك واستمع لإشارات جسدك”.   محاذير ينبغي مراعاتها رغم الفوائد، هناك بعض المحاذير: إضافة السكر قد تلغي بعض الآثار الإيجابية للقهوة، وقد ترتبط بزيادة الوزن أو الاكتئاب، بينما الكريمة أو مبيض القهوة لم يثبت أن لها تأثيرًا سلبيًا كبيرًا. كذلك، قد تؤدي الكميات المفرطة من الكافيين إلى القلق، اضطراب النوم، أو خفقان القلب، ما يستدعي الاعتدال ومراعاة الفروق الفردية. أما في فترة الحمل، فيوصي الخبراء بعدم تجاوز 200 ملليغرام من الكافيين يوميًا لتجنب أي آثار محتملة على صحة الجنين.   نحو فهم أعمق يؤكد الخبراء أن معظم الدراسات الحالية قائمة على الملاحظة، ويأملون في إجراء تجارب سريرية أدق لدراسة تأثير طرق التخمير المختلفة وأنواع القهوة والإضافات، إضافةً إلى تحديد الفئات التي قد تستفيد أكثر أو تحتاج إلى الحذر. وعلّق د. روبرت دولانسكي، طبيب طب الأسرة العظمي وعضو الجمعية الأميركية لطب العظام، على نتائج المراجعة قائلاً: “في كثير من الأحيان، يركز الأطباء ومقدمو الرعاية الصحية على الجوانب السلبية المتصوَّرة لاستهلاك القهوة والكافيين. من الرائع أن نحصل أخيرًا على مقال مُلخّص مدعوم بأدلة علمية حول الفوائد الفعلية للقهوة والكافيين. يكمن التحدي في إيصال هذه المعلومات المفيدة لمقدمي الرعاية الصحية والجمهور، وتغيير بعض العادات والتصورات التقليدية”.   القهوة أكسير الحياة الرسالة الأبرز: القهوة السوداء المعتدلة، ما بين 3 و5 أكواب يوميًا، يمكن أن تكون جزءًا من نمط حياة صحي، تسهم في طول العمر وتقليل خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة. وبينما تبقى بعض التحفظات، فإن البحوث الحديثة منحت القهوة مكانة جديدة: ليست مجرد مشروب صباحي يبدد النعاس، بل “إكسير حياة” يطيل العمر ويعزز الصحة إذا استُهلك بحكمة. ولتحقيق أقصى استفادة، يُنصح بالاعتدال، اختيار الأنواع السوداء أو المحلاة بشكل خفيف، ومراجعة الطبيب عند الحاجة.