Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 26/Dec 22:38

كتاب وفنانون: رحيل الأنصاري خسارة كبيرة للبحرين والأمة العربية

أعرب عدد من الأدباء البحرينيين والمفكرين والفنانين عن بالغ حزنهم وأسفهم حيال فقدان مستشار جلالة الملك للشؤون الثقافية والعلمية المفكر الأستاذ الدكتور محمد جابر الأنصاري، مستذكرين بكل الأسى والحسرة مناقبه وإسهاماته الفكرية والثقافية الجليلة. وأكدوا في تصريحات خاصة لصحيفة “البلاد” أمس، أن رحيله خسارة جسيمة ليس فقط للحركة الثقافية في مملكة البحرين، بل للوطن العربي ككل، مؤكدين أن الراحل أحد أهم الرموز الفكرية والوطنية، التي أثرت مسيرة الأمة العربية بأطروحات أدبية ونقدية أسهمت في بناء الفكري الحضاري العربي، مردفين أن الراحل ترك لنا إرثا فكريا ستستفيد منه الأجيال، كما أن فكره سيبقى خالدا وهدية ثمينة لمثقفي البحرين والأمة العربية. خسارة كبيرة  وأكد الأديب البحريني أمين صالح أن رحيل د. محمد جابر الأنصاري خسارة كبيرة للبحرين وللحركة الثقافية. وأضاف: برحيل المفكر والناقد مستشار جلالة الملك في الشؤون الثقافية والعلمية، فقدنا واحدا من أعلام وأعمدة الثقافة في البحرين، وأكثرها حضورا في الساحة الفكرية. وأضاف صالح: أذكره شخصيا ضمن أهم من كرسوا أسرة الأدباء والكتاب في بداياتها، سواء في الساحة المحلية، أو العربية، وناقدا صارما وحازما للنصوص القصصية والشعرية، وفاعلا مؤثرا في الحركة الأدبية، إلى جانب كتاباته القيمة، في الفكر والسياسة، رحم الله الدكتور محمد جابر الأنصاري، وأسكنه فسيح جناته. شخصية مؤثرة بدوره، قال الأمين العام رئيس لجنة العلاقات العامة والإعلام الخيري بجمعية البحرين الخيرية د. حسن كمال: إن البحرين فقدت شخصية أدبية بارزة كان لها دور كبير في خدمة الوطن وخدمة الأجيال المتعاقبة، خصوصا أن الانصاري يعد فيلسوفا، وأديبا في نفس الوقت، فهو فيلسوف في أدائه وتصوراته، ورؤيته المستقبلية لقضايا الأمة العربية بشكل عام والبحرين بشكل خاص، نفتقد برحيله شخصية كانت وما زالت مؤثرة في المجتمع أدبيا وفكريا وثقافيا، خسارة كبيرة للبحرين، لكن قدر الله ولا راد لقضاء الله سبحانه وتعالى، وأعزي البحرين بفقيدنا الغالي ونأمل من المولى العلي القدير له المغفرة والرضوان.  قامة ثقافية وأكد رئيس منتدى سرديات البحرين د. فهد حسين أن رحيل أي مفكر في العالم يعد خسارة جسيمة لواقع أية أمة، مردفا “هذا ما وقع لنا نحن في البحرين قبل العالم العربي، مشكلا رحيله منعطفا كبيرا في مسيرة الحياة الثقافية والأدبية والفكرية، إذ إن مساهماته طوال حياته لم تقف عند حدود المكان الجغرافي المغلق، بل تعدت إلى الأفق العربي. هكذا كنا وما نزال نفتخر بانتماء هذا المفكر، إلى بلد نحن منه وإليه، لقد وهب الأنصاري حياته كلها من أجل الإنسان والثقافة العربية والإسلامية، لقد شارك زملاءه المفكرين على مدار عقود من الزمن في نبش التراث العربي والإسلامي؛ من أجل إبرازه للقارئ العربي برؤية جديدة، وتحت مناهج حديثة، كما كان يحظى بتقدير واحترام كبيرين على المستوى الشعبي والكتاب، إذ يعتبرونه إحدى القامات الثقافية التي هي نهر عطاء يروي عطشنا، إن ما أنتجه من كتب هي أنهار جارية لا تنضب، تعين الباحثين والكتاب أينما كانوا”. واستطرد كما بالقول: “رحل عنا ليتركنا في حضرة ثروته الفكرية والثقافية التي يقدرها زملاؤه بستين كتابا، وما تلك الندوة التي عقدت في نادي الخريجين لمناقشة منجزه الفكري وحضور المفكرين محمد عمارة وجورج طرابيشي إلا دليل على التقدير لشخصه ولمشروعه الفكري. لقد رحل بعد أن بسط لنا الأرض حلما أخضر وسندسا من الحلم الثقافي الذي يمكننا من بناء مستقبل زاهر، نم أيها المفكر مطمئنا بأن تركتك الفكرية ستكون بين قراء وكتاب ومهتمين يعرفون كيف يشعلون شموع بهائك وبذور عطائك، رحمك الله أيها البروفيسور الذي لم تكن الألقاب العلمية تهمه بقدر ما يهمه قيمة ما يقدمه، الرحمة لروحك يا أستاذ الأجيال ومعلمها”. سيبقى خالدا وقال المخرج أحمد يعقوب المقلة عن رحيل الأنصاري: “نعزي أنفسنا والبحرين قاطبة قيادة وحكومة وشعبا برحيل الفيلسوف والمفكر البحريني الكبير محمد جابر الأنصاري، وعزانا برحيله ذلك الإرث والمخزون الفكري والفلسفي الذي تركه الأنصاري من خلال سلسلة كبيرة من المؤلفات التي أثرى بها الساحة الثقافية والتي ستبقيه خالدا بموروثه للأبد، رحم الله الفقيد وغفر له وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وان لله وإنا إليه راجعون”.  رمز بحريني وقال رئيس اتحاد جمعيات المسرحيين البحرينيين الفنان عبدالله ملك: “إن البحرين متميزة ومتقدمة في الأدب، وفي الرجال الذين يبذلون ويعطون كل ما لديهم، ونحن المسرحيين نجد العدد الكبير من هؤلاء الأدباء مثل الأنصاري وعطاءاته، ونحس بالغيرة بحب ونفتخر في آن واحد”. وقال “الراحل الفيلسوف محمد جابر الأنصاري رحمه الله، رمز من رموز البحرين وفخر لها؛ لأن بصمته وجدت في مجالات عدة وليس فقط بالمناصب الإدارية والوزارية، وتشرفه بكونه مستشارا لجلالة الملك المعظم، إذ إنه امتاز بالعقل الناضج المنير المستبشر المتنبئ للمستقبل، بالإضافة إلى ما كتبه في الصحافة من تحليلات ورؤى سياسية، نراها تطابق ما يجري الآن، فهو ذو حكمة وروية، فهو رجل يفتخر به، وأسأل اللٰه أن يرحم أستاذنا الفاضل، وأطال اللٰه بعمر أهله وأدبائنا الفاضلين، والبركة في ابنته لاستكمال مسيرته المليئة بالعطاء”. ظاهرة استثنائية وقالت الكاتبة والناقدة د. انتصار البناء: إننا فقدنا في البحرين واحدا من أهم الرموز الثقافية والفكرية، التي أثرت مسيرة الأمة العربية بأطروحات فكرية أسهمت في البناء الفكري الحضاري العربي.  وأضافت: “تميز الدكتور الأنصاري بموسوعية المعرفة وعمقها معا. بدأ مسيرته العلمية بالكتابات النقدية، فكان من أوائل نقاد البحرين المعاصرين، واهتم في كتاباته النقدية القليلة بقراءة مصادر الثقافة في الخليج وتحليل أطروحاتها النهضوية. وكان الراحل من الثلة الأولى المؤسسة لأسرة الأدباء والكتاب في البحرين، ورئيسها الأول. وهذا جانب مهم في فكر جابر محمد الأنصاري، إذ إن النقد الأدبي، وتفكيك الخطاب، والقراءة النقدية للنصوص بصفتها فعل بحث عن جذور القضايا وجوهرها، كانت هي الطريق الأساس الذي سلكه الجابري في كتاباته الفلسفية فيما بعد”. وأضافت “انتقل الأنصاري سريعا إلى الكتابات الفكرية التي درست الوعي العربي، وبحثت في إشكالاته ومآلاته. سواء منها ما تعلق بالتراث، أو بدراسة الواقع المعاصر للعرب، خصوصا الحالة القومية الانبثاق والانحسار، وكان (رحمة الله عليه) بحرينيا وطنيا خدم البحرين بكل ما امتلك من مواهب وإبداعات، وكان عروبيا إسلاميا أكد في كل كتاباته أهمية الهوية، وقيمة الانتماء الثقافي للعروبة والإسلام”. واختتمت البناء: يصعب حصر إبداعات الراحل الأنصاري، لكن يكفينا فخرا أنه شكل ظاهرة استثنائية وتنويرية في مسيرة الفكرة العربي، ما منح البحرين مكانتها المرموقة التي تليق بها في صناعة الوعي وبناء الفكر.. رحم الله فقيدنا وأستاذنا الكبير الدكتور جابر محمد الأنصاري، فقد تعلمنا على يديه الكثير، ونهلنا من فكره العلم الغزير. أيقونة بحرينية وعبر د. رياض حمزة عن ألمه برحيل المفكر الأنصاري، قائلا “نحن زملاؤه وأصدقاؤه، إذ كان أيقونة بحرينية خالصة تحكي الكثير من صفات هذا الشعب الذي يتصف بالتصميم، والريادة، والتميز. فهكذا كانت سيرة الراحل العزيز في محطات حياته العلمية والعملية، والتي كان إذ يرويها يشعرنا، نحن الذين عملنا بالقرب منه في جامعة الخليج العربي، بأن الآفاق مفتوحة لمزيد من الإنجازات، وأن لا مكان لليأس أو اتخاذ الحجج للكسل، فلقد كان محفزا على الدوام لكل من يتصل معه”. وأكمل “بالإضافة إلى مساعي الراحل العزيز في المجال العلمي والفكري، ولهذا وقفة أخرى، فإن أي زائر يصافحه للمرة الأولى يشعر بتواضع هذه القامة، ويلمس لطف معشره، ورقة حديثه، ومن لم يجالسه فلو تتبع لقاءاته المتلفزة يستشعر سلاسة حديثه، وعمق فكره، وسهولة وصوله للطرف الآخر، لاسيما أنه كان معلما في مطلع حياته العملية”. وأردف “لقد ترك لنا الدكتور الأنصاري إرثا ثريا وبالغ الأهمية بمؤلفاته التي كانت، وما تزال، موضع قراءة وبحث ونقاش، فهي قضايا وأفكار حية ومتجددة، تلقي الضوء على طريقة تناول الإنسان العربي للأحداث وما يمر به من محطات فكرية وسياسية، وهذا المزيج من الحيوية وعمق التحليل أعطى للدكتور الأنصاري المكانة التي جعلت منه أحد أبرز المفكرين العرب في السنوات الأربعين الماضية، رحم الله الصديق والمفكر الدكتور محمد جابر الأنصاري، وجزاه الله خير الجزاء عن كل ما قدم في المجال الفكري والإنساني، الذي شكل بصمة أصيلة لا تمحى”. هدية ثمينة إلى ذلك، قالت د. صفاء العلوي “لطالما أعجبتُ بكتابات الدكتور الأنصاري، تلك القامة الفكرية البارزة التي أغنت الثقافة البحرينية والعربية على مدار عقود”، لافتة إلى أنه لا يخلو بيت مثقف من مؤلفاته، ولا تخفت أحاديث المثقفين عن مقالاته وأفكاره الملهمة. وأضافت: في العام 2019، كُلفت بإعداد كتاب عن سيرته النيرة بعنوان “الكلمة من أجل الإنسان”، في احتفاء مستحق برحلة فكره وإنجازاته، حيث جمعت وكتبت سيرته الذاتية، فتعرفت على جوانب متعددة من شخصيته، ولمست اهتماماته الواسعة بالأدب والثقافة. وأضافت أن الأنصاري كان أول رئيس لأسرة الأدباء والكتاب في البحرين، وأسهم في كتابة الشعر والقصص القصيرة، إلى جانب مقالاته العميقة التي تناولت قضايا المجتمع العربي بإبداع ورؤية تحليلية. وتابعت أنه كان مفكرا ناقدا، تناول إشكالات العالم العربي من منظور شمولي، جامعا بين التحليل التاريخي والفلسفي، حيث دعا إلى إصلاح الثقافة العربية عبر تجديد التراث، مؤكدا أن تجاوز الأزمات الفكرية والسياسية يتطلب إعادة قراءة الموروث الثقافي برؤية نقدية وواقعية. وقالت “من خلال لقاءاتي مع أهله والمقربين منه، وكذلك المثقفين والسياسيين والأدباء الذين عاصروه، لمست إعجابهم العميق بفكره واحترامهم الكبير لقامته النيرة، ولقد ترك بصماته في فكر كل من عرفه أو قرأ له”. وبينت أن فكر الأنصاري، رحمه الله، كان هدية ثمينة من الله لمثقفي البحرين والأمة العربية، وقد بذل عمره في استقاء المعرفة من أفضل منابعها، مشكلا مدرسة فكرية وسياسية شديدة الواقعية، نتاج فهم عميق لطبيعة المجتمع العربي، مشيرة إلى أنه برحيله، فقدت البحرين، “أرض الثقافة والحضارات”، والأمة العربية، قامة فكرية نيرة تركت أثرا خالدا وبصمات واضحة في مسيرة الفكر والثقافة. رمز تأسيسي وفي الختام، قالت أستاذ السرديات والنقد الأدبي الحديث المشارك بجامعة البحرين د. ضياء الكعبي، إنه برحيل المفكر البحريني الأنصاري يترجل عن المشهد الثقافي والفكري العربي أحد أهم الرموز التأسيسية لمشروع نقد الفكر العربي، وتجديد المشروع النهضوي بعد أن فقدت الساحة العربية قبل سنوات المفكر المغربي محمد عابد الجابري، الذي يتقاطع مشروعه الفكري النقدي مع مشروع الأنصاري في إحداث تلك المسائلات النقدية الاستشرافية المستقبلية لأسئلة النهضة العربية باكتشاف الذات ونقدها وإن اختلفت المنهجيات بينهما في طبيعة المعالجات الخاصة بمدونات النصوص وتفكيكها. وأكملت: لقد عاد الأنصاري إلى التراث العربي الإسلامي، وعاد إلى تشخيص الواقع العربي السياسي، والاقتصادي، والثقافي، والاجتماعي بحثا عن الفكر العربي وصراع الأضداد بعد أن كتب عن تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية. وأردفت الكعبي أنه سبق مجايليه في الدراسات المستقبلية في كتابه (العالم والعرب سنة 2000). رحم الله الفقيد الراحل الذي أسس بمؤلفاته الثرية مكتبة عربية مرجعية أصيلة في مجالها، وسيبقى إرثه التأسيسي مرجعا أصيلا للأجيال الحالية والمستقبلية.