Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 26/Dec 16:04

حسين غلوم: المناظرات تعزز ثقافة الاختلاف واحترام الرأي الآخر

في عالم يتزايد فيه أهمية الحوار والتواصل، تبرز المناظرات كأحد أهم الأساليب لتعزيز الحوار وتبادل الأفكار. وقد تمكن المحامي حسين علي غلوم من إثبات نفسه في مجال المناظرات، حيث بدأ كمتدرب، ثم أصبح مدربًا ومحكمًا، وشارك في فعاليات دولية عدة، ممثلاً لمملكة البحرين. في هذا اللقاء، نستعرض رؤيته وأفكاره حول عالم المناظرات الذي قد يجهله الكثيرون. بدايةً، أخبرنا قليلاً عن نفسك ودافعك لاختيار مهنة المحاماة؟ حسين علي غلوم، محامي ومنفذ خاص معتمد من وزارة العدل، خريج كلية الحقوق 2022، وحاليًا باحث ماجستير في جامعة العلوم التطبيقية في تخصص القانون العام. منذ صغري، كنت مولعًا بمسألة تطبيق العدالة ونصرة المظلوم، وكان لأهلي والتجمعات دور كبير في ترسيخ تلك المعتقدات بشكل كبير، مما جعل فكرة دخول تخصص الحقوق تتبلور في ذهني. الحمد لله، الذي وفقني لدخول التخصص. كيف بدأت في مجال المناظرات؟ دخلت إلى عالم المناظرات في عام 2019، حيث بدأنا التدريب مع الدكتور عمار الجلاهمة في جامعة العلوم التطبيقية. ومثلنا الجامعة في بطولة الخليج العربي الأولى، التي كانت من تنظيم الفريق الوطني الكويتي. كانت تلك هي البداية، وأصبحت مهتمًا بهذا المجال بشدة. هل ساهم تخصصك الجامعي في تطورك في مجال المناظرات؟ أشبه المناظرة بالمحكمة، فالعناصر الأساسية للمناظرة تتشابه مع المحكمة: القضية، فريق مؤيد يشبه الادعاء، وفريق معارض يشبه الدفاع، ولجنة التحكيم التي تشبه هيئة القضاة. المناظرات مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بتخصص الحقوق، بل إنها مرتبطة بكل التخصصات والمجالات. فهي أسلوب حياة نمارسه بشكل يومي دون أن نشعر. لذا، نعم، ساهم تقارب تخصصي مع المناظرات في تطوري بشكل كبير. كيف توازن بين حياتك المهنية والشخصية؟ لا أنكر أنني أواجه تحديًا في هذا الأمر، لكن ما يساعدني على تجاوز هذا التحدي هو مساعدة أهلي. لوالديّ فضل كبير في مساعدتي في بعض الأمور والمهام الشخصية. لولاهم لما تمكنت من الموازنة بين هذين الجانبين. ومن ناحية أخرى، أعمل على ترتيب أولوياتي، حيث تأتي المهنة ودراسة الماجستير على رأس الأولويات حاليًا، تليها باقي الالتزامات العائلية والاجتماعية. ما هي هواياتك أو اهتماماتك خارج مجال المناظرات والمحاماة؟ أحب الرياضة منذ صغري. بدأت مع فئة الأشبال في كرة القدم بنادي الأهلي، ثم انتقلت إلى كرة اليد في نادي باربار، وبعد ذلك في نادي الاتحاد. لوالدي دور كبير في اهتمامي بالرياضة، فهو رياضي ولاعب كرة سلة سابق في النادي الأهلي. بالإضافة إلى اهتمامي وحبي للسفر والسباحة والقراءة. ما هي اللحظة الأكثر فخرًا في مسيرتك؟ أن أكون عريفًا في حفل التخرج والأول على الدفعتين 14 و15 في جامعتي. نظرات الفخر من والديّ وعائلتي كانت من أجمل اللحظات وأكثرها فخرًا بالنسبة لي. كيف تصف تجربتك كمدرب ومحكم في المناظرات؟ بعد أن استهواني مجال المناظرات، فكرت في الخطوة التالية. واجهت تحديًا في البداية، حيث إن مجتمع المناظرات في البحرين كان غير مفعّل، فقررت أن أتحرك بشكل شخصي لتطوير نفسي. في فترة كورونا، شاركت في عدة ورش ودورات عن بعد في التحكيم والتدريب مع الفريق الوطني الكويتي ومركز مناظرات قطر. هذه الدورات صقلت شخصيتي وأهلتني للتدريب والتحكيم في مجال المناظرات. النقلة الجوهرية كانت في انضمامي للدفعة الرابعة من أكاديمية النخبة التابعة لمركز مناظرات قطر في 2021. ما هي أبرز المهارات التي يحتاجها المناظر الناجح؟ من أهم مميزات المناظر الناجح أن يكون قارئًا ومستمعًا جيدًا، ومطلعًا على الأخبار. لتتمكن من الرد بشكل جيد في الحوار وإقناع الطرف الآخر، يجب أن تمتلك خلفية ثقافية جيدة. ولتظهر بشكل قوي أمام الجمهور، يجب أن تتمتع بثقة بالنفس، وهذه الثقة تُبنى من خلال معلوماتك وخلفيتك الثقافية. عندما تريد التناظر حول موضوع ما، وإذا كان لديك نقص في المعلومة، ينعكس ذلك سلبًا على أدائك. كما أن سرعة البديهة ضرورية في مجال المناظرات. كيف يمكن للمناظرات أن تسهم في تطوير مهارات التفكير النقدي؟ المناظرة هي وسيلة وأداة لتطوير التعليم والمهارات القيادية والناعمة. في المناظرات، نعلم الفرد كيف يفكر وينتقد الأشياء ويحلل المشكلة مع جميع الحلول. هذه الآلية (مشكلة - حل - نتيجة) مهمة في الحياة بشكل عام، وليس فقط في المناظرات. ما هي أهم المبادئ التي تحرص على تعليمها للمتدربين في المناظرات؟ نواجه في مجتمع المناظرات فهمًا مغلوطًا لرسالة المناظرة السامية. الهدف من المناظرات ليس الفوز فقط، بل تعلم احترام الآخرين باختلاف آرائهم وثقافاتهم ودينهم. يجب أن نتقبل هذه الاختلافات وأن نرد على الآراء بمنطقية واحترام. إذا كانت المناظرة تعني فقط الفوز والخسارة، فإنك لم تفهمها بشكل صحيح. هذا الفهم الخاطئ يعزز الخلافات في المجتمع ويخلق شخصًا متعصبًا لرأيه ولا يحترم آراء الآخرين. كيف يتم تدريب المناظرين؟ في البداية، نقدم للمتدربين مدخلًا إلى فن المناظرات يتضمن الخطابة والأساسيات والأهداف والآداب. نوضح لهم أيضًا أنواع المناظرات وأهدافها، بالإضافة إلى المهارات المطلوبة لتأسيسهم في هذا المجال. كيف كانت تجربتك في تمثيل البحرين في فعاليات المناظرات في قطر وغيرها من الدول؟ تجربة جميلة جدًا وشعرت بالفخر. لكنها في النهاية تكليف وليس تشريف. الحمد لله، حققنا إنجازات رغم الجهود المتواضعة في مملكة البحرين التي نحاول النهوض بها. ما هي التحديات التي واجهتك في هذا الدور؟ من أبرز التحديات التساؤلات المستمرة من زملائي في المجال خارج البحرين حول أسباب الانقطاع والركود في مجال المناظرات في البحرين رغم وجود الطاقات. نحن نسعى جاهدين، وقد نفذنا عدة برامج في مدينة الشباب 2024 ونتطلع للمزيد. كيف تؤثر المناظرات على المجتمع البحريني؟ أولًا، تعزز ثقافة الاختلاف واحترام الرأي الآخر. كما تساهم المناظرات في النهوض باللغة العربية الفصحى، حيث تجري المناظرات باللغة العربية. بالإضافة إلى ذلك، تعزز المناظرات مهارات الشباب القيادية والناعمة، مما يساعدهم على التفكير من زوايا مختلفة وفهم الآخر بشكل أفضل. هل ترى أن هناك اهتمامًا متزايدًا بالمناظرات في البحرين؟ نعم، بشكل متزايد. سنة بعد سنة تتزايد الفعاليات والبرامج في مجال المناظرات وتتوسع لتشمل فئات متعددة. في هذا الصيف، كان هناك برنامجان للمناظرات في مدينة الشباب: الأول هو "رواد المناظرة" للفئة العمرية من 18 إلى 29، والبرنامج الثاني هو "قادة المستقبل" للفئة العمرية من 12 إلى 14. من المهم نشر هذه الثقافة بين كافة الفئات، ونحن نسعى لذلك. كيف تعتقد أن المناظرات يمكن أن تساهم في تعزيز الحوار بين الشباب؟ نعم، وبشكل كبير. فبمجرد أن نعلم الشباب أساسيات المناظرات وبناء الحجة والتفنيد، يبدأون بتطبيق ذلك في حياتهم اليومية، فتتحول حواراتهم ونقاشاتهم إلى نقاشات منطقية ومُنظمة. ما هي الفوائد التي يمكن أن يحصل عليها الطلاب من المشاركة في المناظرات؟ الفوائد الشخصية كثيرة، فالمشاركة في المناظرات تعزز العديد من المهارات المهمة. من جانب آخر، تمنحك المشاركة في المناظرات فرصًا لتمثيل البحرين خارجيًا إذا أثبت نفسك داخل البحرين، بالإضافة إلى فرص لتصبح مدربًا أو محكمًا أو باحثًا في هذا المجال. كيف تؤثر المناظرات في القضايا الاجتماعية؟ المناظرات ولغة الحوار تلعبان دورًا رئيسيًا في حل النزاعات. فهي أقوى وسيلة لحل القضايا الاجتماعية وتحقيق التفاهم بين الأطراف المتنازعة. ما هي رؤيتك لمستقبل المناظرات في البحرين؟ لدينا استراتيجية ممتازة ولكن مليئة بالتحديات. نسعى لأن يحصل كل شاب مهتم بالمناظرات على فرصة لدخول هذا المجال. المستقبل سيكون واعدًا في هذا المجال بإذن الله. نصيحة للشباب الراغبين في دخول مجال المناظرات المناظرات مجال ممتع سيغير حياتكم وتفكيركم، لكنه ليس سهلًا، وقد كان محصورًا في الماضي على النخب. الفرص التي تُتاح لكم اليوم لم تكن متوفرة في فترات سابقة. لذا، لكل شخص مهتم بهذا المجال، أشجعه على دخول عالم المناظرات، وأنا شخصيًا مستعد لمساعدة أي شخص يطمح في هذا المجال. كيف تقيّم نجاح المناظرات في البحرين حتى الآن؟ أقيّم النجاح الحالي للمناظرات في البحرين بـ 6/10، ونطمح لرفع هذا التقييم. هناك قصور كبير في هذا المجال، لكننا نسعى جاهدين لتعويض ذلك. إذا أردنا القول إن تجربة البحرين في المناظرات ممتازة، يجب أن نصل إلى مرحلة يكون فيها كل مدرسة وجامعة تحتوي على نادٍ للمناظرات، وحين نسأل أي فرد عن المناظرات، يجب أن يكون هذا المصطلح معروفًا ومفهومًا للجميع. حاليًا، مستوى المناظرات لا يرقى إلى المستوى المطلوب، ولتطوير هذا المجال، نحتاج إلى تكاتف الجميع للوصول إلى النتائج المرجوة. هل لديك أي اقتراحات لتحسين المشهد الحالي للمناظرات في البحرين؟ المناظرة لم تعد محصورة على النخب فقط، بل أصبحت متاحة للجميع. يجب أن تكون المناظرة متاحة لجميع الفئات دون استثناء. بالإضافة إلى ذلك، يجب عقد شراكات مع الجامعات والمدارس لتعزيز نشر هذه الثقافة بشكل أوسع. الأهم من ذلك هو الاستدامة، ولن يتحقق هذا إلا من خلال تمهيد الطريق أمام الشباب البحريني الشغوفين بهذا المجال. رسالة أخيرة توجهها للمهتمين بالمناظرات؟ المناظرات هي أسلوب حياة. أدعوكم جميعًا لدخول هذا المجال ولا تترددوا في التواصل معي أو مع فريق "مناظرات البحرين" لمساعدتكم وإرشادكم. عالم المناظرات هو عالم مليء بالإيجابية، وسيُساهم بشكل كبير في زيادة إنتاجيتكم وتطوركم. لا ننسى أن المناظرات تعطي بقدر ما تعطيها من جهد، وستكون أفضل وسيلة للدفاع عن مبادئكم وقيمكم، خصوصًا في ظل ما يُسمى "الحرب الناعمة".