Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 06/Dec 05:30

جامايكا: كينغستون وتراث الريغي.. نبض الثقافة الكاريبية

تُعد جامايكا، هذه الجزيرة الساحرة في البحر الكاريبي، أكثر من مجرد شواطئ رملية بيضاء وغابات استوائية مورقة. إنها مهد ثقافة عالمية، وجذور موسيقية عميقة الأثر، لا سيما موسيقى الريغي (Reggae) التي اشتهرت عالمياً على يد أسطورتها بوب مارلي. تمثل جامايكا مزيجاً فريداً من التاريخ الأفريقي والأوروبي، والتراث الموسيقي الحي، والمجتمع الذي يتمسك بهويته الصارمة والمرنة في آن واحد. وفي قلب هذه الأمة النابضة بالحياة تقع العاصمة كينغستون (Kingston)، التي لا تشتهر بكونها مركزاً سياسياً فحسب، بل هي قلب الثقافة الجامايكية النابض وموطن الروح الحقيقية لموسيقى الريغي، حيث ولدت ونشأت وانتشرت إلى بقاع العالم. كينغستون: عاصمة الريغي ومتحف بوب مارلي كينغستون ليست مجرد مدينة؛ إنها متحف حي لموسيقى الريغي. هذا النوع الموسيقي، الذي نشأ في جامايكا في أواخر الستينيات، هو أكثر من مجرد نغمات؛ إنه صوت المقاومة الاجتماعية، والروحانية، والعدالة، والسلام، المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحركة الرستافارية (Rastafari). وتُعد كينغستون المركز الذي انطلق منه هذا الصوت. يمثل متحف بوب مارلي (Bob Marley Museum)، الذي كان منزلاً للاسطورة الراحل، النقطة المحورية لجميع محبي الريغي. زيارة المتحف تتيح للزوار فرصة للتعمق في حياة مارلي وإلهامه ورسالته العالمية، من خلال معروضات تحفظ مقتنياته وأستوديوه الخاص. كما أن استوديوهات التسجيل الأسطورية الأخرى، مثل استوديوهات تاف غون (Tuff Gong Studios)، لا تزال تعمل في كينغستون، وتستمر في رعاية المواهب الجديدة، مما يضمن أن نبض الريغي لا يتوقف أبداً عن التطور والابتكار في المدينة. الحياة الليلية والنوادي: موطن الدانسهول (Dancehall) بالإضافة إلى الريغي الروحي الكلاسيكي، تُعد كينغستون مركزاً لموسيقى الدانسهول (Dancehall)، وهي نوع موسيقي مشتق من الريغي ويتميز بإيقاع أسرع وأكثر حيوية. الحياة الليلية في كينغستون فريدة من نوعها وتتركز حول "الدانسهول سيشنز" (Dancehall Sessions) التي تُقام في الشوارع والأندية. هذه التجمعات ليست مجرد حفلات؛ بل هي أحداث ثقافية واجتماعية ضخمة تعرض أحدث صيحات الموضة والرقص والموسيقى المحلية. إن تجربة ليلة في نوادي كينغستون تعني الانغماس في الطاقة الجامحة والإيقاعات القوية للدانسهول، وهي تجربة أصيلة لا يمكن إيجادها في المنتجعات السياحية المغلقة. المدن الأخرى مثل مونتيغو باي (Montego Bay) وأوتشو ريوس (Ocho Rios) تقدم تجارب سياحية فاخرة، لكن كينغستون هي التي توفر الوصول غير المصفّى إلى الثقافة الجامايكية الحقيقية والفن الموسيقي الشعبي. الثقافة والتراث: ما وراء الشاطئ والموسيقى تتميز جامايكا بتنوعها الطبيعي وتراثها المعماري الذي يعود إلى الحقبة الاستعمارية. تُعد كينغستون موطناً للعديد من المعالم التاريخية والثقافية الهامة، مثل المعرض الوطني لجامايكا (National Gallery of Jamaica) الذي يضم مجموعة رائعة من الفنون الجامايكية المعاصرة والتقليدية. كما أن منطقة بورت رويال (Port Royal) التاريخية، التي كانت تُعرف باسم "أكثر المدن شراً على وجه الأرض" في القرن السابع عشر بسبب كونها قاعدة للقراصنة، تقدم نظرة عميقة على تاريخ الجزيرة المعقد. وإلى جانب الشواطئ، توفر المناطق الجبلية المحيطة بكينغستون، مثل الجبال الزرقاء (Blue Mountains)، فرصة ممتازة للمشي لمسافات طويلة واكتشاف مزارع البن الشهيرة عالمياً التي تنتج "بلو ماونتن كوفي". هذه الجوانب تُظهر أن جامايكا هي وجهة ثرية تتجاوز الإيقاعات الموسيقية، وتقدم لزائرها مزيجاً من المغامرة في الطبيعة والتعمق في التاريخ المعقد. في الختام، تُعتبر جامايكا، بتألق كينغستون كنقطة ارتكاز لها، وجهة لا غنى عنها لمن يسعى إلى تجربة ثقافية أصيلة في منطقة الكاريبي. إنها دولة تلتقي فيها الروحانية الموسيقية لأسطورة مثل بوب مارلي مع حيوية الدانسهول المعاصرة، محاطة بجمال طبيعي استثنائي وتاريخ ثري. السفر إلى جامايكا هو دعوة للاستماع إلى نبضها، وتذوق قهوتها، والرقص على إيقاعها، والأهم من ذلك، فهم رسالة السلام والمحبة التي تتردد أصداؤها في كل زاوية من زوايا الجزيرة، والتي تجعلها وجهة خالدة ومؤثرة حقاً. تم نشر هذا المقال على موقع سائح