Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 09/Dec 17:43

مهرجان البحر الأحمر السينمائي حين تعزف جدة النوتة العالمية

إذا ما حكمنا على نجاح أي مهرجان سينمائي بدقّة تنظيمه، وإذا اعتبرنا مستوى الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية معيارًا جوهريًا للحكم على جودته، فإن مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الخامسة، الذي تحتضنه مدينة جدة في الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، يقدّم نموذجًا متكاملًا لمهرجان عالمي استطاع أن يحقق المعادلة الصعبة. فهو يجمع بين الإنجاز الفني الرفيع، وجودة العروض، وحسن التسويق، إضافة إلى الحضور اللافت لعدد كبير من نجوم السينما وصنّاعها ونقادها من مختلف أنحاء العالم. كمهتم بالسينما، أتابع المهرجان وأنشطته عبر حساباته الرسمية في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يسعني إلا أن أثمّن مبادرته المميزة بتكريم الفنانة الهندية القديرة ريكا، إحدى أقوى ممثلات بولييود وصاحبة تاريخ سينمائي حافل. كما شمل التكريم النجم الحائز على الأوسكار مايكل كين، والفنانة الراقية جوليت بينوش, والمخرج الكبير رشيد بوشارب, والفنانة سيغورني ويفر بطلة سلسلة أفلام "فضائي"، وغيرهم من الأسماء التي أثرت السينما العالمية بإبداعاتها. لقد نجح مهرجان البحر الأحمر السينمائي، بتخطيط فكري وفني قائم على التميز، أن يتخطى الحدود الخليجية ويصل إلى فضاءات عالمية أرحب. وليس ذلك بغريب على المملكة العربية السعودية التي باتت تمثل اليوم أحد أعمدة التطور السينمائي في المنطقة، بما سخّرته من إمكانات وبنية تحتية وتشريعات تدعم المواهب، وتؤكد إيمانها برسالة الفن السابع وقدرته على ملامسة الوجدان وتغيير المفاهيم. يعرض المهرجان عددًا كبيرًا من الأفلام القصيرة والروائية والتسجيلية التي تستقطب الجمهور لعدة أيام، وقد نتمكن لاحقًا من تناول بعض هذه الأعمال بالنقد والتحليل إذا ما أُتيح لنا مشاهدتها بعد ختام الفعاليات. لقد أصبح المهرجان اليوم يعزف نوتة مختلفة عن بقية المهرجانات، ويقدّم نموذجًا يحتذى به في التنظيم والاختيارات السينمائية. وما يلفت الانتباه أن المملكة، من خلال هذا المهرجان وغيره من المبادرات الفنية، تؤسّس لمرحلة جديدة من الوعي السينمائي في المنطقة، مرحلة تجعل من السعودية مركزًا مؤثرًا في مشهد الإنتاج والتوزيع واستقطاب المواهب. إنها رؤية طويلة المدى تدرك أن السينما ليست مجرد عروض وأفلام، بل لغة حضارية تفتح نوافذ جديدة للحوار والتقارب بين الشعوب، وتمنح الفن دوره الحقيقي في صياغة الوعي وتوسيع آفاق الإنسان.