الحكومة متفضلة باستملاك العقار بـ 6 ملايين دينار لخدمة 114 أسرة الملاك السابقون:...
Vous n'êtes pas connecté
الحكومة متفضلة باستملاك العقار بـ 6 ملايين دينار لخدمة 114 أسرة الملاك السابقون: الحل يكمن في معالجة الوقف والنظر في حقوق المنتفعين مساحة الأرض 51 ألف متر مربع منها 10,600 وقف “للجعفرية” عوائل جدحفصية: هذه أرضنا منذ 120 عاما.. والوثائق بين أيدينا العوائـل تشكر الدولـة على قرار الاستملاك الأرض بيعت لـ “القطري” دون علمه بالمشكلة تحرك علمائي كبير لولادة حلول شرعية للمنتفعين من الأرض عقود نادي جدحفص تكشف عن اللغز: إيجار للأوقاف توقف فجأة الوثيقة الأخطر.. خطاب في 1971 يحذر من أشخاص مزورين ويسرقون الأراضي نادي جدحفص توقف عن دفع إيجار الأرض (50 دينارا) للجعفرية في 1993 الأرض مملوكة منذ نصف قرن لشخص معروف في الديه والسنابس وكرباباد، ثلاث قرى تقع عند خاصرة العاصمة المنامة، كان الانتظار طويلًا بما يكفي ليتحوّل إلى جرح متوارث. خمسة وعشرون عامًا ظلّت عائلات بحرينية تعيش في بيوت أضيق من أن تحتوي أحلامها في انتظار مسكن يضمهم: غرفة أو غرفتان تُكدّس فيهما أسرة بأكملها، مطبخ بحجم خزانة، وحمام واحد يتناوب عليه الجميع. بعض البيوت جمعت ثلاثة أجيال تحت سقف واحد، لا رابط بينهم سوى ضيق المكان وضيق الصدر. ثم جاء إعلان حكومي جميل، يحمل البشرى للمواطنين من سكنة هذه القرى: استملاك قطعة أرض هائلة، تزيد على 51 ألف متر مربع؛ لبناء مشروع إسكاني. فجأة، كأن شعاعًا اخترق جدار العتمة، 114 أسرة ستجد نفسها على عتبة حياة جديدة: أراضٍ تصل بعض مساحاتها إلى 350 مترًا مربعًا، قيمتها السوقية 130 ألف دينار، مع قرض إسكاني قدره 40 ألفًا للبناء يعاد للدولة بقيمة 20 ألف دينار فقط. بالنسبة لأناس قضوا ربع قرن في الانتظار، كانت الأرقام هذه تعادل الخلاص. انفجرت القرى فرحًا، رجال وزّعوا الحلوى، نساء بكين، آخرون اكتفوا بابتسامة صامتة، كأنهم يخشون أن يستيقظوا من حلم مؤقت. في المجالس ارتفعت عبارات الشكر والعرفان للصنيع الحكومي الذي وصف بـ “الجميل”، وقيل إن الحكومة وضعت إصبعها على الجرح النازف منذ ربع قرن. بدا الحدث كعيد رسم الفرحة على أوجه المئات من المواطنين. لكن، على الشاشات الصغيرة للهواتف النقالة، كانت قصة أخرى تتسرب. وثائق قديمة ظهرت على “إنستغرام” حملتها عوائل من جدحفص، تقول إن الأرض مغصوبة: نصفها وقف للأوقاف الجعفرية، ونصفها الآخر ملكية انتزعت من عوائلهم بطرق ملتوية. في لحظة واحدة، وجد المستفيدون الذي وقعوا على الانتفاع الحكومي الإسكاني للأرض أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه: إن قبلوا المشروع، سكنوا على أرض يقول الشرع إن الصلاة والعبادات عليها باطلة، وإن رفضوه، أضاعوا فرصة انتظروها خمسة وعشرين عامًا. بين النعمة واللعنة، بين البيت المنتظر و “الحوبة” التي يخشاها الناس، تحوّل الحلم إلى معضلة أخلاقية تُشبه محاكمة صامتة. الانطلاقة ومن هنا انطلقت صحيفة “البلاد” في تحقيقها الاستقصائي لسبر أغوار هذه المشكلة المعقدة؛ لتكشف المستور الذي ظل مطويًا وراء الصفقات والأوراق الرسمية. الهدف الأعلى من هذا السعي إمساك الأحداث من تلابيبها بغية الوصول إلى الحقيقة بكل ما استطعنا إليه سبيلا، ومعرفة كيف تحولت الأرض المغصوبة من وقف وأراضٍ عائلية إلى أرض خاصة تتبع شخصية معينة. وبالتالي إلقاء الضوء على الشخصيات التي شغرت وملكت الأرض طوال 100 سنة مضت وصولا لقرار تفضلت به الحكومة على المواطنين باستملاكها لمشروع إسكاني ينتفع به المئات من المواطنين، وما هي الخفايا التي حاول البعض كتمانها لحين اكتمال صفقة المشروع؟ مع كل وثيقة وكل شهادة وكل تصريح، حاولنا رسم صورة دقيقة لما حدث ويحدث خلف الستار، بين ما يظهر على الشاشات وبين ما يخبئه التاريخ والملكية والضمير الإنساني والاجتماعي، ولذلك قمنا بحفر أركيولوجي لوثائق وأحداث التاريخ من أجل إعادة قراءته وتمحيصه وكشف كل ما التبس في ثنايا الأحداث. نبش القصة في سعينا لنبش ما يجب نبشه طرقنا باب النائب ممدوح الصالح، ممثل دائرة ثالثة العاصمة التي يعنيها هذا المشروع، والتي تضم قرى السنابس وكرباباد والديه، التي تقع فيها الأرض التي هي بيت القصيد وعنوان الحديث لما لاكته وتلوكه الألسن على نطاق اختص به أهالي قرى جدحفص والديه والسنابس وكرباباد، وعلى فضاء أوسع شغل جميل البحرين، الرجل الذي من موقعه النيابي اقترح على الحكومة عبر مجلس النواب المشروع الإسكاني الذي طال انتظاره بالنسبة لشرائح عريضة من المواطنين. النائب ممدوح الصالح، كشف لنا عن أن المشروع لم يكن مجرد فكرة عابرة، بل نتيجة لسنوات من العمل والتنسيق، مع جهود حثيثة لإقناع الجهات الرسمية بأهمية تحويل الأرض إلى مشروع يخدم الأهالي. وبيّن أن المشروع كان محل الحديث، ولم يكن طي الكتمان، بل كان معلنًا ومعروفًا لدى الكل في المنطقة وتحديدا حينما شرعت الحكومة في أغسطس من العام 2022 بإجراءات استملاك الأرض، وأصدرت قرارًا بذلك بعد جهد طويل وعمل نيابي محكم، لتبدأ مرحلة حقيقية من التخطيط والتنفيذ. الحملة الانتخابية وبحسب النائب الصالح فإن الأمور لم تخلُ من المفاجآت، فأثناء الحملة الانتخابية التي جرت في نوفمبر 2022، وفي تجمع انتخابي، ظهر شخصان فجأة من بين الجموع وواجهوا الصالح أمام الجمهور، معلنين أن الأرض التي اقترحتها على الحكومة وتحركت لشرائها مغصوبة ولم يكتفوا بذلك، بل أضافوا أن جزءًا من الأرض يتبع إدارة الأوقاف الجعفرية، وأن جزءا أكبر يعود إلى عوائل المنطقة. وبلغة فيها من تهدئة الخواطر وفقًا للصالح، طلب منهم بهدوء مناقشة الموضوع في وقت آخر “هذا ليس وقت إثارة مثل هذه المواضيع، دعونا نتحقق أولًا”. ودعا الشخصين إلى الاجتماع معه لمناقشة الأمر، لكنهما لم يحضرا لاحقًا، بحسب قوله. ووفقًا لحديثه، قام الصالح بعملية التحري في أوساط كبار السن وعوائل الديه، وسألهم عن الأرض، فلم يجد أي مؤشر على أنها مغصوبة، مؤكدًا أن الأرض كانت مملوكة لمواطن معروف وذي اعتبار طبيعي، وتم التواصل معه مباشرة أثناء صدور قرار استملاك أرضه، وهو المواطن البحريني حسين القطري الذي يمتلك الأرض من نحو نصف قرن. المشروع الإسكاني النائب الصالح في تصريح سابق له خص به “البلاد” بشهر يوليو من العام الجاري 2025، كشف عن تفاصيل استملاك الأرض محل إثارة الجدل، إذ أشار إلى أن الحكومة استملكتها بـ 6 ملايين دينار، ضمن مشروع إسكان ضخم تستفيد منه 114 أسرة في دائرته، ضمن برنامج “قرض وأرض” التابع لوزارة الإسكان. من جانبه أيضا، تحدث عن الأصوات التي تقول إن الأرض مسجلة في سجل السيد عدنان أرضَ وقف، وقال “نعم، هناك بعض المشكلات المثارة الآن، لكنها ليست في نطاق مسؤوليتنا حاليًا، لأنها تحتاج للحاكم الشرعي”. ولفت إلى أنه قبل استملاك الأرض قام باتصالات واسعة مع مؤسسات المجتمع المدني ونادي جدحفص، الذي كان لفترة يشغل جزءا من الأرض؛ للوقوف على حقيقة ما يدور من لغط، وتبين أن الأرض تتبع حسين القطري الذي استملكت الحكومة الأرض منه. كما سألت أهالي الديه - والحديث للصالح - ولم يشر أحد منهم قط إلى أن الأرض التي سيقام عليها مشروع الأرض والقرض مغصوبة. حقائق الصالح علق الصالح فقال إن الشخصين اللذين أثارا القضية أثناء الحملة الانتخابية لم يتابعا الموضوع لاحقًا. ومتابعة منه لما أثير، زار رئيس نادي الشباب حاليًا (جدحفص سابقًا) والتقى رئيسه ميرزا أحمد، وهو الرئيس الذي كان يشغر كرسي رئاسة النادي في الثمانينات، والذي كان مستأجرًا للأرض لصالح النادي، وسأل عن دفع الأموال للأوقاف وقتها. واستتباعا، قال إن رئيس النادي ميرزا أحمد، أكد له أن إدارة النادي توقفت عن دفع الإيجار لإدارة الأوقاف الجعفرية بعدما أخبرتهم الأوقاف أن الأرض ليست ملكها. وأشار الصالح أيضا إلى أن رئيس نادي الشباب (جدحفص سابقا) ميرزا أحمد، أخبره أن إدارة النادي اجتمعت مطلع تسعينات القرن الماضي مع مالك الأرض حسين القطري، الذي أكد لأعضاء الإدارة أن ملكية الأرض تتبعه منذ سنين، وليست ملكا للأوقاف الجعفرية أو غيرها. وعلق الصالح بالقول إن هناك علامات استفهام كبيرة بشأن غياب أهالي جدحفص والعوائل طوال هذه الفترة الطويلة التي تصل إلى أكثر من 50 سنة، جازما أنه بعد كل هذه الإثارات لن تُعاد الأرض للأوقاف، مستدركًا أن بعض الأطراف تسعى للحصول على حلول؛ من أجل إيجاد حل إلى الأهالي الذين شملهم مشروع وزارة الإسكان وحل آخر لأراضي الوقف. وشدد بلغة الواثق على أن الأرض لم تكن معروفة بصفتها وقفا، وأضاف: وهذا ما جعلنا نتحرك لتحويلها إلى مشروع إسكان يخدم أهالي الدائرة. وأشار في الوقت نفسه إلى أن مركز شباب الديه كان قد طلب الأرض سابقًا لإقامة ملعب، وتبينوا أن ملكية الأرض تعود لحسين القطري وليست للأوقاف أو العوائل وكان ذلك قبل أكثر من 15 سنة. وأكمل “عندما تواصل مركز الديه مع المالك، الذي يقيم في دبي منذ أكثر من 15 سنة، وافق على المشروع بشرط عدم التعمير على الأرض”. وخلص الصالح إلى أن “الحقائق وقتها كانت واضحة؛ لذلك تحركنا بأن تكون الأرض مشروعا إسكانيا في خدمة أهالي الدائرة كما خطط لها المشروع، بعيدًا عن أي مزاعم أو إثارات قد تحاول قلب الواقع والحقائق على الأرض بأني أعلم أنها وقف مسبقًا”. وذكر أن هذه الأرض كانت وستظل فرصة لأهالي الدائرة لتملك مساكن، وهي في المعنى الإنساني ليست مجرد قطعة أرض، بل مشروع حياة لأكثر من مئة أسرة من أبناء المنطقة. عقد نادي جدحفص وفي سعينا لإماطة اللثام عن كل الملابسات، توجهنا إلى الأسماء التي أثارها النائب ممدوح الصالح في حديثه معنا، وطرقنا باب رئيس نادي جدحفص ميرزا أحمد، الذي كانت له تجربة مباشرة مع الأرض المعنية. في بداية سرده للوقائع أكد ميرزا ما أثير بالقول “نعم، كانت لنا ملاعب خاصة تتبع نادي جدحفص على هذه الأرض، وكنا ندفع للأوقاف الجعفرية مقابل عقد الاستئجار 50 دينارًا، وكان آخر عقد مع الإدارة في سنة 1988. التزمنا بالدفع حتى العام 1993، ثم توقفنا بعد أن علمنا أن الأرض المعنية لا تتبع الأوقاف، بل هي ملك لشخص اسمه حسين القطري”. بحثنا في الأمر - والكلام لمحدثي - إذ بدا أن هناك لبسًا حقيقيًا في الملكية، والسؤال الكبير كان: كيف لإدارة الأوقاف أن تبرم عقدًا مع نادٍ له اعتباره القانوني على أرض لا تتبعها؟! وأضاف ميرزا “بعد البحث والتحري، اكتشفنا أن الأرض بيعت إلى حسين القطري، وهنا تولد شك آخر، لكننا أردنا أن نعمل خارج أي ضبابية أو لبس قانوني. تواصلنا مع المالك مباشرة وطلبنا منه شراء الأرض، لكنه رد نصًا “ما يدخل في مملكتي لا يخرج”، ولكنه لم يمانع أو يطردنا من الأرض وبقينا فيها إلى العام 2006، وخرجنا بعد أن صدر قرار بدمج الأندية في البحرين وتحول نادي جدحفص إلى نادي الشباب الذي يملك مقرًا له في منطقة أخرى الآن. وقبل أن ينهي حديثه، توقف ميرزا برهة وقال “أريد أن أخبرك أنه بعد فترة من هذه الأحداث، توجهت إلى إدارة الأوقاف الجعفرية بصفتي مهتمًا، وسألت أحد المسؤولين الذين أثق بهم هناك عن موضوع الأرض. فرد عليّ بأن الأرض كانت تتبع الأوقاف، لكنه لا يعلم كيف أصبحت أرضًا خاصة لأحدهم. “شباب الديه” في دبي بعد ذلك، وقفنا على موقف مركز شباب الديه والتقينا ممثل المركز، الذي جاء ذكره على لسان النائب ممدوح الصالح في حديثه عن الأرض. تحدثنا مع محمد المولاني، الذي كان مسؤولا في المركز بالعام 2013، وأكد لنا تفاصيل مباشرة عن تحركهم لاستثمار الأرض. قال المولاني “بعد أن ترك نادي جدحفص الأرض وملاعبه، قرر المركز التحرك لاستغلالها لصالح النشاط الرياضي في الديه، وكان ذلك في العام 2013. قمنا بزيارة المالك في دبي، وهو حسين القطري، وتأكدنا من أن ملكية الأرض تعود له بالكامل. المالك لم يمانع استخدام الأرض، لكنه اشترط شرطًا واضحًا: عدم التعمير عليها”. الرواية والرواية الأخرى بعد كل ما دار من شهادات وروايات، كان لزامًا علينا أن نطرق باب العوائل، الذين قالوا إنهم الملاك الحقيقيون للأرض، وأن نسمع حجتهم وما لديهم من وثائق يصفونها بـ “الأدلة القاطعة”. في حديثنا الذي دار مع أحد أحفاد الملاك علي الحواج، فتح وتصفح ملفات الماضي، وثائق وخرائط وشهادات متوارثة. قال الحواج “هذه الأرض لنا منذ نحو 120 سنة مضت، جزء منها موقوف لإدارة الأوقاف الجعفرية، والبقية ملك صريح لعائلتي حسين بن جعفر وعائلة الزيمور وغيرهم. المساحة الإجمالية للأرض تفوق 51 ألف متر مربع، منها ما يزيد على 10,600 متر مربع وقفًا، أي ما نسبته 20.7 %، بينما المتبقي، أي 79.3 %، ملك خاص لعوائلنا”. ثم أضاف بلهجة ممتزجة بالأسف والصرامة “لا أحد ينكر أن الحكومة متفضلة بالمشروع الإسكاني على أهالي المنطقة ونشكرها على ذلك، والحكومة لا تعلم عن مشكلة الأرض، لكن المؤلم أن ممثل الدائرة، النائب ممدوح الصالح، كان على علم بالقضية؛ فقد جلس معه اثنان من ناشطي جدحفص وأطلعوه على التفاصيل والوثائق. لكن الصالح حصر أسئلته في أهالي الديه، بينما هذه الأرض جدحفصية وليست ديهية، والوقف الذي عليها يعود لثلاثة مآتم في جدحفص: مأتم الكامل للنساء، مأتم سلامة، ومأتم البناية”. تسجيل مشبوه وفي إجابته عن السؤال الأبرز: كيف تحولت هذه الأرض من وقف وملكية عائلية إلى يد شخص واحد؟ أجاب الحواج “في العام 1970 كان هناك رجل يعمل في دائرة حكومية مختصة بشؤون الأراضي، تعاون مع آخرين في تسجيل الأرض باسم إحدى العوائل في المنطقة. كانت الأرض غير مسجلة رسميًا لدى السجل العقاري، فتم إدخالها في النظام بطريقة مشبوهة، عبر ثلاثة شهود، وسجلت باسم تلك العائلة. وبعد أيام فقط من التسجيل، قام وكيل العائلة مع الرجلين ببيعها إلى حسين القطري، الذي اشتراها من عائلة بسيطة لا نفوذ لها، بعد طرحها في السوق”. والكلام ما يزال لمحدثي الحواج: إن جميع الأطراف المعنية حينها كانوا “مواطنين بسطاء”، لكن النتيجة أن الأرض خرجت من ملكيتها الأصلية. صمت السنين في روايته لفت الحواج إلى أن الأجداد والآباء لم يصمتوا “رفعوا خطابات متتالية إلى الدولة. أحدها بتاريخ 2 أغسطس 1971 إلى، المغفور له بإذن الله، صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء آنذاك، شرحوا المشكلة بالأدلة وناشدوا سموه محاسبة المتورطين. وبالفعل تمت محاسبتهم وسجنهم، لكن الأرض لم تعد إلى أصحابها، ولا نعلم حتى اليوم لماذا”. القضية 1975/989 وبينما هو يسترسل في الحديث، عرض وثيقة من سجل السيد عدنان، الذي جمع أرشيف الأوقاف في البحرين، مؤرخة بالعام 1975، وتظهر وجود ملاحظة على هامشها تشير إلى قضية برقم 1975/989 عن ملكية الأرض والمطالبة بعودتها إلى أهلها وإلى الأوقاف فيما يخص الجزء الموقوف منها. وخلص الحواج إلى القول بلهجة لا تخلو من الأسى “نحن نطالب بحقنا منذ عقود، وما زلنا نطالب. لكن ما فجّر الأمور اليوم هو إعلان مشروع الديه الإسكاني على أرض نعلم جيدًا أنها مغصوبة. هنا تكمن المعضلة: 114 أسرة تنتظر منذ 25 سنة الحصول على سكن، واليوم يقولون لهم هذه ليست أرضكم، وأن الواقع يقول إن الأرض عليها إشكال شرعي. والناس لا يستطيعون رفض القسائم لأنهم سيخسرون طلباتهم الإسكانية، ولا يستطيعون قبولها بضمير مرتاح لأنها موصوفة بالأرض المغصوبة”. وعندما سألناه عن الحل، أجاب بصرامة “الحل يكمن في معالجة الوقف أولًا، ثم النظر إلى حقوق المواطنين المنتفعين. العوائل المالكة الذين يطالبون بحقهم مستعدون لإيجاد حل حين يضمن حق الوقف ويحفظ كرامة العوائل التي استلمت القسائم. وهناك تحرك علمائي كبير في هذا الملف. وإذا تم إيجاد حل شرعي وقانوني، فنحن على استعداد أن نصدر براءة ذمة بيضاء للمواطنين المنتفعين”. وختم بالقول إن “مشكلتنا ليست مع الأهالي ولا مع الحكومة، بل مع الطريقة التي سُلبت بها الأرض ولم تعد على ما أوقفت عليه ولم تعد للملاك الأصليين أيضًا، وبإيجاد حل حقيقي لمسألة الوقف”. حجج بالوثائق وبعيدًا عن سجالات من يعنيهم أمر هذا الموضوع الذي أشبع ولا يزال بحثًا ونقاشًا وإدعاءً بشأن ملكية الأرض، نقف هنا أمام وثائق الزمن لكي نستنطق التاريخ من أجل أن يقول كلمته المنبثقة من مضمون الوثائق وذلك عبر إجراء حفر عميق في التاريخ المعني بهذه الأرض، وإجراء مسح على الوثائق التي حصلت “البلاد” على نسخ منها. نستنطق الوثيقة الأولى التي يعود تاريخها للعام 1328 الهجري، الموافق 1910 للميلاد، أي قبل 115 سنة. تقول حيثيات وثيقة فريضة الأرض أن أصل الأرض يعود في ملكيتها إلى العوائل الجدحفصية التي كانت ولا تزال تطالب بحقوقها في العقار، وهو ما يعني أن العقار لم يكن أرض بوار أو مجهولة المالك. ذلك كان المحتوى الموضوع للوثيقة السالفة، ولكن ماذا تقول الوثيقة الثانية التي انبثقت من دفتر السيد عدنان الموسوي الذي سجل جميع أوقاف البحرين، والمعتمد لدى إدارة الأوقاف الجعفرية؟ هذه الوثيقة توضح بما ليس فيه لبس، الحدود الموقوفة في الأرض وإلى من يعود وقفها، ويشير نص الوثيقة إلى أن ملكية الأرض الوقفية تعود إلى مأتم سلامة للنساء في جدحفص، ومأتم الكامل للنساء، ومأتم الحريم الملاصق لبيت الشيخ أحمد آل حرز، ويسمى عرفًا اليوم “مأتم البناية للنساء”. وعلى هامش الوثيقة دوّن السيد عدنان ملاحظة مفادتها “لقد تم تقديم دعوى تحت قضية رقم 1975/989 لإثبات الوقف المذكور”. المتعاقبون على الضمان أما الوثيقة الثالثة فهي تتحدث عن فصلين مختلفين للذين تعاقبوا على ضمان العقار موضوع المناقشة من أجل الاستثمار، وتشير الوثيقة إلى أن السيد كاظم الخبار والحاج عباس البناء، والحاج عبدالله المقمم، والحاج سلمان المولاني، تعاقبوا على ضمان الأرض لمدد تتراوح بين سنتين وأربع سنوات من العائلة مباشرة، فيما تعاقب الحاج عبدالله كاظم، والحاج حسن الزاير، والحاج حبيب المبارك، والحاج يوسف الزاير، على ضمان العقار لمدد مختلفة من قبل دائرة الأوقاف الجعفرية، وهنا دلالة واضحة على أن ملكية الأرض تعود إلى العوائل المذكورة أعلاه وجزء منها يعود إلى وقف لثلاثة مآتم. الوثيقة الأخطر لكن ضمن هذه المعطيات هل توقف الأمر على ما أتينا على ذكره سلفًا أم إنه أصبح ككرة الثلج؟ الواقع وكل الدلائل المحيطة به تقول إن أصحاب العقار الأصليين لم يكتفوا بالاحتجاج الشفهي أو اللحظي أو التحذيري بعد أن اكتشفوا أن هناك مدعين آخرين للملكية بوثائق رسمية لا يعرف كيف صدرت. وسعيًا منهم لإثبات عدالة قضيتهم وفك شيفرة “الأرض” وللمطالبة بحقوقهم العقارية والحقوق الوقفية؛ رفع كل من الحاج عبدالحسين بن أحمد بن جعفر، والسيد علي السيد شبر، وخلف بن الحاج أحمد بن خلف، وعلي بن الحاج أحمد بن خلف، والسيد علوي بن السيد باقر، رسالة مناشدة إلى صاحب السمو الملكي، المغفور له بإذن الله، الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة بصفته رئيس الوزراء في ذلك الوقت وذلك بتاريخ 2 أغسطس 1971. لكن الرسالة التي نتحدث عنها لم تكن رسالة بالمعنى الحرفي للكلمة، وإنما كانت أشبه بضرب ناقوس الخطر؛ نظرًا لما انطوى عليه محتواها “بأنه في الآونة الأخيرة تأكد لنا وجود عصابة تضم عددًا لا يستهان به من أفراد المنطقة مضى على تكوينها أعوام عدة، وأن هؤلاء الأفراد جعلوا همهم الرئيس سرقة قطع النخيل والأراضي غير المبنية وغيرها من الممتلكات بطرق غير مشروعة، كتزوير وكالات وفرائض وتزييف أسماء مالكي هذه الممتلكات، حتى بات الواحد منا لا يأمن على بيته القاطن فيه من أن تمتد إليه يد هذه العصابة”. وبواقعية مفرطة قالوا في مواصلة خطابهم “لكي نكون واقعيين في دعوانا، نذكر لسموكم أمثلة لقطع النخيل التي قامت العصابة ببيعها بالطرق الملتوية الآنفة الذكر، حيث ظهرت وثائق بعضها، وبقيت وثائق البعض الآخر موقوفة لدى دائرة التسجيل العقاري، وعلى إثر رسائل الاحتجاج التي رفعت للدائرة من قبل مالكي هذه القطع الأصليين، وإليكم أسماء بعض قطع النخيل المباعة بطريقة التزوير: جوبار المرماري، المواقع في سيحة جدحفص، والعائد للورثة السيد عيسى بن السيد أحمد، حيث زيفت له فريضة وهي موجودة الآن لدى دائرة التسجيل العقاري، وجوبار الجواني، الواقع في سيحة جدحفص والعائد لورثة السيد شرف بن السيد حسن، وجوبار لصباخ الواقع في جدحفص، والمسجل في المسح العمومي باسم أحمد بن خلف بن علي بن أحمد الحواج، حيث زيفت له فريضة تحمل رقم 27/ 1191، بتاريخ 2 صفر 1391 ومقدمة تحمل رقم 1027/ 1971، وتسجيل الوكالة برقم 92/ 1291، بتاريخ 28 محرم 1391، والجوبار الموقوف للأكفان من قبل المرحوم الحاج أحمد بن جعفر في جدحفص، ودولاب الكياس الواقع في جدحفص حيث زيفت له فريضة تحمل رقم 58/ 1391، ووكالة رقم 1855 ورقم مسح 2424”. وأضاف الخطاب “هذه يا صاحب السمو أمثلة للعقارات التي تم بيعها من قبل العصابة، والتي لا نستبعد أن تكون هناك عقارات أخرى غيرها، قد سلبت من أصحابها الشرعيين، وبيعت بالطرق غير مشروعة، التي لا يقرها عقل أو قانون أو دين، هذا وقد خلقت العصابة المذكورة كثيرًا من البلبلة وأثارت شتى المشاكل بين المواطنين أنفسهم من جهة، وقد تثير بلبلة بين المواطنين والمسؤولين من جهة أخرى، لو استمرت في نشاطها الخطير”. السـؤال الأبــرز وفي تطور لافت، وكما أكد علي الحواج في حوارنا معه، اتخذت الحكومة بعد هذا الخطاب الإجراءات القانونية المتبعة في مثل هذه الحالات، وتم تقديم العصابة وكل ما له علاقة بالقضايا المشار إليها إلى العدالة التي عاقبت كل من ثبت ضده بقوة القانون، وختم حديثه الحواج بطرح السؤال التالي “نعم تمت معاقبة الجناة بقوة القانون ولكن لا أعلم لماذا لم تعد الأراضي لملاكها الأصليين”. إلى ذلك علمت “البلاد” أن هناك أيادي بيضاء من رجالات المنطقة، وعددا من علماء الدين، يعملون بصمت من أجل وضع حلول كفيلة بإنهاء هذه المشكلة المتمادية زمنًا، تأخذ في الحسبان رضا الجميع.
الحكومة متفضلة باستملاك العقار بـ 6 ملايين دينار لخدمة 114 أسرة الملاك السابقون:...
ترحب “البلاد” برسائل ومساهمات القراء، وتنشر منها ما لا يتعارض مع قوانين...
ترحب “البلاد” برسائل ومساهمات القراء، وتنشر منها ما لا يتعارض مع قوانين...
مـن لوس أنجلوس إلـى رومـا.. رحلـة عالمية تحمل رؤيـة جلالة الملك المعظم...
مـن لوس أنجلوس إلـى رومـا.. رحلـة عالمية تحمل رؤيـة جلالة الملك المعظم...
أكد أكاديميون أن الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة...
نجح فريق باربار في تحقيق نتيجة الفوز على “الدير” (27 - 28)، في المباراة التي...
نجح فريق باربار في تحقيق نتيجة الفوز على “الدير” (27 - 28)، في المباراة التي...
في ظل رؤية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل...
“لم نفعل شيئاً خاطئاً، ولكننا خسرنا بطريقة ما”. بهذه الكلمات الشهيرة، لخّص...