Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 28/Sep 19:48

الأيقونة كلوديا كاردينالي.. تجسيد لسحر أوروبا ما بعد الحرب

غيّب الموت مؤخرًا عملاقة سينما ستينيات القرن العشرين الممثلة الفرنسية-الإيطالية كلوديا كاردينالي التي رحلت عن 87 عامًا في مقر إقامتها في ضواحي باريس.‮   وأفاد مدير أعمال كاردينالي لوران سافري بأن النجمة رحلت “محاطةً بأبنائها” في نيمور قرب باريس، حيث كانت تسكن، وكتب وكيل أعمالها، في رسالة: “لقد تركت لنا إرث امرأة حرة وملهمة، في مسيرتها كفنانة وامرأة على حد سواء”. مع جمالها الآسر وصوتها الأجش، لم تكتفِ كلوديا كاردينالي بجذب كبار المخرجين الإيطاليين فحسب، ما تحول إلى مسيرة فنية أشبه بالقصص الخيالية بدأ ككابوس. ففي مراهقتها، تعرضت للاغتصاب من قبل منتج سينمائي وحملت منه. ومع خيارات قليلة متاحة في ذلك الوقت، اتخذت قرارًا صعبًا بتربية ابنها باتريك، محاولة “كسب عيشها واستقلالها” من خلال السينما، رغم أنها لم ترغب يومًا في العمل بالتمثيل. وقالت في حوار مع صحيفة لوموند الفرنسية عام 2017: “فعلت ذلك من أجله، من أجل باتريك، الطفل الذي أردت الاحتفاظ به رغم الظروف والفضيحة. كنت صغيرة جداً، خجولة، متحفظة، وقريبة من الوحشية. ولم تكن لدي أدنى رغبة في الظهور على شاشات السينما”. وُلدت كاردينالي في مدينة ”حلق الوادي“ بالقرب من تونس في 15 أبريل 1938 لأبوين صقليين. انقلبت حياتها رأسًا على عقب في سن السادسة عشرة عندما فازت بمسابقة جمال. وتُوّجت بلقب “أجمل امرأة إيطالية في تونس”، وكانت جائزتها رحلة إلى مهرجان البندقية السينمائي، حيث لفتت الأنظار على الفور. وتقول: “كل المخرجين والمنتجين أرادوا مني تمثيل الأفلام، وأنا كنت أقول: لا، لا أريد!”. وفي النهاية، أقنعها والدها “بتجربة هذا الشيء المسمى بالسينما”. ومع بدء حصولها على أدوار صغيرة، تعرضت للاغتصاب. وأقنعها أحد المقربين بأن تلد في لندن سراً وتوكل طفلها لعائلتها. وظل باتريك يُعرف رسمياً بأنه شقيقها الأصغر حتى كشفت الحقيقة بعد سبع سنوات. وقالت: “أجبرت على قبول هذه الكذبة لتجنب فضيحة وحماية مسيرتي“. منذ ذلك الحين، لم تنظر إلى الوراء، حيث انخرطت في العصر الذهبي للسينما الإيطالية رغم أنها لم تكن تتحدث “كلمة واحدة” من اللغة الإيطالية، وتتحدث فقط الفرنسية والعربية ولهجة والديها الصقلية. وفي سيرتها الذاتية “نجومي” التي صدرت عام 2005، كتبت: “في العشرين من عمري، أصبحت بطلة قصة خيالية، رمزاً لبلد بالكاد كنت أتحدث لغته”. تم دبلجة صوتها في أفلامها حتى جاء فيلم فيديريكو فيليني الحائز على جائزة الأوسكار “8 ½” عام 1963، عندما أصر المخرج الشهير على استخدام صوتها الحقيقي. في ذلك العام، وعمرها 25 عامًا، صورت فيلم “الفهد” للمخرج فيسكونتي وفيلم “8 ½” لفيليني في نفس الوقت. وقالت: “فيسكونتي أرادني سمراء بشعر طويل. وفيليني أرادني شقراء”. ووصفها النقاد بأنها “تجسيد لسحر أوروبا ما بعد الحرب”. واحتضنتها هوليوود، رغم أنها رفضت الاستقرار فيها، وحققت نجاحاً كبيراً في فيلم “النمر الوردي” مع بيتر سيلرز، ثم “عالم السيرك” مع ريتا هيوورث وجون واين. وتذكرت كاردينالي: “أفضل مجاملة تلقيتها على الإطلاق كانت من الممثل ديفيد نيفن أثناء تصوير فيلم النمر الوردي. قال لي: كلوديا، بجانب السباغيتي، أنتِ أعظم اختراع لإيطاليا”. ورغم أن الكثيرين رغبوا فيها، قالت إن “حبها الوحيد” كان المخرج النابولي ذو العينين الزرقاوين باسكوالي سكيتييري، والد ابنتها كلوديا، الذي عملت معه في سلسلة من الأفلام على مدار أربعة عقود حتى وفاته عام 2017. واستمرت في التمثيل حتى الثمانينيات من عمرها، رافضةً الخضوع لجراحة تجميلية. وطوال مسيرتها التي امتدت لعقود، شاركت في 175 فيلماً، وكرمها كل من مهرجاني البندقية وبرلين بجوائز فخرية. وفي عام 2017، ظهرت على الملصق الرسمي لمهرجان كان السينمائي وسط ضجة حول تنقيح صور فخذيها لتبدو أنحف. وبصفتها مدافعة قوية عن حقوق المرأة، تم تعيينها سفيرة للنوايا الحسنة لدى اليونسكو في عام 2000 تقديرًا لالتزامها بقضية النساء والفتيات. وقالت: “كان لدي الكثير من الحظ. هذه المهنة منحتني العديد من الحيوات، وإمكانية وضع شهرتي في خدمة العديد من القضايا”.