X

Vous n'êtes pas connecté

Maroc Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 30/Sep 19:25

فضيلة العلواني: دموعنا أمام السرطان قوة ونجاتنا منه بطولة

التجربة لا تستوعبها الكلمات في معظم حالات سرطان الثدي التي وثقتها “البلاد”، كانت المتعافيات يفتخرن بقوتهن ورباطة جأشهن وتماسك أعصابهن أمام هذا الغول الكبير المسمى “السرطان”. لكن فضيلة العلوانـي، محاربة سرطان الثدي، كان لها رأي مختلف؛ إذ تعترف بصدق أن السرطان كان مخيفا ومرعبا ومتوحشا، أفقدها اتزانها وصلابتها، ودفعها في لحظات إلى حد الاستسلام وطلب الموت للتخلص من معاناتها. تقول فضيلة ذلك وهي ترفض أن تجمل التجربة بكلمات منمقة توهم بأن الرحلة كانت سهلة أو أشبه بنزهة. فهي ترى أن الألم والبكاء وانهمار الدموع لا يعبر عن ضعف، بل عن مشاعر إنسانـية حقيقية وصادقة. تجربة السرطان، كما تصفها، مخيفة جدا، ولا تستوعبها الكلمات. لا تقول فضيلة ذلك من باب السلبية، بل من باب الإنصاف؛ فالمجتمع يجب أن يعرف حجم المعاناة الحقيقية، وأن يدرك أن البطولات لا تكمن في إخفاء الدموع، بل في مواجهة المرض بكل ما فيه. النجاة من السرطان بحد ذاتها بطولة وقوة لا تضاهيها بطولة أخرى. أن تهزم السرطان وتعود إلى الحياة من جديد يعنـي أنك شخص استثنائي وبطل، ولا تنتقص دموعك أو قلقك أو خوفك من بريق هذه البطولة شيئا؛ بل يزيدها صدقا وعمقا وإنسانـية. فضيلة العلوانـي لا تزال تشق طريقها نحو التعافي من السرطان الذي عاد إليها مرة ثانـية. بإيمان راسخ بأقدار الله ولطفه، تتلقى صفعات المرض دون أن تنهار أو تفقد توازنها. تتأثر أحيانا، تبكي وتحزن، وقد تستسلم للحظة، لكنها سرعان ما تستعيد قوتها؛ فلا تسقط ولا تنكسر. خوف وهدوء شعرت فضيلة بتغيير في جسدها وكتلة في الصدر، فذهب عقلها وتفكيرها بعيدا ومباشرة إلى احتمال الإصابة بسرطان الثدي؛ إذ توفيت والدتها بسببه، كما فقدت أخاها بسرطان الدماغ. كان عقلها معبأ بالخوف من السرطان، وهي في حالة ترقب وحذر دائمين. وعلى الرغم من شعورها الداخلي السابق بأنها ستصاب بالمرض، إلا أنها شعرت بالصدمة والخوف الشديد، وحرارة الدم، وتنميل في رأسها. لكنها في الوقت نفسه كانت هادئة مطمئنة، بالرغم من تسارع نبضات قلبها. العلاج متعب تؤكد أن العلاج كان متعبا، ويعوق الكثير من الأمور، ويتسبب أحيانا في توقف الحياة وعدم القدرة على ممارسة الأنشطة الاعتيادية. فصعوبات العلاج الكيميائي كثيرة، لكن معظمها يحتاج إلى وقت كي يزول. وتضيف: “أتذكر أننـي تغلبت على بعض الأعراض بالمشي، وأحيانا كانت بعض المشروبات أو المأكولات تحسن المزاج مثل الآيس كريم أو عصير الليمون أو الزعفران، لكن الغالب يحتاج إلى وقت حتى يزول أثره”. جمال الروح لا يصدأ صحيح أن السرطان لم يمس جوهر الروح، لكنه ترك آثاره الواضحة على الجسد؛ فالعمليات الجراحية خلفت ندبات واضحة، واستئصال الثدي ترك أثرا كبيرا على شعورها كامرأة ينقصها أهم ملامح الأنوثة. أما العلاج الكيميائي، الذي خضعت له نحو خمس مرات، فقد قتل الجمال بطرق مختلفة؛ من تساقط الشعر، وتعب البشرة وشحوبها، والجفاف، إلى تأثيره على الهرمونات وتكسر الأظافر وغيرها. ومع ذلك، تصالحت مع تغيرات جسدها، وأصبحت ترى الجمال في صحتها وشخصيتها وابتسامتها، ولم تعد ترى حاجة للجسم المثالي. فجمال الجسد محدود ومقيد بفترة زمنـية، يبهت ويتغير مع مرور الوقت، بينما ما يبقى حقا هو الجوهر والروح. فالروح إذا حافظت على طهارتها ورقيها وصفاء سريرتها، لن تتغير أبدا، على عكس الجسد الذي مهما اعتنـيت به وأسرفت في الاهتمام بمظهره، سيتبدل بفعل الزمن وتقلبات الحياة. تطور الطب أنهى رمزية الموت الفكرة الخاطئة الأكثر شيوعا هي الاعتقاد بأن مرض السرطان مرادف للموت، وهي سردية قديمة ارتبطت بالعقود الماضية، حين كان العلاج محدودا وضعيفا أمام خطر هذا المرض الذي كان يحصد الأرواح بلا توقف. لكن مع التقدم الطبي الهائل، تلاشت رمزية الرعب لهذا المرض، وأصبح العلاج ممكنا والنجاة متيسرة، بشرط أساسي هو الفحص المبكر لاكتشافه قبل أن تزداد شراسته وينتشر في أجزاء الجسم. من هنا تبرز أهمية الفحص المبكر، فهو بمثابة جرعة حياة جديدة، وجواز عبور لتجاوز هذا المرض بسلام. الثقة بالله مفتاح النجاح وتوجه كلمة لمحاربي سرطان الثدي: “ثقوا بالله القوي، فهو بيده أمركم. هذا الإيمان الراسخ يبدد شعور اليأس الذي يجتاح المرضى في ذروة الألم. فلا حدود لحجم الألم، ولا يمكن وصفه أو استيعابه، وتحتاج مواجهته إلى قوى هائلة لتحمله، ولا يكون ذلك إلا بأمور غيبية مستمدة من الله. كلما كنتم أقرب إلى الله تحسنت حياتكم، فهو أنـيسكم في وحدتكم مع المرض، ومصدر المدد المعنوي وطاقة التفاؤل. آمنوا بأنفسكم وبقدراتها، وأحبوها واعتنوا بها؛ فداخل كل شخص نقاط قوة عليه أن يستثمرها ويكتشفها”. الصمود أمام السرطان بطولة بين براثن المرض وفي ذروة المعاناة، كانت ترى نفسها امرأة ضعيفة لا حول لها ولا قوة. أنهكها المرض، وتلاعب العلاج الكيميائي بجسدها، وأغرقها بالألم والأعراض التي لا تحتمل، تاركا بصماته على جسدها وشعرها الذي وجدته يتساقط أمام عينـيها وهو رمز الأنوثة. كان السرطان يفترسها ببشاعة وبلا رحمة، لكنها لم تكن تعلم أن من حولها يرونها قوية وملهمة. كانت تكتشف ذلك بين الحين والآخر في سياق الحديث. فكان صمودها أمام جبروت هذا المرض قوة وبطولة. دروس المرض كل ما أخذه المرض يمكن تعويضه، سواء كانت تغييرات في الصحة أو في الجسم أو على الصعيد النفسي، لكنه أضاف في المقابل خبرات وأعطاها دروسا في التعامل مع الناس، وفي ترتيب الأولويات واتخاذ القرارات. الرغبة في الموت شعرت بلحظات الضعف والعجز وبرغبة في الموت في الآونة الأخيرة، وتمنت لو تستسلم وتنهي حياتها. لكنها دائما تحمل الإيمان والأمل في قلبها، ومؤمنة بأن الله معها وسينقذها في المواقف الصعبة. الجسد يضعف ويتعب ويصبح منهكا من العلاج أكثر من المرض، والعقل والروح يتعبان أيضا. وتتدفق الأسئلة الحائرة: ماذا سيحدث؟ هل سأعيش؟ ماذا سيقول الطبيب في الموعد؟ كل هذه الأمور والأفكار تسبب الضعف والقلق والتوتر. ودائما ما يكون الأمل الموجود في قلبها هو ما يساعدها على التجاوز، ومن حولها يشجعونها ويمسكون بيدها. الجانب الممتلئ من الكأس في رحلتها مع سرطان الثدي، شعرت أكثر من مرة أنها ماتت ثم عادت إليها الروح من جديد؛ فأنت تقترب من الموت الحقيقي وتراه رأي عين. لكنها قطعت مسافة طويلة في مشوار العلاج، وتكمل العلاج حاليا، وهي تنظر دائما إلى الجانب الممتلئ من الكأس. أصبحت تحب نفسها وتقدر ذاتها، وتعيد ترتيب الناس من حولها. تغيرت نظرتها لذاتها، فأصبحت تمنح نفسها الأولوية، ولا ترهق نفسها أو تستنزف طاقتها في فعل ما لا ترغب به مع أشخاص لا يستحقون. بدأت تعتنـي بنفسها أكثر، وتفكر فيما تحب وما تريد، وتقبل دعوة أو ترفض أخرى بناء على راحتها ورضا عقلها وجسدها. المرض كشف النفوس وساعدها المرض على أن تدرك مدى حب واهتمام من حولها؛ فهناك من سقط في الاختبار وتخلى عنها وابتعد، وشعرت بخذلان بعض الناس. لكن زوجها وعائلتها كانوا متفهمين جدا وداعمين بشكل كبير، ما عزز علاقتها بهم أكثر. تنظيم الحياة الجديدة بعد استكمال مراحل علاجها، تتطلع لدراسة مادة كانت ترغب في دراستها بنظام التعليم عن بعد، كما ستكرس جهودها لتربية أبنائها، وتفكر في خوض تجربة العمل. حياتها مزدحمة مع أطفالها، وتقرأ كتب التنمية الذاتية وكل ما يغذي الأفكار الإيجابية والصحة النفسية. حاولت أن تعيد ترتيب أفكارها، وتغير عاداتها الغذائية، وتعيد ترتيب الأشخاص في حياتها، لتضع كل شخص في المكان المناسب. هاجس الخوف من عودة المرض يراودها دائما، لكن عقلها وقلبها وجسدها يخبرونها بأنه لن يعود أبدا، وأن هذه هي المرة الأخيرة. تصالحوا مع تغيرات الجسد؛ فالجمال الحقيقي هو جمال الروح، والابتسامة الصادقة، والشخصية المتزنة، وليس في الجسم المثالي، فجمال الجسد محدود ومقيد بفترة زمنـية، يبهت ويتغير مع مرور الوقت، بينما ما يبقى حقا هو الجوهر والروح. فالروح إذا حافظت على طهارتها ورقيها وصفاء سريرتها، لن تتغير أبدا، على عكس الجسد الذي مهما اعتنـيت به وأسرفت في الاهتمام بمظهره، سيتبدل بفعل الزمن وتقلبات الحياة. لم يعد مرض السرطان مرادفا للموت، فهي سردية قديمة ارتبطت بالعقود الماضية، حين كان العلاج محدودا وضعيفا أمام خطر هذا المرض الذي كان يحصد الأرواح بلا توقف. لكن مع التقدم الطبي الهائل، تلاشت رمزية الرعب لهذا المرض، وأصبح العلاج ممكنا والنجاة متيسرة، بشرط أساسي هو الفحص المبكر لاكتشافه، قبل أن تزداد شراسته وينتشر في أجزاء الجسم. من هنا تبرز أهمية الفحص المبكر، فهو بمثابة جرعة حياة جديدة، وجواز عبور لتجاوز هذا المرض بسلام.  

Articles similaires

Sorry! Image not available at this time

الكشف المبكر يعني علاجا أبسط وأقصر وفرصة أكبر للشفاء من سرطان الثدي

albiladpress.com - 11/Oct 18:44

اختصاصيو الأشعة هم الحاجز الأول في رحلة سرطان الثدي، والمرحلة الأولى التي يخطوها...

رد حماس ... أن تختار وسيلة إعدامها ..!

fatah.ps - 04/Oct 20:24

الكاتب: أكرم عطا الله على امتداد العامين السابقين كنا نكتب كل مرة  أن حركة حماس...

Sorry! Image not available at this time

الدكتورة الريس: 98 % نسبة الشفاء من سرطان الثدي والكشف المبكر يُقلل معدلات الوفاة

albiladpress.com - 13/Oct 19:37

في أجواء مفعمة بالأمل والإصرار، نظمت مؤسسة البلاد الإعلامية فعالية توعوية متميزة...

Sorry! Image not available at this time

الدكتورة الريس: 98 % نسبة الشفاء من سرطان الثدي والكشف المبكر يُقلل معدلات الوفاة

albiladpress.com - 13/Oct 19:37

في أجواء مفعمة بالأمل والإصرار، نظمت مؤسسة البلاد الإعلامية فعالية توعوية متميزة...

Sorry! Image not available at this time

لا تتجاهل التعب عند الاستيقاظ.. قد يكون أول إنذار للسرطان

albiladpress.com - 10/Oct 17:09

حذرت جمعية لأبحاث السرطان في المملكة المتحدة من عارض شائع جدا قد ينذر بالإصابة...

نتائج مشجعة لفحص دم قادر على كشف أكثر من 50 نوعاً من السرطان

almaghribtoday.net - 14:24

أظهرت دراسة حديثة أن فحص دم جديداً قد يفتح الباب أمام ثورة في الكشف المبكر عن...

Sorry! Image not available at this time

تجربة ارتداء “الكيمونو”.. عودة إلى الجمال من قلب اليابان القديمة

albiladpress.com - 07/Oct 20:34

استغرقت الرحلة من طوكيو إلى كيوتو ساعتين فقط بالقطار السريع، لكنها بدت لي كرحلةٍ...

Sorry! Image not available at this time

صحافة البحرين لها السبق في رسائل التوعية بسرطان الثدي

albiladpress.com - 09/Oct 20:10

تصنع صحيفة “البلاد” أثرًا وتأثيرًا مختلفًا في إحياء شهر التوعية بسرطان...

Sorry! Image not available at this time

تجربتي مع ابتكارات LG في كوريا: رحلة إلى المستقبل الذي بدأ اليوم

albiladpress.com - 13/Oct 15:30

منذ لحظة وصولي إلى سيول، كنت أعلم أنني مقبل على تجربة مختلفة. لم تكن مجرد جولة...

Sorry! Image not available at this time

تجربتي مع ابتكارات LG في كوريا: رحلة إلى المستقبل الذي بدأ اليوم

albiladpress.com - 13/Oct 15:30

منذ لحظة وصولي إلى سيول، كنت أعلم أنني مقبل على تجربة مختلفة. لم تكن مجرد جولة...