Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 14/Jan 01:06

متى يكون إفشاء أسرار الصداقة جريمة؟

تستقبل “البلاد” مختلف الاستفسارات وطلبات الاستشارة القانونية. وجرى التعاون مع نخبة من المحامين المرموقين الذين تفضلوا بالموافقة على الإجابة عن استفسارات القراء، التي وصلت لبريد معد الزاوية (shaima.hussain@albiladpress.com) أو عبر حسابات “البلاد” بمنصات التواصل الاجتماعي. وللسائل ذكر اسمه إن رغب.  ومعنا في زاوية اليوم المحامية منيرة فرحان علي.   استودعت أحد أصدقائي سرا، لكنه أفشاه إلى آخر، فهل تعد فعلته جريمة يعاقب عليها القانون؟ بادئ ذي بدء، لابد من تأكيد أن كتمان الأسرار فضيلة سامية وخلق قويم، ومن أهم عوامل زرع الثقة بين الناس. لذلك، فإن إفشاء الأسرار بين الأصدقاء يعد تصرفا غير أخلاقي، حيث تعد الصداقة من العلاقات الإنسانية التي تقوم على الثقة المتبادلة والأمانة وحفظ الأسرار، فالالتزام بكتمان الأسرار في العلاقات الشخصية يعد مسؤولية أخلاقية في المقام الأول. ومن هذا المنطلق، فإن إفشاء السر يعني الكشف عن معلومة خاصة أو سر تم استئمان الشخص عليه، وقد تكون هذه المعلومة شخصية أو مهنية أو معلومات حساسة تتطلب الكتمان، وقد تؤثر على صاحبها عند الإفصاح عنها. وحيث إن من أهم أركان الثقة الالتزام بعدم إفشاء الأسرار التي يبوح بها الأصدقاء، ومع ذلك قد يحدث أن يفشي أحد الأصدقاء سرا تم استئمانه عليه، ما يثير تساؤلات حول المسؤولية القانونية المترتبة على هذا الفعل. لابد من الإشارة إلى أن إفشاء الأسرار في العلاقات الشخصية لا يندرج ضمن إطار السلوكيات المجرمة والمعاقب عليها قانونا، بعكس إفشاء الأسرار في نطاق علاقات العمل والوظيفة العامة والمهن والحرف التي أحاطها قانون العقوبات بسياج من الحماية القانونية بفرض عقوبات قد تصل إلى السجن لمدة خمس سنين لمرتكب هذه الجريمة في غير الأحوال المصرح بها قانونا. إلا أن الأثر القانوني المترتب على إفشاء الأسرار بين الأصدقاء يعتمد على الظروف والملابسات المحيطة به، وعليه، فإذا لحق بصاحب السر ضرر مادي أو أدبي نتيجة لقيام شخص آخر بإفشاء السر الذي استودعه لديه، فقد يُعرض الشخص الذي قام بإفشاء هذا السر للمسؤولية المدنية التقصيرية التي تستوجب التعويض الجابر للضرر، ويعتمد ذلك على وجود ضرر واضح وخطأ مباشر وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر، أي أن الضرر الذي وقع كان نتيجة مباشرة لإفشاء السر.