X

Vous n'êtes pas connecté

Maroc Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 17/Aug 22:41

تجربة: لميس بوحسين.. ملاك وأيقونة متلازمة الداون

“بلا رحمة” مسلسل خليجي عرض في العام 2006، من بطولة الفنانة زينب العسكري، وكوكبة من فناني الدراما الخليجية، وحقق نجاحا وانتشارًا واسعًا وجوائز، وكان من علامات نجاحه شخصية “ود”، فتاة متلازمة الداون، التي أضافات صيتًا للمسلسل وأسرت القلوب ولفتت الأنظار بطبيعتها وعفويتها وكلماتها التي تدخل القلب، وفي ذات الوقت أبكانا مشهد رحيلها التراجيدي. لميس بوحسين هي من جسدت شخصية “ود” لتكون أول ممثلة من متلازمة الداون في الدراما الخليجية. لميس لم تكن تؤدي دورًا تمثيليا، بل كانت تؤدي شخصيتها الواقعية، وكل عباراتها في المسلسل كانت رسائل توعوية من القلب، وصرخة تحرر من قواعد وقيود المتلازمة. فهي شخصية قوية ومستقلة، أتقنت لعبة لوحات البازل، وكأنها تعيد رسم الحياة المبعثرة وتشكلها من جديد. فقاومت الاختلاف لتخرج من إطار المتلازمة وتنطلق في الحياة، متحدية نظرات الشفقة والذهول التي كانت تحاصرها أينما تذهب. أختها ليلى، ملاكها الحارس ومهندسة خطواتها في الحياة، وملهمتها ومعلمتها، مثلما كانت علاقة ود وفجر “زينب العسكري” في المسلسل. وبقدر ما حظيت بوداع يليق بها في مشهد وفاتها في المسلسل، كان رحيلها في الواقع صادمًا وبصمت ودون وداع، بسبب ظروف إصابتها بالكورونا، ما ترك حسرة في أهلها ومحبيها. رحلت لميس ولم ترحل.. ورفيقة دربها أختها ليلى لم تقتنع برحيلها، فابتسامتها لا تموت وضحكاتها لا تنضب، وهي تراها في كل شخص من ذوي متلازمة داون، وتعتبر كل شخص من ذوي المتلازمة هو قضيتها. كان لـ “صحتنا” لقاء مع ليلى يحكي تجربتها. تلقت والدتي الخبر وتقبلته بعد شرح الطبيب، لم يتبادر إلى ذهنها فكرة عدم تقبلها أو إنكارها بقدر ما كانت قلقه على مستقبلها وطريقة تعاطي المجتمع من حولها معها، وكيف سيكون واقعها الاجتماعي بين أقرانها، خصوصا أنه لا أحد منا لديه إلمام أو فكرة عن هذه المتلازمة، سوى أنها تحتاج إلى رعاية خاصة. ما الصعوبات التي واجهتكم مع لميس؟  بدأت الصعوبات من أول يوم لولادتها، ومن أول غمرة لها من أمي، فقد كانت بنيتها مختلفة عن باقي المواليد، وقد واجهت صعوبة في التعامل معها خصوصا في الرضاعة والنظافة الشخصية، فضلا عن ذلك أن ولادتها كانت في فترة غياب شبكات الانترنت الحالية ووسائل التواصل الاجتماعي، ولا توجد أي وسيلة متاحة وفي المتناول للتوجيه بخصوص التعامل مع حالتها، على خلاف الوضع الحالي الذي يفيض بمعلومات في وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة والإعلام والجمعيات الأهلية والنوادي الثقافية، التي توفر مساحة مخصصة لمثل هذه الحالات، يضاف إلى ذلك نظرة المجتمع وصعوبة تقبلها فيه، وطريقة تعامل الغرباء معها، كانت التحديات كبيرة ولكننا تعاملنا معها وفقا لما هو متاح، وتجاوزنا العديد من التحديات مع المجتمع ومعها لتكون إنسانة سوية كغيرها من أفراد المجتمع. ما الفروقات بين أصحاب متلازمة الداون والآخرين؟ نشأت لميس بين 11 أخا وأختا، ولم نكن نعاملها على أنها مختلفة بالرغم من إدراكنا عكس ذلك، كنا نامل أن نتغلب على هذه الفروقات ونتحداها، لأن هذه الحالات غالبا ما يرافقها تأخر في النطق والمشي والإدراك والفهم طبعا، بالإضافة إلى ملامح الوجه وبنية الجسم، ولكن وبالرغم من كل ذلك فقد كبرت لميس وترعرعت في الأسرة بشكل طبيعي.  ما نزال نذكر أول يوم تمكنت فيه من الوقوف على قدميها، وما يزال حاضرا في ذاكرتنا كأنه بالأمس، فهذا اليوم هو الذي عزز  آمالنا في أن نقضي على هذا الاختلاف يوما ما، لتكون فردا مستقلا بيننا. أين تلقت لميس تحصيلها العلمي؟  تلقت لميس كأي طفل تعليمها الأولي من البيت، فكانت أمي تخصص أغلب أوقاتها في تعليمها الحروف والأرقام، وكنت أقوم بتدريسها اللغة الإنجليزية، فيما كانت أمي تخصص لها أوقاتا لألعاي التركيز وتقوية الذاكرة كألعاب البازل، التي كانت تتقنها بشكل غير مالوف. عند بلوغها سن السادسة ولعدم قبول المدارس الحكومية لها، التحقت بدار التأهيل للأطفال المعوقين بمدينة عيسى، كانت هذه المرة الأولى التي تلتقي بها لميس طلابا يشابهونها، وقد ساهم المركز في تقوية قدراتها التواصلية ومهارات الحياة الأساسية. وفي سن العاشرة التحقت بدار بنك البحرين الوطني لتأهيل المعوقين، والذي كان يركز على تاهيل وتنمية المهارات الشخصية كالخياطة والكروشيه.  ثم انتقلت إلى مركز الرحمة، وهو أول مركز متخصص في متلازمة الداون، الذي ركز على تعليم حروف الألوان وربط الجمل، ولكنه لم يكن يلبي طموح لميس، التي كانت تأمل دخول مدارس كسائر أقرانها.  عندما تجاوزت لميس السن القانونية فوق الـ ١٣ وبعد رفضها من المدارس الخاصة كذلك، التحقت في سن الـ ١٦ سنة بمركز العناية بمتلازمة الداون في العام ٢٠٠١، وكان آخر محطة لها، إذ تعززت لديها مهارة الكتابة والقراءة والمخاطبة، وتحسنت لديها مخارج الحروف ومهارات عديدة كاستخدام الحاسوب والطبخ والرياضة، كما اهتم المركز بدمجهم في المجتمع عبر إشراكهم في العديد من الفعاليات المحلية والدولية، وهذا ساعدها في تحسين قدارتها وتعزيز ثقتها بنفسها.  ما تقييمك لمراكز التأهيل في تجربة لميس؟  من واقع تعاملي مع لميس وبالرغم مما تقدمه مراكز التأهيل، مشكورة، إلا أنها في النهاية لا تشكل إلا دور رحمة تسعى لاحتضان فئة معينة من المجتمع، وهذا ما كانت ترفضه لميس لكونها لا ترغب في أن تعامل على أنها مختلفة، وتأسيسا على ذلك وعلى ما كنا نعانيه أثناء إقناعنا للميس بالتوجه إلى هذه المراكز عوضا عن المدارس، فإنني أرى أهمية وجود كوادر متخصصة في المدارس الحكومية والخاصة تحتضن هذه الحالات، لتشجعهم على التعلم وتشركهم في المجتمع بصورة عملية، أو أن يصار إلى خلق فرص تعاون بين وزارة التربية والتعليم وهذه المراكز والدور المتخصصة لتمارس برامجها في مقار المدارس لتحقيق أعلى درجات الاستجابة من قبل هذه الفئة وتحقيق الأهداف المرجوة ضمن فترات قياسية أقصر.  ما أول تجربة عمل للميس؟  كانت أول تجربة عمل للميس في شركة (ذي ون)، حيث عملت مساعد مندوب مبيعات، وكان دورها تقديم الدعم لزملائها الجدد بتسعير البضائع والاكسسوارات والعمل على جعل قسم الأسرة نظيفا ومرتبا. ولكن هذه الوظيفة لم تلاق طموحها وسقف أهدافها، وهو ما جعلها ترفض جميع الفرص التي عرضت عليها لاحقا، لأنها كانت تجد نفسها قادرة على أداء عمل يفوق ما كان يعرض عليها، وكان أملها العمل في بنك البحرين الوطني، وقد طلبت ذلك على الهواء مباشرة في مقابلة تلفزونية بقناة مملكة البحرين، وقد سمع البنك نداء لميس وأمنيتها، وتم توظيفها فعلا في البنك، وقد كانت شخصية محبوبة من فريق العمل بالبنك، وكان حضورها يبعث التفاؤل والمرح بينهم، وكانت تلقى اهتماما كبيرا منهم وتشجيعا، ومنحها ذلك فرصة التعامل مع مختلف شرائح المجتمع وتمييز شخصياتهم وتمكينها من خلق علاقات ومعارف جديدة.  في النهاية أنا أؤمن بأهمية دمج أصحاب هذه المتلازمة ضمن وظائف حقيقة يحتاجها أصحاب العمل، وهم على تقبل لمثل هذه الحالات، وليس في وظائف رمزية أو إنسانية، لتشعر هذه الفئة بأنها جزء فعال ومنتج في المجتمع، والقضاء على ذلك الشعور الذي يراودهم بأنهم عالة على المجتمع الذي يعيشون ضمنه.  كيف كانت تجربة لميس في مسلسل “بلا رحمة”؟  كانت لميس شخصية تعشق التحدي، تعشق الشهرة، فكانت ترغب في المشاركة بعروض الأزياء، والتمثيل وكانت تقوم بأدوار متعددة، ولكن بقيت هذه الموهبة لديها مستحيلة في ظل تلك الفترة، ولكن لا مستحيل طالما كان هناك أمل، فقد جاءها عرض لمشاركة الفنانة القديرة زينب العسكري في مسلسل بلا رحمة، لتقوم بدور شخصية من متلازمة داون اسمها ود، وهي أخت فجر التي اشتهرت بالثراء، وتقوم بهذا الدور الفنانة زينب العسكري.. كانت أحداث المسلسل تنتهي باستغلال ود واغتصابها، وقد رفض والدي أن تشارك في المسلسل بداية، ولكنه اقتنع بعد أن أوضحنا له أنه سيساهم في نشر الوعي لمن هم مثل لميس خصوصا أنها الفرصة التي كانت تنتظرها لميس وأن رفضها سوف ينهي تحقيقها نهائيا.  لم يكن لها نص حواري، ولكن بسبب حماسها وشغفها أضيف نص حواري صغير، والفنانة زينب العسكري منحتها مطلق الحرية، وفاجأتهم لميس بحديثها وجرأتها، وكانت تتدخل وتضيف ملاحظات أيضًا. وتم عرض المسلسل في العام 2006 وكان عمرها آنذاك 20 عاما، ومنحها هذا المسلسل شعور التميز، فلأول مرة تشعر أنها في مكان تريد أن تكون فيه، فقد أضاف وجودها صيتا قويا للمسلسل وشيئًا مميزا، وحقق لفتة مهمة لمتلازمة الداون. وحققت حلم الشهرة أيضًا، فأصبح يشار إليها بالبنان، فيلتف حولها الناس أينما ذهبت للسلام عليها ويثنون على شجاعتها. فذات العيون التي كانت تنظر لها بشفقة وأحيانا بازدراء أصبحت تنظر لها بنظرة انبهار وفخر. وتم الاحتفاء بها أيضا في برنامج خير مع معصومة عبدالكريم وسط حضور صاخب وأمام الأنظار.  ما النصائح للتعايش مع متلازمة الدوان؟  أهم نصيحة هي معاملتهم على أنهم أسوياء داخل الأسرة، وتقديم النصائح لهم وتوجيههم عند الخطأ، وتأنيبهم عند اللزوم، ومشاركتهم الأفراح والأحزان، وترك مساحة لهم للخروج من المنزل ضمن ضوابط محددة، والتشجيع عامل مهم، ومنحهم المكافأة على العمل مهم جدا، وحرمانهم كذلك، ومنحهم الثقة وتكليفهم بمهام معينة بحسب قدراتهم لتنميتها، أما على صعيد المجتمع فلا يوجد أهم من تقبلهم، وعدم معاملتهم معاملة مختلفة أو استصغارهم أو النظر إليهم بنظرات دونية، فهم سواسية لنا في البشرية.  هل انتهت قصتك مع متلازمة الداون برحيل لميس؟  لميس لم ترحل، كان لها رسالة توصلها، كان لها صوت ترغب في إيصاله للجميع، لميس تركت بصمة وأملا في كل أسر زملائها وزميلاتها ممن هم في مثل حالتها، لقد بنت لميس طريقا في كل جزء منه قصة نجاح رافقه أمل، وزينته بأفكار وإلهام، ليمشي عليه من ورائها العديد ممن يعرفونها أو سمعوا بها، فلا تزال العديد من الأسر ممن لديهم حالات الدوان يتواصلون معي وأنا مازلت أرى لميس فيهم وأقدم الدعم والتوجيه والنصح لهم.  لم تنته قصة لميس، فهي بكل تفاصيلها وثقت في كتاب “كروموسوم واحد لا يكفي”، الذي صدر حديثا، ليوثق قصص نجاحاتها، وليكون تلك اللوحة التي يمكن بالنظر إليها تحقيق الأماني وتحويلها إلى واقع، ومن يعرف لميس قطعيا يدرك مدى قيمة هذا الكتاب ودوره في تأسيس شخصية داون قوية واثقة مصممة.

Articles similaires

Sorry! Image not available at this time

فاطمة المتوج: تجربتي في تدريب “سيدات الصم” جعلتني أدرك تميزهن عن الآخرين

albiladpress.com - 26/Oct 23:24

“الرياضة رسالة سامية وأسلوب حياة وليس مجرد ممارسة بدنية”.. بهذه العبارة...

Sorry! Image not available at this time

نانديتا داس: ”في الهند لا نشاهد الكثير من الأفلام العربية“

albiladpress.com - 04/Nov 19:21

بعد عشرين عامًا من زيارتها لمهرجان القاهرة السينمائي كممثلة شابة في آخر أفلام...

Sorry! Image not available at this time

تأثير مرعب لمشاهير “السوشال ميديا” على المراهقين

albiladpress.com - 25/Oct 22:35

72.6 % من المشاركين يتأثرون سلبا بالمحتوى توجيه أولياء الأمور يحفظ المراهق من...

Sorry! Image not available at this time

تخلينا

albiladpress.com - 25/Oct 22:35

ترحب “البلاد” برسائل ومساهمات القراء، وتنشر منها ما لا يتعارض مع قوانين...

Sorry! Image not available at this time

تخلينا

albiladpress.com - 25/Oct 22:35

ترحب “البلاد” برسائل ومساهمات القراء، وتنشر منها ما لا يتعارض مع قوانين...

Sorry! Image not available at this time

أفضل 7 أفلام لشخصية “باتمان” في السينما

albiladpress.com - 01/Nov 22:46

لا يبدو أن شخصية باتمان في طريقها إلى الاندثار، حصلت الشخصية على نجم خاص في ممشى...

Sorry! Image not available at this time

أفضل 7 أفلام لشخصية “باتمان” في السينما

albiladpress.com - 01/Nov 22:46

لا يبدو أن شخصية باتمان في طريقها إلى الاندثار، حصلت الشخصية على نجم خاص في ممشى...

Sorry! Image not available at this time

فعاليات بحرينية: الهوية الوطنية صمام أمان للتماسك المجتمعي

albiladpress.com - 23/Oct 23:07

أشاد عدد من الفعاليات الوطنية بالتوجيهات السامية لملك البلاد المعظم صاحب الجلالة...

Sorry! Image not available at this time

فعاليات بحرينية: الهوية الوطنية صمام أمان للتماسك المجتمعي

albiladpress.com - 23/Oct 23:07

أشاد عدد من الفعاليات الوطنية بالتوجيهات السامية لملك البلاد المعظم صاحب الجلالة...

Sorry! Image not available at this time

“الخليجية” تختتم فعاليات النسخة الأولى لأسبوع الاستدامة

albiladpress.com - 26/Oct 20:45

اختتمت الجامعة الخليجية فعاليات النسخة الأولى من “أسبوع الاستدامة” الذي...

Les derniers communiqués

  • Aucun élément