Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 27/12/2024 22:46

دار العبادة البهائية محطة للدعاء ودعوة للتآلف

بين حين وحين، قد تسنح الفرصة للناس من كل الأديان والمذاهب لزيارة “دار العبادة البهائية”، والسؤال هو: ”ماذا يحدث في تلك الدار”؟ وليس الأمر سرا! فالبهائيون يؤمنون بأن للدعاء والمناجاة أثرا كبيرا في تطور حياة الفرد والمجتمع، ولهذا فإن مجالس الدعاء في تلك الدار ما هي إلا “اجتماع لأبناء الوطن الواحد من كل أطيافه”، وتعقد هذه الجلسات بشكل مستمر، وتعزز مبدأ العبادة والخدمة، وللبهائيين في البحرين “قصة نشأة”، قد يغفلها الكثيرون، نقترب منها في هذا التقرير: العبادة وخدمة المجتمع يعد مبدأ العبادة والخدمة من المبادئ البهائية، فدار العبادة البهائية فضاء مفتوح للجميع، رجالا ونساء، شبابا وصغارا ومن كل أطياف المجتمع، وتخصص للدعاء وإيجاد التآلف بين القلوب والنفوس، لعبادة الخالق الذي لا شريك له، فالعبادة تنير القلب وتقوي الروح وتحفزهم من أجل المساهمة في بناء المجتمع، وبذلك تتكامل العبادة لله عز وجل وخدمة المجتمع، إذ تلهم الأولى روح الإنسان وتثري الثانية نسيج المجتمع. كل فرد شريك في بناء الوطن وعلى أساس أن كل فرد هو شريك في بناء الوطن والمساهمة في خير الجميع بما أودعه الله سبحانه وتعالى فيه من صفات وقدرات يتميز بها عن غيره، يحتاج الأفراد إلى بيئة تحفز وتبرز هذه الكنوز المودوعة فيهم، وتحميهم من المؤثرات السلبية التي قد تسلبهم هويتهم كأفراد نبلاء خُلقوا لكي يساهموا في بناء حضارة إنسانية دائمة التقدم. ويؤمن البهائيون بأن خدمة المجتمع هي وسيلة لرعاية مشاركة أوسع، إذ يمكن عدّ الخدمة موقفا وسلوكا تجاه الآخرين، وصفة فطرية لجميع البشر تلهمهم العطاء دون توقع مقابل، وفي هذا السياق، يعقد البهائيون العديد من اللقاءات، مثل مؤتمرات بناء المجتمع التي تمنح الفرصة للمشاركين للتشاور عن كيف يمكن لمجموعات من أطياف متنوعة من المجتمع ومن جميع المراحل العمرية، بمن فيهم الأطفال والشباب، العمل بطريقة بناءة معا.  ويعد المعلم أبو القاسم الفيضي، الذي عمل في أربعينات القرن الماضي في مدرسة المنامة الثانوية للبنين، أول مدرسة من نوعها في منطقة الخليج، من الشخصيات التي اشتهرت في المنامة بمحبته للجميع وسعيه لخدمة المجتمع. دع قلبك يشتعل حبا لكل من تصادفه في طريقك البهائية هي إحدى الديانات التوحيدية، ومن تعاليمها: وحدانية الله، فهناك إله واحد فقط وهو الله سبحانه وتعالى الذي هو مصدر كل الخلق، وأن الأديان تأتي من المصدر الإلهي ذاته، وهي بمثابة فصول متتابعة لدين واحد مصدره الخالق العظيم. كما يؤمن البهائيون بمبدأ وحدة الجنس البشري وبأن البشرية في حاجة ماسة إلى رؤية موحدة تجاه مستقبل الإنسانية، وينظر البهائيون إلى التنوع العرقي والثقافي كونه جديرا بالتقدير ومصدرا للثراء. كما يؤمنون بالكتب السماوية وبنبوة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وبأن القرآن الكريم كتاب إلهي، ويؤمنون بعيسى وموسى وجميع الرسل والأنبياء عليهم السلام، وبأن تعاليم المرسلين قدمت الأساس لتقدم الحضارة البشرية. “دين الله سبحانه وتعالى واحد في جوهره”.. هكذا يؤمن البهائيون، بدافع المحبة التي يكنونها في قلوبهم لأخوتهم في الجيرة والوطن من جميع الأطياف، ويعيش البهائيون في مختلف المناطق جنبا إلى جنب مع إخوتهم في المجتمع من جميع الأطياف، لذلك تجدهم يؤمنون بـ ”دع قلبك يشتعل حبا ومودة لكل من تصادفه في طريقك”. كما أن قائمة الشخصيات البهائية البحرينية حافلة بأسماء كثيرة لرجال وسيدات أخلصوا لمجتمعهم، وكانت لهم مساهمات في عملية تنمية وتطور البحرين، وفي مجال التجارة والاقتصاد ساهم العديد منهم في تطوير قطاعات مختلفة والاستثمار في جلب تقنيات حديثة وتطبيق آليات ترفع من مستوى الجودة والكفاءة والإنتاجية، وفيهم أسماء عديدة أيضا برزوا كإداريين ومتخصصين قياديين في قطاع المصارف والبنوك الاستثمارية والتأمين وتطوير الموارد البشرية والمحاماة والإذاعة، كما كان للعديد من البهائيين مساهمات مشهودة في مواقع إدارية وفنية في الشركات البحرينية القيادية كشركة “البا” وشركة نفط البحرين و “بتلكو” و “طيران الخليج”. الشيخ أحمد الإحسائي وفق ما تم توثيقه عن “النشأة”، فالبحرين كانت مقاما لعالم دين من الأجلاء وهو الشيخ أحمد بن زين الدين بن إبراهيم الإحسائي (1166هـ إلى 1241هـ) الذي كان أحد أهم من بشروا علنا بقرب ظهور موعود سماوي ورسالة إلهية جديدة، واتخذ الشيخ أحمد الإحسائي وطلابه من البحث عن الرسول الجديد والتبشير بقرب ظهوره منهاجا للحياة، فقد شد الرحال متنقلا بين مختلف مدن وأرجاء المنطقة يبحث شرقا وغربا، ويبشر الناس ويهيئهم لتلقي النبأ العظيم، واتبعه في ذلك عدد ليس بقليل من مريديه وطلابه، لكن وافته المنية وحمل بعض من تتلمذوا على يديه أفكاره التي آمنوا بها. حضرة بهاء الله جانب آخر يوثقه البهائيون البحرينيون، وهو أن أهالي الخليج كانوا من ضمن أوائل من استقبلوا المبادئ والتعاليم السامية التي جاء بها حضرة بهاء الله، إذ آمن عدد منهم برسالته، وقد ساهم الترابط الاجتماعي بين الأهالي في مختلف أرجاء المنطقة، وروح المودة التي تميز بها سكان الخليج عموما والبحرين خصوصا، على التعايش والاندماج بين مختلف مكونات المجتمع بكل ود ومحبة، فهم أبناء هذه المجتمعات وجزء لا يتجزأ من نسيجها، والبهائيون في البحرين يعملون مع إخوتهم في الجيرة والوطن من أجل رقي وتقدم وطنهم الحبيب بكل عزم وتفان. الروضة الأبدية تسمى مقبرة البهائيين “الروضة الأبدية”، وهي تقع في سلماباد، ويؤمن البهائيون باستمرار حياة الروح وصعودها إلى ملكوت الله بعد وفاة الجسد، أما مراسم الدفن البهائية فتشتمل على غسل وكفن الميت ووضع خاتم عليه نقش يقول “قد بُدئت من الله ورجعت إليه منقطعا عما سواه ومتمسكا باسمه الرحمن الرحيم”، وبعد ذلك، تؤدى صلاة الميت بحضور أسرته وأهله والأصدقاء والجيران من جميع الأطياف، ثم يوارى الجثمان الثرى. وتوجد في المقبرة غرفة خاصة لغسل الموتى، ومكان خاص لتلاوة صلاة الميت، أما مراسم العزاء والتعزية فتتم كما جرت عليها عادات أهل البحرين، إذ يتوافد المعزون على أهل الميت لتقديم واجب العزاء في جو من الهدوء والسكينة، وتحث التعاليم البهائية على أهمية تلاوة الدعاء من أجل الميت وارتقاء روحه طلبا للمغفرة والرحمة له والصبر لأهله وذويه، وكذلك للتفكر في مسيرة حياة الإنسان وأهمية عمل الخير وخدمة المجتمع والارتقاء بالقيم والأخلاق.