Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 07/Nov 21:50

معرض التنقل الياباني 2025.. خارطة طريق لمستقبل التنقل الذكي والمستدام

شهدت العاصمة اليابانية طوكيو، في الفترة ما بين 29 أكتوبر وحتى 9 نوفمبر 2025، انطلاق فعاليات الدورة الجديدة من Japan Mobility Show 2025 أو معرض التنقل الياباني، والذي يقام في مجمع طوكيو بيج سايت هذا المعرض، الذي خلف معرض طوكيو للسيارات العريق، بعد أن أكد مكانته كنقطة تحول لا تقتصر على عرض المركبات فحسب، بل تمتد لتشمل استعراض منظومة متكاملة للتنقل المستقبلي. تحت شعار “فرصة فريدة لاستكشاف مستقبل التنقل”، جذب المعرض رقمًا قياسيًّا بلغ 517 شركة ومنظمة، متجاوزًا بذلك جميع الدورات السابقة، ومؤكدًا على تحول الصناعة من مجرد صناعة سيارات إلى “نظام بيئي للتنقل الشامل” يشمل قطاعات تكنولوجية ولوجستية وخدماتية واسعة. لقد عكس الحضور المكثف للشركات غير المصنعة للسيارات، مثل شركات التكنولوجيا والإلكترونيات والذكاء الاصطناعي، توجهًا اقتصاديًّا واضحًا: مستقبل التنقل مدفوع بالبرمجيات والاتصال والحلول المستدامة. تم الكشف عن كل جديد في السيارات من المنظور الياباني، مع أبرز السيارات والنماذج التي تم الكشف عنها، والتقنيات المحورية التي ستشكل ملامح الصناعة في العقد القادم، إلى جانب التحليلات الاقتصادية لتلك الإعلانات وتأثيرها على السوق العالمية والمحلية. شكلت المركبات الكهربائية (EVs) محوراً رئيساً في المعرض، لكن التركيز لم يكن فقط على مدى البطارية، بل على بناء فلسفات تصميم وهياكل جديدة بالكامل. تحول تويوتا الفاخر وإعادة تعريف لكزس أظهرت مجموعة تويوتا تحولاً استراتيجياً عميقاً. فإلى جانب عرض مفهوم الجيل التالي من كورولا وسيارة الدفع الرباعي لاند كروزر FJ، أعلنت عن إعادة تموضع علامتها الفاخرة “سنتشري” كعلامة تجارية مستقلة ورائدة لمجموعة تويوتا، لتنافس بشكل مباشر أمثال رولز-رويس وبنتلي، وكشفت عن نموذج كوبيه فاخر يُجسد الحرفية اليابانية. لكزس ومابعد الفخامة أما لكزس، فقد قدمت النموذج الأكثر جرأة وإثارة للجدل، وهو LS Concept، وهي سيارة فاخرة مخصصة لكبار الشخصيات بست عجلات، تهدف إلى إعادة تعريف مفهوم راحة الركاب والرفاهية، مما يعكس استعداد لكزس للانخراط في تصميمات أكثر تجريبية وإثارة. إلى جانب ذلك، قدمت لكزس مشروع Lexus House السكني الفاخر، الذي يجمع بين العمارة العصرية والخامات الطبيعية. يتميز المنزل بخطوط تصميمية نظيفة، وأسقف مرتفعة، ونوافذ زجاجية ضخمة تسمح بانسياب الضوء الطبيعي. كما صُممت الطوابق العليا لعرض سيارات المالك ضمن مساحة المعيشة نفسها، لتتحول المركبة إلى جزء من هوية المكان. ولتكمل رؤيتها، كشفت الشركة عن Lexus Hub، وهو مركز مجتمعي مستقبلي يجمع بين التجزئة والمطاعم والفنون والترفيه، ويتميز بسقف شفاف وتصميم مستوحى من هوية لكزس الأيروديناميكية. كما يتضمن المنصة مهبطاً لطائرات الإقلاع العمودي من نوع Joby، في إشارة إلى توجه العلامة نحو التنقل الجوي الحضري. هوندا وسلسلة 0 كانت هوندا في طليعة الشركات التي قدمت رؤية واضحة للمستقبل من خلال الكشف عن سلسلة هوندا 0 الكهربائية، والتي من المقرر إطلاقها عالمياً في عام 2026. تم بناء هذه السلسلة حول مبدأ (Thin, Light, and Wise). هذا المنهج يهدف إلى استخدام منصة EV مخصصة لإنشاء أرضية مسطحة للغاية، مما يسمح بتصميمات داخلية واسعة ومنخفضة الارتفاع، مع تقليل وزن السيارة لتعزيز الكفاءة والمدى، ودمج برمجيات ذكية (مثل نظام التشغيل Asimo OS، المُسمى تيمناً بالروبوت الشهير)، القادرة على تعلم تفضيلات السائق وتحسين تجربة القيادة بشكل مستمر. قدمت هوندا نماذج بارزة ضمن هذه السلسلة، أبرزها Honda 0 Saloon النموذج الرائد الفاخر، وHonda 0 SUV Prototype، بالإضافة إلى النموذج الأولي Honda 0 α SUV الذي يُعتقد أنه مُحسّن للأسواق الآسيوية. وإلى جانبها، قدمت هوندا النموذج الأولي الصغير Super-ONE Prototype، وهي سيارة كهربائية مدمجة تتميز بموقف رياضي و”وضع تعزيز” (Boost Mode) لمحاكاة الإثارة، وقد تُعتبر خليفة محتملة لـ “Honda-e”، مما يؤكد تركيز هوندا على قطاع التنقل الحضري الذكي. مازدا والاستدامة العاطفية كشفت مازدا عن نموذجين رؤيويين تحت شعار “متعة القيادة تدعم مستقبلاً مستداماً”. الأول هو MAZDA VISION X-COUPE، وهي كوبيه كروس أوفر هجينة قابلة للشحن (PHEV) بمدى يصل إلى 800 كيلومتر (بما في ذلك وضع الدفع الكهربائي الخالص لـ 160 كم). يتميز هذا النموذج بمحرك دوار توربيني ثنائي الروتور ونظام (Mazda Mobile Carbon Capture) الذي يقلل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كلما زادت قيادة السيارة، خاصة عند استخدام وقود محايد للكربون مشتق من الطحالب. أما الثاني، MAZDA VISION X-COMPACT، فيُركز على الذكاء الاصطناعي التفاعلي المصمم لتعميق الرابط العاطفي بين الإنسان والسيارة، متصرفاً كـ “رفيق مقرب”. الذكاء الاصطناعي والمركبات المعرفة بالبرمجيات بعيدًا عن هياكل السيارات، كان معرض التنقل الياباني 2025 منصة لعرض الأرقام الجديدة في السباق التكنولوجي، حيث أصبحت البرمجيات والذكاء الاصطناعي هي القوة الدافعة للابتكار. يؤكد العرض القوي لشركات المكونات العملاقة مثل (DENSO) على أن مستقبل السيارات يكمن في تحولها إلى مركبات معرّفة بالبرمجيات (Software-Defined Vehicles - SDVs). عرضت دينسو أجيالها المتقدمة من أجهزة الكمبيوتر المتكاملة للتنقل (Integrated Mobility Computers) التي تدمج وحدات التحكم الإلكترونية (ECUs) المختلفة في نظام مركزي واحد، مما يسمح بتحديث المركبة وتطويرها بشكل مستمر عبر البرمجيات. وتخطط دينسو لإطلاق كمبيوتر التنقل المتكامل هذا، والمجهز بشرائحها الأصلية (SoCs) عالية الأداء والمصممة خصيصًا لبيئات السيارات القاسية، بحلول عام 2029. هذا التحول ليس مجرد تطور تقني، بل هو تحول في نموذج الأعمال، حيث تصبح قيمة السيارة مرتبطة بقدرتها على التطور البرمجي. الاستراتيجيات الاقتصادية وتنافس السوق المحلي والعالمي لم يكن المعرض مجرد استعراض للنماذج، بل كان ساحة لتحديد الاستراتيجيات الاقتصادية للشركات اليابانية والدولية تجاه السوق الياباني المتخصص والسوق الآسيوي الأوسع. السوق الياباني فريد من نوعه بتركيزه على فئة سيارات(Kei-car) الصغيرة جدًّا، والتي تتمتع بمزايا ضريبية وتشغيلية. أظهرت الشركات اليابانية اهتمامها بهذا القطاع من خلال مركبات مثل ميتسوبيشي (Delica Mini) وهوندا (Super-ONE Prototype). في المقابل، شكل دخول العملاق الصيني BYD إلى هذا المعرض لأول مرة حدثاً اقتصادياً مهماً. أعلنت BYD عن إطلاق سيارة RACCO، وهي مركبة كهربائية صغيرة (K-segment EV) مصممة خصيصاً لتلبية معايير السوق الياباني الخاصة بفئة الـ “كي-كار”، في خطوة عدوانية لاقتحام أكبر شريحة سوقية يابانية. كما عرضت BYD شاحنتها الكهربائية T35 ونموذج SEALION 6 DM-i الهجين الفائق، مؤكدة التزامها بتوسيع وجودها المحلي وتوفير سبعة إلى ثمانية طرازات كهربائية وهجينة في اليابان بحلول عام 2027. هذا التنافس يزيد الضغط على الشركات اليابانية في سوقها الأم. إعادة تنشيط نيسان سعت نيسان إلى ترسيخ استراتيجيتها الجديدة “Re:Nissan” الهادفة إلى تنشيط وجودها في السوق الياباني. تمثلت الإعلانات البارزة في نيسان (Elgrand) الجديدة كلياً، وهي سيارة فان فاخرة تُعد أيقونة في اليابان، والتي تم الكشف عنها بتقنية e-POWER الهجينة ونظام الدفع الرباعي الكهربائي e-4ORCE، مع التركيز على التصميم الداخلي المستوحى من الحرف اليدوية اليابانية. تأكيد نيسان على إطلاق سيارة الدفع الرباعي الكبيرة والشهيرة “باترول” في السوق الياباني لأول مرة في السنة المالية 2027، في خطوة لتلبية احتياجات المغامرات المتنامية، وعرضت نيسان تقنيات جديدة مثل Nissan Energy وأنظمة V2H (Vehicle-to-Home)، بالإضافة إلى نموذج “Ao-Solar Extender”، التي تهدف إلى تبسيط ملكية المركبات الكهربائية وتقليل الاعتماد على الشبكة. خارطة طريق للاستثمار في التنقل المستقبلي يؤكد معرض التنقل الياباني 2025 أن قطاع السيارات العالمي يمر بمرحلة تحول جذري. لم يعد النجاح حكرًا على القوة الميكانيكية، بل أصبح يعتمد على التكامل التكنولوجي والبراعة البرمجية. الإعلانات التي صدرت عن الشركات اليابانية والأجنبية ترسم خارطة طريق للاستثمار في ثلاثة مجالات رئيسة: 1. البرمجيات والذكاء الاصطناعي: تزايد الاعتماد على المركبات المعرفة بالبرمجيات (SDVs) كمنصات قابلة للتحديث والتخصيص، مما يفتح آفاقاً جديدة للإيرادات المستمرة. 2. التنويع في الطاقة: الاستثمار في الجيل السادس من تكنولوجيا البطاريات فائقة الشحن، مع الاحتفاظ بمسار تطوير الهيدروجين والوقود المحايد للكربون لضمان مرونة استراتيجية في مواجهة التقلبات الجيوسياسية والطاقة. 3. الاستجابة لخصوصية السوق: التركيز على أسواق متخصصة مثل قطاع الـ “كي-كار” الياباني والتصميمات الموجهة للمستخدم الآسيوي (Honda 0 α SUV)، مع مواجهة التحدي المتزايد من العلامات التجارية الصينية الطموحة. بشكل عام، لم يكن المعرض استعراضاً للسيارات، بل كان مؤتمراً اقتصادياً وتقنياً قدم رؤية شاملة لمستقبل التنقل كأحد أهم محركات النمو الاقتصادي في اليابان والعالم. الذكاء الاصطناعي كمساعد شخصي وملاح أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من تجربة القيادة. قدمت ميتسوبيشي مفهوم ELEVANCE Concept، وهي سيارة كروس أوفر كهربائية هجينة قابلة للشحن (PHEV) تشتمل على تقنية “AI Co-Driver” (المساعد الذكي للسائق) الذي لا يكتفي بالمساعدة في القيادة فحسب، بل يقترح وجهات وأنشطة مصممة خصيصًا لتناسب نمط حياة السائق وتفضيلاته، مما يشجع على الاستكشاف والمغامرة. كما أن نماذج مازدا الجديدة ركزت على الذكاء الاصطناعي التفاعلي لبناء رابط عاطفي مع السائق. هذا التوجه يشير إلى أن الجيل القادم من السيارات سيتجاوز كونه وسيلة نقل ليصبح رفيقاً رقمياً متعلماً.