Maroc - ALBILADPRESS.COM - A la Une - 06/Nov 13:45

واحات مصر الغربية: صمت الصحراء وجمال العزلة

تبرز واحات مصر الغربية كوجهات طبيعية ساحرة تحتضنها أعماق الصحراء الكبرى، حيث تتلاقى الطبيعة البكر مع التاريخ العريق والهدوء الأخّاذ الذي يبحث عنه الكثيرون بعيدًا عن ازدحام المدن. تمتد هذه الواحات بين الصحراء البيضاء والصخور السوداء والكثبان المتحركة، وتُعد ملاذًا للمسافرين الراغبين في اكتشاف أجواء نادرة تجمع بين جمال العزلة وروح المغامرة. من واحة سيوة الشهيرة إلى واحات الداخلة والخارجة والفرافرة، تقدّم هذه المناطق تجربة فريدة تمزج بين الحياة الريفية التقليدية والمناظر الطبيعية المدهشة، لتشكل أحد كنوز السياحة في مصر. سيوة.. واحة العجائب وروح التاريخ تُعدّ واحة سيوة الواقعة بالقرب من الحدود الليبية من أبرز واحات مصر وأكثرها جذبًا للزوّار. تتميز سيوة بثقافتها الأمازيغية الفريدة، حيث لا يزال سكانها يحتفظون بلغتهم وتقاليدهم التي تمتد عبر قرون. تنتشر في الواحة بساتين الزيتون والنخيل، بينما تزيّنها عيون المياه الطبيعية التي تُعد مصدر الحياة فيها. من أبرز معالم سيوة «معبد آمون» في معبد الوحي الذي ارتبط تاريخيًا بالإسكندر الأكبر، وكذلك «جبل الموتى» الذي يضم مقابر تعود للعصرين اليوناني والروماني. إضافة إلى ذلك، تعدّ بحيرة الملح من أكثر المواقع تميزًا، حيث تمنح مياهها الكثيفة طفوًا طبيعيًا يشبه البحر الميت، وتُوفر مشهدًا خلابًا مع انعكاس الشمس عليها. كما تشتهر سيوة بحماماتها الساخنة وعيونها الكبريتية مثل «عين كليوباترا» التي يُعتقد أنها كانت مقصدًا للملوك والملكات. وبالرغم من هدوء الحياة في الواحة، إلا أن المسافر يمكنه الاستمتاع بجولات في الصحراء الذهبية المحيطة بسيارة الدفع الرباعي أو التخييم تحت السماء المرصعة بالنجوم. الفرافرة والداخلة.. لوحات من الطبيعة البكر تقع واحة الفرافرة بين الصحراء البيضاء والداخلة، وتُعرف بسكونها الساحر وطبيعتها الفريدة التي تتجسد في تكوّنات صخرية طباشيرية تأخذ أشكالًا غريبة تشبه المنحوتات الفنية. تُعد الصحراء البيضاء في الفرافرة واحدة من أجمل الظواهر الطبيعية، حيث تتناثر التكوينات البيضاء في مشهد يستحضر خيال الزائر ويُفاجئه بأشكالها المتعددة التي ترسم لوحة سريالية في قلب الصحراء. أما واحة الداخلة فهي واحة خضراء وسط الجفاف، تنتشر فيها القرى القديمة والبيوت المبنية من الطين التي تعكس طابعها الريفي الأصيل. تحتوي على مواقع أثرية مثل معبد «دير الحجر» الذي يعود للعصر الروماني ويتميز بنقوشه الجميلة، بالإضافة إلى قرية «القصر» التاريخية التي تتمتع بعمارة تقليدية تعود للعصر الإسلامي المبكر. ويجد الزائر في الداخلة مزيجًا متناغمًا بين الطبيعة والثقافة؛ فهناك الحقول والمزارع التي تزين الواحة، والينابيع الساخنة التي تجذب الباحثين عن الاسترخاء والعلاج الطبيعي. كذلك يمكن الانطلاق في رحلات سفاري ممتعة بين جبال الصحراء والتخييم حول النار تحت سماء صافية. الخارجة.. مدينة الواحات ومتحف الصحراء تُعد واحة الخارجة واحدة من أكبر واحات الصحراء الغربية وأكثرها تطورًا من حيث البنية الأساسية، وتعرف باسم «مدينة الواحات». تُحيط بها جبال منخفضة وكثبان رملية، فيما تنتشر فيها المواقع الأثرية التي تعود للعصور المصرية القديمة والرومانية والقبطية. من أبرز معالم الخارجة «معبد هيبس» الذي يُعد من أهم الآثار المتبقية من العصر الصاوي الفارسي، ويتميز بزخارفه الدقيقة ونقوشه الواضحة. كذلك توجد مقابر البجوات القبطية التي تُعد من أقدم المدافن المسيحية المكتشفة في مصر، وتضم نقوشًا فنية تحكي قصصًا دينية وبشرية مختلفة. إلى جانب التراث الأثري، تمنح الخارجة زوارها فرصة الاستمتاع بالطبيعة من خلال زيارة الينابيع الدافئة والمزارع المحيطة التي تزخر بأشجار النخيل. وتعدّ المدينة نقطة انطلاق مثالية لاستكشاف باقي الواحات عبر طرق صحراوية تصلها بسيوة والداخلة والفرافرة، مما يجعلها محطة مهمة لهواة الرحلات البرية. في الختام، تمثل واحات مصر الغربية عالمًا متفردًا يفتح أبوابه لمحبي المغامرة والهدوء على حد سواء. فبين صمت الصحراء وجمال العزلة، يجد الزائر ملاذًا يبتعد فيه عن الإيقاع السريع للحياة، بينما يستكشف تاريخًا عريقًا وطبيعة خلابة. إنها وجهة تستحق الزيارة لكل من يرغب في تجربة مختلفة تكشف الجمال المخفي في قلب الصحراء المصرية. تم نشر هذا المقال على موقع سائح